يتمسك كثير من الفلسطينيين بجواز السفر الذي تصدره السلطة الفلسطينية، على الرغم من أنه لا يصنف ضمن الجوازات القوية في العالم أو حتى المرغوب في الحصول عليها. غير أنهم يعتقدون أنه أحد عناوين السيادة الفلسطينية بعد عشرات السنين من الاحتلال، ومن حرمانهم من جواز يحمل اسم وطنهم.
لكن المعاناة التي يلقونها في دول كثيرة، وبينها دول عربية، تجبرهم على العودة لإصدار جواز سفر أردني طمعا في حرية الحركة والحصول على تسهيلات أكبر.
وتمنح الأردن الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية جواز سفر بلا رقم وطني، ومن دون أن يتعارض مع ازدواجية الجنسية. وعلى سبيل المثال، يحتاج فلسطيني مقيم في الضفة الغربية يحمل جواز سفر أردنيا للانتظار أسابيع عدة من أجل الحصول على فيزا من تركيا، ويمنع من دخول بلاد عربية، لكنه يسافر فورا إذا كان يحمل جواز سفر أردنيا ولا يواجه تعقيدات.
وقال الناطق باسم الداخلية الفلسطينية صلاح جابر، لـ«الشرق الأوسط» السعودية: «نعم، ثمة عقبات في طريق الجواز الفلسطيني، لكنه اليوم يحظى باعتراف واسع». ووجد جابر حرجا في تسمية دول عربية لا تعترف، حتى الآن، بالجواز الفلسطيني أو تعرقل حامليه، مؤكدا مع ذلك أن حامليه يحظون باحترام في غالبية الدول التي تعترف بفلسطين.
وتمنح السلطة مواطنيها ثلاثة أنواع من الجوازات: العادي ويمنح لحملة الهوية الفلسطينية، والدبلوماسي ويمنح للمسؤولين، وثالث مؤقت للمغتربين.
وجواز السفر العادي (غلافه أسود اللون) يعطى لحملة الهوية الفلسطينية الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويتضمن رقم الهوية، ومدة صلاحيته هي 5 سنوات.
أما جواز السفر الدبلوماسي فلونه أحمر، ويعطى للمسؤولين في منصب مدير عام فما فوق، ويحظى بامتيازات، مثل دخول الأردن ومصر من دون تأشيرة، وله حق الإقامة في أي منهما لمدة ستة أشهر. وقد منح الرئيس الفلسطيني هذا الجواز لمشاهير وكتاب وشعراء وفنانين غير فلسطينيين، ومن بينهم بابا الفاتيكان، والفنان راغب علامة، والشاعر زاهي وهبي.
أما جواز السفر الثالث فيعطى للمغتربين الذين لا يملكون هوية فلسطينية، ويسمح لهم الجواز بالتنقل في العالم باستثناء فلسطين نفسها، إذ ترفض سلطات الاحتلال الإسرائيلية الاعتراف به. وقال جابر: «المشكلة الكبيرة هي مع الاحتلال». وأضاف: «إنهم يرفضون ترقية الجواز إلى جواز دولة، وهو ما من شأنه إذا ما تم أن يعالج كل جوانب الضعف».
وبعدما حصلت السلطة الفلسطينية على اعتراف بدولة غير عضو في الأمم المتحدة، اجتهد الفلسطينيون لتغيير وثيقة السفر التي تحمل اسم السلطة الفلسطينية إلى وثيقة تحمل اسم دولة فلسطين، لكن إسرائيل رفضت الإجراء. وقال جابر: «جواز السفر الحالي مرتبط بالهوية. لا تزال لدينا إشكالية مع مسمى الدولة. الاحتلال الإسرائيلي رفض بشكل قاطع إطلاق مسمى دولة على الجواز، كما رفض تغيير بطاقة الهوية شكلا ومضمونا». وأضاف: «كما هو معلوم إنهم يتحكمون بالمعابر والحدود، وهذا سيحول الضفة إلى سجن كبير، فقررنا الإبقاء على الجواز الحالي لحين الاتفاق».
وينطبق على جواز السفر ما ينطبق على معاملات أخرى لم تستطع السلطة أن تدمغها باسم الدولة، لأن إسرائيل كانت ستعتبرها ملغاة فورا.
أصدر جواز السفر الفلسطيني الحالي في عام 1994، بعد قيام السلطة. وكتب عليه «هذا الجواز صادر بناء على اتفاقية الحكومة الذاتية الفلسطينية وفقا لاتفاقية أوسلو الموقعة في واشنطن بتاريخ 13 سبتمبر (أيلول) 1993. يرجى من ذوي الشأن السماح لحامل هذا الجواز بالمرور من دون أي تأخير أو إعاقة وعند الضرورة حمايته وتقديم المساعدة له».
وغيرت السلطة لون الجواز من أخضر إلى أسود خلال العامين الماضيين، لكن من دون أي تغيير جوهري.
وقال جابر إن أي تغيير حقيقي يستلزم قيام الدولة الفلسطينية، مضيفا: «نحن بحاجة إلى اعتراف كامل بالدولة الفلسطينية». وأضاف «هذا سيعطينا القوة وسيمكننا من تعزيز قوة الجواز». وتابع: «نحن نتطلع للأفضل لكن بحاجة للتحرر (…) وعلى الرغم من الظروف الصعبة، فقد وصلنا إلى مرحلة متقدمة لإصدار جواز سفر إلكتروني.. لقد قطعنا شوطا طويلا، كما أننا اليوم بخلاف دول كثيرة وكبيرة نصدر الجواز لأي مواطن خلال ساعتين فقط».