ارتكز الرئيس التونسي قيس سعيد الذي قرّر تجميد أعمال البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة وتولي السلطة التنفيذية في قراراته على دعم الجيش الذي لطالما بقي بعيدا عن السياسة، لكن هذا التحالف يبقى ظرفيا خلافا للوضع في مصر، بحسب خبراء.
منذ انتخب رئيسا للبلاد في تشرين الأول/أكتوبر 2019 بأكثر من 70 % من الأصوات، تحاشى سعيد مسؤولي الأحزاب السياسية وحرص في المقابل على الظهور إلى جانب قيادات عسكرية عليا.
كلف سعيد في كانون الأول/ديسمبر إدارة الصحة العسكرية الإشراف على مستشفى جديد شيدته الصين في محافظة صفاقس (وسط).
وحين اتخذ قراراته في 25 تموز/يوليو الفائت بتجميد أعمال البرلمان مدة ثلاثين يوما وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، حضرت معه في الاجتماع الطارئ كوادر عليا في الجيش.
وانتشرت وحدات عسكرية اثر قراراته، أمام البرلمان ومقر رئاسة الحكومة بالقصبة ومؤسسات حكومية حيوية أخرى.
كذلك، عين الرئيس مسؤولا عاليا في الجيش على رأس غرفة عمليات إدارة الأزمة الصحية.
إلى ذلك أوقفت السلطات القضائية أحد النواب الذي وجه له القضاء العسكري في العام 2018 تهمة انتقاد الجيش.
دفع هذا التقارب بين الطرفين عددا من الخصوم السياسيين إلى وصف قرارات سعيد الاستثنائية بأنها “دكتاتورية عسكرية”.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة التونسية حاتم مراد أنه لن يستطيع الفوز دون التعويل على الجيش. وإلى الآن الجيش يدعم الرئيس الذي جهز كل هذا بفضل مساعدته.
ويتابع مراد أن الجيش سيرافقه إلى حدود الأهداف المرسومة أي إعادة دولة القانون على السكة.
بدوره يرى المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي نال قيس سعيد ثقة الكوادر العليا في الجيش…ونجح في اقناعه بأن الدولة أمام خطر داهم.
ويؤكد الجورشي أن الجيش خرج قليلا عن تحفظه لكن هذا لا يعني أننا أمام حكم عسكري منذ 25 تموز/يوليو.
ويتابع الجيش لا يحكم وهو يؤطر ويحمي الرئيس ويدعم قراراته من دون أن يكون في الحكم بشكل مباشر.
ويعتبر العميد المتقاعد مختار بن نصر أنه في ظل نظام يكون فيه رئيس الدولة “القائد الأعلى للقوات المسلحة.. الجيش هو القوة الشرعية بيد الرئيس لحماية الدولة والشعب من كل خطر.
وترى الخبيرة في معهد البحوث حول المتوسط والشرق الأوسط اينيس لوفالوا لن يلعب الجيش دورا مثلما كان الأمر في مصر أو في الجزائر وإلى الآن “تمر الأمور عبر النقاش مع رئيس الجمهورية الذي انتخب بغالبية واسعة.
ويتهم الجيش في الجزائر بأنه يدير في الكواليس حكما فقد شرعيته أمام حركات احتجاجية شعبية متواصلة في البلاد منذ أكثر من عامين.
وأصبح عبد الفتاح السيسي قائد الجيش رئيسا لمصر في 2013 اثر إزاحة الرئيس محمد مرسي أول مدني ينتخب بشكل ديمقراطي وتوفي في السجن في العام 2019.
وخلال موجة الربيع العربي في العام 2011 وفي ساحة التحرير في القاهرة دعم الجيش نظام حسني مبارك ضد المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية.
لكن في تونس رفض الجيش اطلاق النار على المحتجين بالرغم من أوامر الرئيس زين العابدين بن علي آنذاك.
ويقول الصحافي والباحث تييري بريزيون بخلاف الجزائر ومصر حيث لديه مصالح حيوية لبقاء النظام، فان الجيش التونسي يفضل في الأزمات الحادة دفع السياسيين لفرض استقرار المؤسسات.
ويشير إلى أن عدا من كوادر الجيش المتقاعدين وجهوا في أيار/مايو الفائت رسالة مفتوحة للرئيس لتقديم تنازلات في خضم تجاذبات وخلافات سياسية حادة بينه وبين الأحزاب التي تتقدمهم حركة النهضة.