في الوقت الذي ما زالت فيه دولة الاحتلال تشهد سجالا متواصلا حول اتفاق ترسيم الحدود البحرية واستخراج الغاز مع لبنان، بدأت الأنظار تتجه إلى موضوع مشابه قبالة شواطئ قطاع غزة.
يأتي الحديث الإسرائيلي عن حقل الغاز مقابل غزة بعد حديث أخير للسلطة الفلسطينية حول تخصيصها فريقا خاصا من الوزراء وصندوق الاستثمار للترويج مع المصريين لبناء حقل “مارين” للغاز، الذي تم اكتشافه في العام 2000 من قبل شركة بريتش غاز على عمق 30 كيلومترا قبالة سواحل غزة، ورغم اكتشافه المهم، لكن الفلسطينيين واجهوا صعوبة في تحويله لأفعال على الأرض، بسبب المعارضة الإسرائيلية التي أعاقت تسريع المشروع.
جاكي خوجي محرر الشئون العربية في الإذاعة العسكرية، ذكر أن “إنجاز الاتفاق البحري مع لبنان حفز باقي الأطراف الفلسطينية والمصرية على استئناف جهودهم للبدء بالمشروع مجددا، ويبدو أنهم حققوا تقدمًا، لأنهم في محادثات سرية، تمكنوا من إقناع إسرائيل بالموافقة على إنشاء الحفارة شرط ألا تكون حماس جزءاً من المشروع، وستقام شراكة ثلاثية لإنتاج الغاز من حقل “مارين”، بحضور السلطة الفلسطينية ومصر وشركة CCC للاستثمار ومقرها أبو ظبي وأثينا، وأصحابها رجال أعمال فلسطينيون”.
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، أنه “على غرار الحالة اللبنانية، ففي صناعة الغاز الإقليمية تظهر الخطوة على أنها تطور سياسي، بجانب الاقتصادي، وليس مستغربا أن تكون مصر الزبون الرئيسي، حيث سيصل أنبوب يخرج من الحفارة إلى مدينة العريش، وبعد عدة سنوات يتم تحديدها مسبقًا، سيتم مد أنبوب نقل آخر من منصة الحفر إلى ميناء غزة، ومن هناك سينقل الغاز لمحطة توليد الكهرباء وسط القطاع، وستتحول هذه المحطة العاملة بالديزل للغاز فقط”.
وأشار إلى أن “طموح جميع الأطراف هو توقيع الاتفاقيات نهاية 2022، حيث ستمر 5 سنوات حتى يتم استخراج أول قطرة غاز من حقل “مارين”، مع أن كمياته ليست ضخمة، بل صغير نسبيًا، لكنه كافٍ لاستخدامه في الاحتياجات التجارية، وحل مشكلة الكهرباء في غزة، ومنح السلطة الفلسطينية الأوكسجين الاقتصادي الذي تحتاجه، وفي حال بدأ الحفر فسيكون نجاحا كبيرا للدبلوماسية المصرية، باعتبارها خطوة استراتيجية، ذات تأثير كبير، تعزز بشكل كبير موقعها في نادي البحر المتوسط”.
واستدرك بالقول أن “هذه الخطوة من شأنها أن تقلل تأثير قطر في غزة، وهي التي وضعت خطتها الخاصة لحل مشكلة الكهرباء، وضغطت لتنفيذها، لكن تل أبيب أوقفتها، وفيما يتعلق بالمباحثات المصرية الفلسطينية الإسرائيلية بشان الغاز، فإن الدوحة لم تقل كلمتها الأخيرة بعد، أما عن موقف حماس، فقد قبلت جميع الأطراف الفيتو الإسرائيلي عليها، والسلطة الفلسطينية سعيدة به، لأن استبعاد حماس من المشروع تأكيد لسيادتها، لكن وضعها غير المستقر ومستقبلها الغامض، يضع شكوك حولها”.
للوهلة الأولى تظهر السطور السابقة أن هناك إنجازا إسرائيليا فيما يتعلق باستخراج الغاز الفلسطيني من حقل مارين قبالة شواطئ غزة، لكنها تحمل استعجالا لافتا في تجاوز دور المقاومة في غزة في هذا الاتفاق المحلي الإقليمي، خاصة وأنها أكدت في الآونة الأخيرة عن مطالبتها بحقها في هذه المسألة، وسط تخوف إسرائيلي من استهداف المقاومة لمنصة الغاز “تمار” قبالة سواحل غزة، في حال تم تجاوزها، مع أن احتياطي الغاز في حقل مارين يقدر بـ1.2 مليار دولار.
فيما لا تخفي المقاومة في غزة نيتها تهديد الاحتلال لجني المكاسب منه، وصولا لإرسال طائرات بدون طيار، والتهديد بتنفيذ هجمات صاروخية دقيقة على جميع منشآته للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، وسط مزاعم إسرائيلية أن لديها خططا لمهاجمة هذه المواقع باستخدام زوارق متفجرة عالية السرعة أو صواريخ بحر-بحر، وخلال حرب 2021 حاولت المقاومة استهداف منشأة “تمار” بغواصات صغيرة، وإطلاق عشرات الصواريخ، بل حاولت ضربها بطائرة بدون طيار، مما حدا بوزارة الطاقة الإسرائيلية لتعطيل نشاط الحفارة، ووضع سلاح البحرية قربها سفينة صواريخ عليها بطارية “قبة حديدية”، بغرض المساعدة في حمايتها.