في نهاية ولاية باراك أوباما، يستذكر الإسرائيليون رؤساء أميركيين سابقين أطلقوا تصريحات لم ترق لهم، ففي نهاية ولايته أعلن الرئيس رونالد ريغن عن اعتراف الولايات المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية، بينما أعلن الرئيس بيل كلينتون، في نهاية ولايته أيضا، عن خطة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. والخشية من ما قد يتخذه أوباما من قرارات قبل خروجه من البيت الأبيض، وإذا ما سيقدم اوباما على إصدار إعلان سياسي حول حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وبدء ولاية دونالد ترامب.
خلال فترة الدعاية الانتخابية الامريكية تعامل رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بذكاء خبيث وفضل الصمت على خلاف الانتخابات الامريكية في العام 2012، حتى بعد فوز دونالد ترامب طلب نتانياهو من الوزراء عدم إطلاق التصريحات الصحفية والانتظار، خاصة ان توجهاته السياسية غير واضحة، مع ان اليمين الاسرائيلي يعتبر أن ترامب واحد منهم، بعد أن عبر عن مواقف عنصرية تجاه القضية الفلسطينية قريبة جدا من مواقف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حول “الدولة اليهودية” و”القدس الموحدة” والإستيطان.
محللون إسرائيليون يقولون أنه لا يوجد تناقض في وجهات نظر القيادتين السياسية والأمنية حيال سياسة ترامب الخارجية رغم عدم وضوحها، وإسرائيل تدرك من خلال تصريحات ترامب ومستشاريه اليهود، إن الإدارة الأميركية المقبلة ستكون متساهلة ومتسامحة تجاه إسرائيل بكل ما يتعلق بالصراع، وأنه لن يمنع التوسع الاستيطاني لا في الضفة الغربية ولا في القدس، وأن ترامب لا يرى بتوسع كهذا عقبة أمام السلام.
في إسرائيل يتفق كثيرون مع قادة اليمين المتطرف بان ترامب منهم، حيث يقول رئيس: معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق، أن توجد “نافذة فرص” بالنسبة لإسرائيل بانتخاب ترامب رئيسا، خاصة بعد “السنوات العجاف” في العلاقات بين نتنياهو والرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما.
وقال يدلين في مقال نشر في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الخميس الماضي، “من الطبيعي أنه في إسرائيل يسعون إلى فهم تأثير ترامب على الأمن القومي الإسرائيلي”، وأنه “لا بديل عن الولايات المتحدة كأهم دولة عظمى داعمة لإسرائيل.
فلسطينياً برغم تقديم الرئيس محمود عباس، باسمه واسم دولة فلسطين التهاني القلبية لترامب، متمنيا أن يتحقق بعهده السلام العادل والشامل في المنطقة والعالم أجمع. جاءت ردود الفعل الفلسطينية قلقة ومتوجسة وعبرت عن خوف شديد من فوز ترامب خاصة بعد ما أطلق ترامب ومستشاروه تصريحات أوحت بأنه لا يريد الضلوع بأي دور لحل الصراع وأنه لا يرى بالمستوطنات عقبة أمام “السلام”، وتعهده بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
ردود الفعل الفلسطينية الخائفة من ترامب تعبر عن حال الضعف والعجز الذي يعيشه الفلسطينيين وعدم قدرتهم عن إنهاء الإنقسام ووضع خطة وطنية شاملة لمواجهة الاحتلال، كما تعني أن القيادة الفلسطينية لا تزال تعول على الوعود الأمريكية السابقة والرهان على الولايات المتحدة وان بيدها الحل، وان الطريق الوحيد لديها هو التحرك السياسي والدبلوماسي وانتظار المبادرة الفرنسية بدعم غربي وانتظار المؤتمر الدولي الذي دعت اليه روسيا، ربما هذا يكون مشروع وهذا ما يملكه الفلسطينيون في ظل اختلال موازين القوى وحال الانقسام العربي وانقسام الموقف الفلسطيني.
غير انه غير كافي ولا يعبر عن واقع الحال للفلسطينيين والتغول الإسرائيلي وما تقوبه سلطات الاحتلال من ممارسات يومية واستيطان وقتل وحصار واعتقالات، ومن دون أي رد فعل فلسطيني وبدون خطة وطنية وبرنامج وطني لمواجهة الاحتلال بعبر عن ان الشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال وان له حركة تحرر وطني لمقاومة الاحتلال من أجل الاستقلال والحرية.
القيادة الفلسطينية لا تزال تراهن على حل الدولتين في حين أن هناك إجماع في اسرائيل من اليمين واليسار الصهيوني الذي يدعو لحل الدولتين، لا يرون أية إمكانية بتطبيقه، ويطرحون حلول لا تخرج عن حكم ذاتي وتكريس فصل قطاع غزة عن الضفة والإبقاء على السلطة بوظيفتها الأمنية.
المطلوب هو إعادة الإعتبار للمشروع الوطني وبناء المؤسسات الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني، والأخذ بالاعتبار موازين القوى وحال الإنقسام العربي والدمار الذي تعيشه المنطقة العربية وغياب أي مشروع وحدوي في الأمد المنظور.