تحدثت صحيفة عبرية عن تجنيد كل من روسيا وأوكرانيا كتائب من القراصنة المتطوعين لحرب السايبر، والتي قد تجد تل أبيب نفسها مدمجة فيها، طرحت سؤالا: هل يمكن لـ”إسرائيل” أن تحمي نفسها من حرب كهذه؟
وتساءلت صحيفة (هآرتس) العبرية في مقال كتبه الأكاديمي شلومو كرمر: “هل الحرب العالمية الثالثة باتت قاب قوسين أو أدنى؟”، منوهة بأن “هذا الأمر يتعلق بكيفية تخيل مواجهة عسكرية عالمية شاملة..، ومن لديه فكرة عن الطريقة التي تجري فيها الحروب في القرن الـ21، يتأكد أن الحرب العالمية الثالثة ليست قاب قوسين أو أدنى، بل أصبحت قائمة لدينا”.
• الشرق الأوسط ميدان صراع حقيقي بين أمريكا وروسيا وحرب مقبلة بين إسرائيل وإيران
جنون غير مسبوق
وأفادت بأن “روسيا وأوكرانيا تجندان المزيد من كتائب الظلال للقراصنة المتطوعين؛ مرتزقة على لوحات الطباعة، هم يستخدمون تطبيقات مشفرة مثل “تلغرام”؛ لبث قوائم أهداف، وتشجيع القتال، ومؤخرا نشطاء يؤيدون أوكرانيا نجحوا في تشويش بث قنوات تلفزيونية روسية، وقاموا ببث صور فظيعة من الجبهة ورسائل تطالب الروس بمعارضة الحرب”.
وقالت الصحيفة: “عندما طلب ميخائيلو فادوروف، وزير الديجيتال في أوكرانيا، من المؤيدين الانضمام لجيش “آي.بي” في بلاده، نصف مليون شخص من أرجاء العالم انضموا إليه”، مؤكدة أن “هجمات الشبكة يوجد لها تداعيات غير متوقعة، ففي 2017 مثلا، روسيا تسببت بواسطة برنامج “نوتبيتيا” بفوضى شاملة في المطارات وسكك الحديد والبنوك في أوكرانيا، وهاجم البرنامج أيضا “مايرسك”، وهي من أضخم السفن ووسائل النقل الدولية، والمسؤولة عن حركة خُمس التجارة الدولية، وتسببت بأضرار بمئات ملايين الدولارات، إضافة لتشويش كبير لشبكات التموين في عدد من الدول غير المرتبطة أبدا بالنزاع في شرق أوروبا”.
وأضافت: “إذا كان هجوم واحد نجح في التسبب بكل هذه الأضرار الكبيرة جدا، فتخيلوا آلاف الهجمات غير المتناسقة أو المسيطر عليها من قبل سلطة مركزية تحدث مرة واحدة، عندها ستعرفون إلى أين نحن ذاهبون”.
ولخص مدير المعلومات ومنع التهديدات في شركة “سيسكو تالوس”، مات اولني، الوضع في صحيفة (نيويورك تايمز) بقوله: “هذا جنون غير مسبوق”.
ورأت (هآرتس) أن “هذا الواقع غير مبالغ فيه، والسؤال الملح الآن؛ ماذا بعد؟ ماذا يمكننا أن نفعل للحفاظ على أمان البنى التحتية من هجمات السايبر؟”، منوهة بأن “الجواب مركب، لكن هناك أمر واحد، محظور علينا إبقاء التحدي الكبير لأمن السايبر في أيدي أفراد، فالحروب الآن لا تركز فقط على أهداف ومنشآت عسكرية، بل أيضا على شركات ومؤسسات، وحتى على أفراد، وهذا يعني أنه في القريب جميعنا يمكن أن نجد أنفسنا معرضين للهجوم، وفقط الحكومة هي التي يمكن أن تساعد إزاء هذا التحدي الكبير”.
خطوات الأمان
وتابعت: “كيف يتم ذلك؟ أولا: عن طريق تطبيق تنظيم حيوي، بالضبط مثل وضع تعليمات الإطفائية التي تحدد كم عدد الأشخاص الذين يمكنهم التواجد في المبنى، أو كم عدد مخارج الطوارئ المطلوبة للحفاظ على الأمان عند حدوث حريق، وهكذا يجب وضع وتطبيق لوائح تحمينا من الهجمات الإلكترونية والأضرار التي يمكن أن تتسبب بها، ويجب البدء في تصنيف جميع الشركات والهيئات، الخاصة والعامة، في سلم من 1 وحتى 5، ويتم تحديد أي منها توجد في خطر عال، وكل درجة يجب أن تقتضي منظومة من الإجراءات واللوائح، ويجب على الحكومة التأكد من أن جميع وسائل الأمان المطلوبة يتم تنفيذها”.
وعن من يتكفل بدفع تكلفة وسائل الحذر، ذكرت الصحيفة أن لديها “أنباء سيئة” بهذا الخصوص، لأن “خطوات الأمان هذه باهظة الثمن مثلما هي حيوية، والشركات الكبرى أصبحت تدرك ذلك، وهذا هو سبب أنهم ينفقون 2 بالمئة تقريبا من المداخيل على منظومات سايبر متطورة، ومن الجدير أن تقوم الحكومة بخطوات مشابهة؛ للتأكد من أن يكون للمدارس والمشاريع التجارية الوسائل الضرورية اللازمة للدفاع عنها إزاء الهجمات”.
ولفتت (هآرتس) إلى أن “مسؤولية دولة الاحتلال لا تنتهي هنا، مثلما يمكننا اليوم أن نرى بوضوح حروب من النوع الجديد تقتضي أنواع جديدة من القوانين والاتفاقات والمنظمات الدولية، والإجراءات اليوم التي تتعلق بمحاربة السايبر ضبابية”، مشددة على وجوب أن “يجتمع المجتمع الدولي بصورة مستعجلة، وأن يوقع على اتفاقات استخدام السايبر التي ستمكنه من معاقبة دول ترفض الاستجابة له، بالضبط مثلما فعل عندما قام بتعليق عضوية روسيا في منظومة “سويفت”.
وأكدت أن “مبادرة حكومية وحدها لا تكفي، ففي الخمسينيات في ذروة الحرب الباردة، تدرب المواطنون الأمريكيون على هجمات جوية؛ من أجل التأكد من أنهم سيعرفون ماذا سيفعلون إذا حلقت طائرات “الميغ” أو الصواريخ الروسية في سمائهم، والآن يجب علينا فعل نفس الشيء مع هجمات السايبر، وهذا غير صعب، ولحسن الحظ يوجد لدينا وسائل كثيرة للردع، ونحن نقوم بتطوير حلول جديدة أخرى طوال الوقت، لكن المسؤولية عن أمننا تقع علينا”.