الوطن اليوم /وكالات
سعت الإدارة الأميركية خلال الأسابيع الماضية إلى إعادة فهم الموقف الروسي بشأن سوريا، ولا يبدو أن أولويات الطرفين قد تغيّرت.
تحدثت مصادر صحفية إلى مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية وقال “إن الطرفين متفاهمان على أن داعش يشكّل تهديداً، وأن التعاون بين الطرفين يمكّنهما من تحقيق إنجازات مثلما حدث في نزع المخزونات المعلنة من السلاح الكيمياوي الذي يملكه نظام الأسد”، وأشار المسؤول إلى أن واشنطن ستتابع التحدث إلى موسكو خلال الأسابيع والأشهر المقبلة حول هذه القضية.
لا يشعر المتحدث إلى المسؤولين الأميركيين أن الكثير تغيّر في سياسة أو مقاربة واشنطن من الأوضاع في سوريا، فالموقف الرسمي يبقى محدّداً “بخلق أجواء حقيقية للتوصل إلى انتقال سياسي ممكن في سوريا يتطابق مع بيان جنيف”، كما يشدد الأميركيون على أن بشار الأسد فقد شرعيته، و”أن وجوده على رأس النظام يتسبب بالطائفية والتطرف، ليس فقط في سوريا بل في المنطقة أيضاً”.
تبدي الولايات المتحدة في هذا الوقت حذراً واضحاً حيال الأنباء عن التحركات العسكرية على الأرض، ليس ما فعله تنظيم داعش في تدمر، بل أيضاً تنظيمات المعارضة، فالمسؤولون الأميركيون يرددون وقف داعش وصدّ اعتداءات النظام السوري، لكن التقدّم الذي أحرزته المعارضة السورية خلال الأسابيع الماضية، خصوصاً في إدلب، لا يستدعي ترحيب الإدارة الأميركية، فواشنطن تصنّف جبهة النصرة على أنها تنظيم إرهابي وتعتبر أي تقدّم للنصرة “مثيراً للقلق”.
الأهم في هذا السياق أن الإدارة الأميركية تتمسّك بوصفها للحرب في سوريا على “أنها حرب استنزاف ولا حلّ عسكرياً لها”، ومع ذلك تعمل واشنطن وحلفاء إقليميون على تدريب عناصر من المعارضة.
من المؤكد أن أرقام العناصر التي تدرّبها الولايات المتحدة قليلة جداً لو كان المطلوب هو نشر عناصر في مناطق تسيطر عليها المعارضة، وعليها أن تمنع النظام من قصفها، وتستطيع دحر التنظيم الإرهابي وأخذ المناطق التي يمكن أن يخليها.
بحسب بعض التقديرات العسكرية يجب أن يكون الرقم أكبر من 25 ألفاً من عناصر المعارضة، فيما واشنطن تشرف على تدريب 5 آلاف خلال عامين.
لا يعطي الأميركيون جواباً واضحاً لوجود الفارق الضخم، لكن مصادر دبلوماسية في واشنطن تتابع عملية تدريب عناصر المعارضة السورية في تركيا قالت لمصادر صحفية “إن الهدف هو تدريب قيادات وضباط المعارضة السورية وليس جنودها”، وأن هدف الأميركيين هو إعطاء المعارضة السورية نخبة جديدة من القيادات تستطيع السيطرة على عناصرها الميدانية، وتستطيع أن تتلقّى المساعدات العسكرية والإنسانية، وأن تشرف على استعمالها مثل أي جيش مؤهّل للتحالف مع الأميركيين.
تتضح بعض الأحجية عندما يقول الأميركيون إن الهدف هو بناء قدرات المعارضة السورية إلى أن تتمكن من حماية نفسها من الإرهابيين، وتسيطر بقوة على مناطقها وتتأهّل للجلوس إلى طاولة المفاوضات في المرحلة الانتقالية.
هذه المسيرة الطويلة ربما تأخذ وقتاً إضافياً، خصوصاً أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لم تتزحزح عن موقفها الرافض لإقامة منطقة حظر طيران، رغم مساعي الأطراف الإقليمية وقيادات المعارضة السورية لدى واشنطن، فالإدارة الأميركية مازالت تعتبر أن فرض حظر جوي فوق سوريا يحتاج إلى حشد عسكري كبير يحمي الطائرات والبطاريات المضادة للطيران، كما أن الأميركيين لن يقبلوا إعطاء حماية لمناطق سورية يمكن أن تنتشر فيها أو تتسرّب إليها عناصر إرهابية مثل داعش والنصرة أو حتى عناصر راديكالية من المعارضة السورية.
ولا يبدو أن الولايات المتحدة غيّرت الكثير من مواقفها حيال الوضع في سوريا بعد القمة الخليجية الأميركية، أما روسيا فلم تغيّر شيئاً من مواقفها.