بعد مرور أربعة أشهر على تولي نفتالي بينيت موقع رئاسة وزراء حكومة الاحتلال، وانتقال بنيامين نتنياهو إلى صفوف المعارضة، يعرف الخصمان المريران أن الساعة الرملية بدأت تنفد، وسيتعين على أحدهما تحقيق الاختراق الذي يطمح إليه للإطاحة بالآخر، من خلال انتهاجهما خططاً سياسية وحزبية، بعضها معروف، والبعض الآخر ما زال قيد المجهول.
وفيما وقف نتنياهو على منصة الكنيست مثل الزعيم “الجريح”، فقد واجهه غريمه بينيت الذي يواجه صعوبة في تثبيت ساقيه السياسيتين، وانتقلا إلى جولة أخرى في الصراع الشخصي والوحشي للسيطرة على المشهد السياسي في دولة الاحتلال، وكأنهما يخوضان سباقا مع الزمن، ويستخدمان في معركتهما هذه كل الأسلحة والوسائل المتاحة، ما قد ينذر بالنهاية السياسية لأحدهما، وليس لدى كلاهما ما يخسره.
رونين تسور الكاتب في موقع “القناة 12″، ذكر في مقاله أنه “رغم إخفاقات الاثنين، فإن نتنياهو وبينيت كليهما تمكنا من خداع الجمهور الإسرائيلي، ورغم أنهما لم يستطيعا حتى اللحظة خلق إحساس لدى المستوطنين بوجود زعيم سياسي حقيقي لديهم، فإن نتنياهو بصورة لافتة يكتسب المزيد والمزيد من المقاعد، وتزداد مكانته القيادية مع تحقق تنبؤاته بتدهور حكومة بينيت التي قامت على أنقاض حكومته السابقة”.
وأضاف أن “استمرار هذه الحرب الطاحنة بين الاثنين، نتنياهو وبينيت، يعطي انطباعا أمام المستوطنين بأن هناك فرصة جيدة أن يكون الصيف السياسي القادم هو الأخير لواحد منهما، وربما حتى لكليهما.. نتنياهو معرض لخطر أكبر من بينيت، بسبب انتظار محاكمته، وإمكانية الشروع في جلسات الاستماع قريبًا، حيث ستتضمن أدلة دامغة على الفساد الذي لحق به وبعائلته، ما تسبب في انتشار حالة من الإحباط بين أعضاء حزبه الليكود، واتهامه بإضعاف مكانته العامة والحزبية”.
إن إلقاء نظرة فاحصة على طبيعة المواجهة الدائرة بين نتنياهو وبينيت تشير إلى أن أحدهما قد يكون لديه القدرة على تقرير المصير السياسي لدولة الاحتلال، رغم أن ذلك يثير استياء كثير من المستوطنين الذين يحق لهم أن يصابوا بالذهول لأن نظامهم السياسي بات محكوما من حزب صغير بستة مقاعد فقط، يترأسه رئيس الحكومة بينيت، مقابل تقديم لوائح اتهام خطيرة بالفساد الشديد لنتنياهو.
الاستياء الجماهيري في دولة الاحتلال
أكثر من ذلك، فإن الاستياء الجماهيري في دولة الاحتلال يصل إلى ذروته عندما تسفر استطلاعات الرأي الأخيرة عن تراجع حصة بينيت في الكنيست لتصبح 4 مقاعد فقط، ما يعني أن هذا الحزب بات يفتقد للشرعية الدستورية، ولم يعد له مكان حقيقي داخل الخريطة السياسية اليمينية، ومن شأنها أن ترى أن فترة ولايته غير معقولة سياسيًا.
وإذا كان هذا الوضع الخاص برئيس الحكومة بينيت، فإن الأمر بالنسبة لزعيم المعارضة نتنياهو، يتعلق برفضه من الأساس أن يفهم بنفسه عدم احتمالية بقائه في موقع الحكم في ظل تقديم لوائح اتهام جنائية ضده.
في المحصلة، فإن استمرار فقدان بينيت لمزيد من مقاعده البرلمانية في ضوء استطلاعات الرأي، فإن ذلك يعني أنه على وشك عدم اجتياز نسبة الحسم في أي انتخابات قد تحصل بين حين وآخر، وبالتالي ستبدأ حملة عامة صعبة وصاخبة تحرمه من حقه في اتخاذ القرارات، أو قيادة السياسة الخارجية، أو إرسال القوات إلى المعركة.
هذا يعني أن الاستقطاب الحاد بين نتنياهو وبينيت من المتوقع أن يؤدي إلى مزيد من تمزيق المجتمع في دولة الاحتلال مرة أخرى، وقد يؤدي إلى تفكك الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة، أو الإعلان عن انتخابات مبكرة.