تمثل أول انتخابات شعبية في قطر توسيعًا تدريجيًا للمشاركة السياسية في الوقت الذي يتنوع اقتصادها ببطء بعيدًا عن الثروة الهيدروكربونية. كما تمنح الانتخابات الدوحة ميزة في منافستها المستمرة مع الإمارات.
وصوت القطريون في 2 أكتوبر/تشرين الأول في أول انتخابات لمجلس الشورى. وتضمنت الانتخابات التصويت على 30 مقعدا من أصل 45 بينما تم اختيار 15 مقعدًا مباشرة من قبل أمير قطر الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”.
وكان هناك 26 امرأة من أصل 233 مرشحًا للانتخابات، وبالرغم من ذلك لم تفز أي من هؤلاء النساء بمقاعد.
وأقرّت الحكومة تشريعاً في 2003 يسمح بمجلس شورى منتخب شعبياً، لكن منذ ذلك الحين لم يتم تنظيم الانتخابات. وقد أدى إقرار تعديل في يوليو/تموز إلى إزالة العقبات أمام إجراء الانتخابات المتأخرة.
• بدء التصويت في انتخابات أول مجلس تشريعي في قطر
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 63.5% حسب وزارة الداخلية القطرية. وكانت الإمارات قد شهدت مشاركة مرتفعة في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، والتي أجريت للمرة الأولى في عام 2006. ولكن بحلول انتخابات 2019، تضاءل حماس الإماراتيين بشكل واضح مع تراجع مشاركة الناخبين، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن المجلس الوطني الاتحادي ظل ضعيفًا نسبيًا.
ويمكن أن تحدث هذه الديناميكية في قطر، إذا انتهى الأمر بمجلس الشورى إلى تأثير محدود على القرارات السياسية.
يشير الإقبال الكبير للناخبين في انتخابات مجلس الشورى إلى شهية القطريين المتزايدة للمشاركة السياسية مع تغير اقتصاد البلاد.
وتضمن احتياطيات قطر الهائلة من الغاز الطبيعي وريادتها في تصدير الغاز الطبيعي المسال أنها ستظل واحدة من أغنى البلدان في العالم لسنوات. ولكن مثل أقرانها في الخليج العربي الغني بالنفط، تعرف الدوحة أن التحول القادم للطاقة الخضراء يعني أنها لن تكون دائمًا قادرة على الاعتماد على صادرات الهيدروكربونات كمصدر أساسي لإيراداتها.
ويعتبر السماح بمزيد من المشاركة السياسية، مهما كان طفيفًا، جزءا من هذا التحول التدريجي الذي يحدث في قطر حيث تسعى الدوحة إلى تحويل اقتصادها ببطء بعيدًا عن الوقود الأحفوري مع الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، حتى لو كان ذلك يعني السماح للمواطنين بشكل متزايد بالتعبير عن رأيهم السياسي.
• ناشيونال إنترست: مباراة كبرى بين قطر وباكستان علي النفوذ لدى حركة طالبان
وسيصبح مجلس الشورى مكانا مهمًا لمناقشة السياسات والإنفاق الحكومي، وطريقة يمكن للحكومة القطرية من خلالها قياس رد الفعل الشعبي على قرارات الحكومة، فضلاً عن احتمال صرف الغضب الذي سيحدث لا محالة خلال الفترة الاقتصادية الانتقالية.
وستعمل الانتخابات الديمقراطية على تحسين صورة قطر الدولية، ما يساعدها في معركة التنافس مع الإمارات.
وستساعد الانتخابات في إبعاد بعض الضغوط الخارجية التي كانت الدوحة تواجهها بشأن التحرير الاجتماعي والسياسي. ويعتبر ذلك مهما بالنسبة لقطر التي تعتمد بشدة على الولايات المتحدة في أمنها. كما ستساعدها الصورة الدولية المحسّنة على منافسة الإمارات التي فتحت أيضًا نظامها السياسي تدريجياً أمام المشاركة الشعبية.