لا تبحث دولة الاحتلال عن السلام ولا تسعي اليه بذات الوتيرة التي تسعي من خلالها الي اثارة التوترات والحروب والصدامات في المنطقة ولا تسعي لحماية كيانها بالسلام والتفاهم مع شعوب المنطقة وإرساء الامن والاستقرار المبني علي الاعتراف بحق تقرير مصير الشعب الفلسطيني وإقامة دولته علي ارضه ,وما تسعي اليه بناء الجدران ونصب المزيد من الاسلاك الشائكة وتنصيب المزيد من بطاريات الصواريخ في كل مكان وصناعة الاف الاطنان من الأدوات الحربية وتكنولوجيا قتل الانسان وتدمير ممتلكاته وهذا يثبت للمرة الالف انها دولة حرب وليس سلام ولا يمكن ان تصبح يوما من الأيام دولة سلام مادام قادتها يصروا علي ممارسة الاحتلال العسكري لفلسطين وممارسة الاستيطان وسرقة التراث والتاريخ والأرض ويصروا علي صناعة اتفاقيات تطبيع وهمية مع حكومات تعتقد ان هذه الاتفاقيات يمكن ان تطيل في اعمار حكامها. ولأنها دولة حرب يصور لها جنونها ان الاخرين سوف يشطبوها عن الوجود لهذا فأنها ككيان عسكري متطرف بالمنطقة تريد ان تبقي بتفوق عسكري مخيف وبالتالي تعتقد ان أي توازن عسكري اخر لأي دولة اخري يمكن ان يهدد وجودها، لذلك فهي تلجأ في المرحلة الحالية لتشكيل التحالفات السياسية والعسكرية تحت زعم ان الجميع مهدد من العدو والذي تعرفه أولا واخير كعدو لها ولحلفائها وللمنطقة ويجب على الجميع العمل معها لإخضاع هذا العدو لمعادلة التوازنات العسكرية بالمنطقة.
تتجهز دولة الحرب لشن حرب علي إيران يمكن ان تأخذ المنطقة لسنوات في صراع دامي دون ان تحقق دولة الحرب أي اهداف مهنا نسأل، هل في الحقيقة تريد دولة الكيان شن حرب علي إيران …؟ وتدمير قدراتها النووية لتعطيل وصولها لامتلاك سلاح نووي…؟، ام ان كل ما تفعله يأتي في إطار خطة تكتيكية متعددة الأهداف والغايات لصالح حصولها اولاً على المزيد من الدعم الأمريكي العسكري والسياسي بما لا يضمن التفوق العسكري في المنطقة الا لها …؟ لكي تصبح دولة الكيان قوة مركزية عظمي في المنطقة ,الهدف الثاني هو التغلغل في العمق العربي وخاصة الخليج والسيطرة علي ثرواته وعقد اتفاقيات استخدام مناطق استراتيجية وإقامة قواعد عسكرية بحجة ان العدو الإيراني هو عدو واحد وعندما يتمكن من امتلاك أسلحة فتاكة فانه يهدد الجميع وليس دولة الحرب وحدها ,ومن خلال سياسة التغلغل هذه تستطع دولة الكيان ان تحقق اهداف اخري طويلة المدي وهو اضعاف تلك الدول وتذويب قوتها العسكرية في حلف مشترك بقيادة مشتركة وهذا يتطلب خطة ما أولها توسيع الحلف الابراهيمي العسكري الذي تقوده دولة الحرب من خلال انضمام كل دول المنطقة السنية الي دائرته وثانيها تأسيس قوة عسكرية كبيرة في المنطقة تمتلك من السلاح يفوق ما تمتلكه ايران والدول والجماعات الحليفة لها .
اذا ايقنا ان دولة الكيان تمتلك خطة تكتيك للموضوع الايران فان ذلك لا ينفي رغبتها في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية سواء بشكل مباشر او غير مباشر من خلال سوريا التي لم تتوقف الهجمات عليها او من خلال عمل عسكري وامني سري يعطل بعض أجهزة الطرد المركزي الحيوية والمسؤولة عن عمليات التخصيب المطلوبة للسلاح النووي , الحقيقة ان دولة الحرب يمكن ان تفعل هذا ولكن ليس في العلن لتتفادي أي ردة فعل إيرانية كبيرة وهنا يمكن ان يقوي الاحتمال الأول في عدم قدرة دولة الكيان مهاجمة ايران لوحدها ,اما شن حرب خاطفة وضربة مكثفة علي مفاعلات ايران النووية تشل كافة أجهزة الطرد المركزي وتدمر قدرات ايران النووية ومفاعلاتها الكبيرة فانا اعتقد ان دولة الاحتلال لا تستطيع وحدها فعل ذلك وما تحاول التخطيط له هو تنفيذ ضربة دولية كبيرة لإيران تقضي علي كل مكونات المنشآت النووية الإيرانية واهمها ( نطنز وبوشهر واراك واصفهان و قم ومحطة فوردو ) وبهذه الطريقة تتفادي دولة الاحتلال ردة فعل إيرانية كبيرة باعتبار ان الهجوم علي ايران جاء بقرار ومشاركة دولية متعددة القوي وبالتالي اذا كانت هناك ردة فعل عسكرية إيرانية تجاه دوله الكيان وحدها فان التحالف الذي شارك في ضرب ايران هو المسؤول عن الرد العسكري الموسع حينها وهذا الاحتمال غير ممكن في الوقت الحالي ولا تستطيع دولة الكيان ان تحشد قوة عسكرية دولية في ظل مباحثات فينا التي لم تصل الي طريق مسدود بعد بل ان المؤشرات تقول ان ايران تتعاطي إيجابيا مع هذه المفاوضات وسمحت مؤخراً لموظفي التفتيش بوكالة الطاقة الذرية الدولية تغير الكاميرات المنصوبة علي مفاعل الطرد المركزي الإيرانية في موقع (كرج) المصنع لأجهزة الطرد المركزي.
قد لا تسمح القوي المركزية بالعالم والتي تفاوض ايران في فينا لهذه المفاوضات بالفشل لان فشلها يعني الذهاب للخيار العسكري ولا تريد هذه الدول في الوقت الحالي استخدام الحل العسكري للازمة النووية الإيرانية مادامت ايران تجلس علي الطاولة وتستخدم هذه الدول سلاح العقوبات علي ايران ولعل دولة الكيان تفهم ذلك لكنها من طرفها ترفع وتيرة التحريض الدولي علي استخدام الحل العسكري وتوحي بمؤشرات عسكرية انها تجهز من طرفها لضربة قوية لإيران وهذا باعتقادي ايحاء تكتيكي اكثر منه خطة للضغط الدول الخمس المفاوضة لبلورة حل عسكري دولي ما يمنع امتلاك ايران القنبلة النووية . ان دولة الكيان تعرف ان شن حرب بشكل منفرد على إيران سيعرض مصالح أمريكا في المنطقة للخطر وسيفجر حرب كبيرة في المنطقة ويعرض كافة مدنها لمخاطر وجودية وسوف تكون كافة المواقع الاستراتيجية الإسرائيلية من مصانع عسكرية وموانئ ومطارات مدنية وعسكرية تحت رحمة الصواريخ الإيرانية بعيدة المدي وبالتالي سوف تشل قدرات دولة الاحتلال العسكرية مما يعني في الحسابات العسكرية خسارة كبيرة لا تستطيع دولة الاحتلال تحملها وحدها.
د. هاني العقاد كاتب ومحلل سياسي