تحدث خبير عسكري إسرائيلي اليوم الثلاثاء، عن “سيناريو الحرب القادمة في قطاع غزة” بعد فترة طويلة من وقوف الاحتلال على مقربة من تنفيذها.
وقال عمير ربابورت، في ورقة بحثية مطولة نشرت بصحيفة “مكور ريشون” العبرية إن هذا السيناريو يشمل مكونات الحرب، والتأثيرات التي ستلقي بظلالها على طبيعتها، ومدتها الزمنية، وعنصر المفاجأة، وغيرها من المركبات.
وأضاف ربابورت إن “الحرب القادمة في غزة لن تكون شبيهة بالجولات العسكرية الأخيرة أمام حماس: الرصاص المصبوب 2008 ،عمود السحاب 2012 ،الجرف الصامد 2014 ،في ظل العديد من الاعتبارات العسكرية والتفاصيل العملياتية”.
وبشأن المدى الزمني، أكد ربابورت أن “أحد الدروس المستفادة من الحروب الإسرائيلية السابقة على غزة أنه كلما طالت المعركة من الناحية الزمنية فلن يكون ذلك في صالح إسرائيل، ويبدو واضحا أنه من جولة لأخرى يزداد المدى الزمني لكل مواجهة، حتى قاربت المعركة الأخيرة على الشهرين”.
وقال إنه “رغم أن القبة الحديدية وضعت صعوبات أمام حماس، لكنها شكلت لنا نحن الإسرائيليين إشكاليات أيضا؛ لأنه كلما زاد عدد أيام القتال، فإنه يتطلب المزيد من بطاريات القبة الحديدية، فضلا عن أنه يستنزف الجبهة الداخلية الإسرائيلية”.
وأوضح أن “أحد مفاتيح نجاح أي حرب إسرائيلية قادمة أن تكون افتتاحيتها قوية، بشرطين: ألا تكون كرد فعل على رفع مستوى عمليات حماس، بل أن تكون مبادرا إليها من قبل إسرائيل، وفي الوقت ذاته ألا يشملها وقف لإطلاق النار لمحاولات الوساطة، لا سيما المصرية”.
وحول هدف الحرب، أشار ربابورت، محرر مجلة يسرائيل ديفينس للعلوم العسكرية، إلى أنه “طرأ تغير كبير لدى إسرائيل في تقدير هدف الحرب القادمة ضد غزة، في الماضي كانت فرضية المستويين السياسي والعسكري أن الوضع المثالي أن تبقى سلطة حماس في غزة، بعد أن يتم ردعها فترة طويلة من الزمن تتوقف فيها عن إطلاق الصواريخ، وفي هذه الحالة فإن إعادة الوحدة الفلسطينية بين قطاع غزة والضفة الغربية لن يكون في صالح إسرائيل”.
وأكد أنه “في حال تصاعد الوضع الأمني في الجنوب بسرعة، فهناك تقدير بأن الهدف هذه المرة قد يكون إسقاط سلطة حماس، ما سينجم عنه واقع ميداني جديد برعاية مصرية، ووفقا لما يصدر عن وزير الحرب بعكس وزراء سابقين فإن الجيش الإسرائيلي سيأتي للحرب القادمة وبين يديه خطة عملياتية متكاملة للإطاحة بحماس كليا في غزة”.
وأضاف أن “هذه ليست مهمة بسيطة، وقد تشمل بالضرورة الدخول بريا بالقوات الإسرائيلية مساحات واسعة من قطاع غزة، وفي هذه الحالة قد يستغرق بقاء الجيش عدة أشهر سيتخللها إطلاق صواريخ على إسرائيل، وحينها سيضع الجيش والشاباك نصب أعينهم القيام بحملة تصفيات واسعة لقيادات حماس كأولوية مفضلة”. عنصر المفاجأة ربابورت، وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
قال إن “أي معركة تنشب يحضر طرفاها المفاجأة للطرف الآخر، وكلنا نذكر كيف أن الجيش لم يكن مستعدا لتهديد أنفاق حماس في غزة في حرب 2014 ،لكن الحملة التي أعلنها في السنوات الأخيرة ضد هذه الأنفاق عمل على تراجع خطورتها، رغم أنه ما زال قائما، ما يفتح الباب على المفاجآت القادمة”.
وأضاف أن “حماس بذلت جهودا حثيثة لتطوير منظومات الطائرة المسيرة دون طيار والمحملة بمتفجرات، وهذه تشكل تحديا ليس سهلا أمام إسرائيل، بجانب القذائف الصاروخية المطورة، التي تحمل رؤوسا متفجرة بما يزن عشرين كيلوغراما، كما سقطت مؤخرا على بئر السبع، كما ستلجأ حماس لإطلاق قذائف الهاون التي لم يجد الجيش لها حلولا كافية ونهائية حتى الآن”.
وأكد أن “القبة الحديدية قادرة على صد عدد من القذائف، لكن لا أظنها مهيأة لمواجهة صليات مكثفة متسارعة منها، مع العلم أن القبة الحديدية معدة بالأساس لصد الصواريخ، وهنا نؤكد على أحد دروس الجرف الصامد، حيث لا يوجد سبب لإبقاء مستوطني غلاف غزة في منازلهم فور اندلاع الحرب، لأنه سيتم تنفيذ عملية إخلاء واسع وسريع لكل من يسكن على بعد سبعة كيلومترات من حدود قطاع غزة، ووزارة الحرب مستعدة لذلك”.
وأوضح أن “مطار بن غوريون قد يصدر قرار بإغلاقه في ذروة أيام القتال، ولعل هذا السبب الذي دفع إسرائيل لإعادة تأهيل مطار “رامون” قرب إيلات ليكون بديلا عنه، كي لا تنقطع إسرائيل عن العالم الخارجي”.
وبالحديث عن السيناريو الأسوأ، قال ربابورت إن “صيف 2018 شهد وصول الأوضاع الأمنية خلال أسابيع طويلة إلى حافة الهاوية، واقتراب الحرب أكثر من أي وقت مضى، في كلا الجبهتين: الشمالية مع حزب الله في لبنان وإيران في سوريا، والجنوبية مع حماس في غزة، ورغم تكرار الهجمات المتبادلة، لكن الكلمة الأخيرة لم تقل بعد في الشمال”.
وبين أن “حربا إسرائيلية مع حماس في غزة قد تحفز إيران وحزب الله لإطلاق صواريخ ثقيلة العيار برؤوس متفجرة ضخمة باتجاه إسرائيل، تتسبب بإحداث شلل كامل في حركة الإسرائيليين، أو صواريخ أرض-بحر توقف حرية الملاحة البحرية الإسرائيلية، ورغم خطورة هذا السيناريو وصعوبته، لكنه متوقع، وفي الوقت ذاته، فإن الجيش الإسرائيلي متأهب للقتال على الجبهتين معا”.