في العام 2015، ومع بداية العدوان السعودي على اليمن، وما صاحبه من قرع لطبول الحرب بين إيران من جهة والولايات المتحدة ودولة الاحتلال من جهة ثانية، في أزمة الملف النووي، راهنت المملكة السعودية على حلف الأعداء. إلّا أن ضعف ذاكرة السعوديين، جعلهم ينسون أن أحداث الصراع الإيراني-الغربي، الممتد منذ الثورة الإيرانية عام 1979، جرت بعكس المصالح الغربية في المنطقة، وكانت كفة الانتصارات الإيرانية ترجح مع كل مواجهة.
فأمريكا التي اعتمدت -كالعادة، على وكلائها في المنطقة، خسرت نفوذها في معظم الدول التي حاربتها، لصالح جمهورية إيران الثورية، من أفغانستان إلى سوريا والعراق ولبنان. وكانت الحرب على تلك الدول بتدخل أمريكي-غربي مباشر، إلّا أنه وفي المحصلة، دائماً كانت تنتهي لصالح إيران، باعتبارها الدولة التي تتصدر الشرق، في مواجهة الاستعمار الغربي ومشروعه الصهيوني.
وبرغم الحصار الغربي على إيران منذ أربعة عقود، وما رافقها من حروب إقليمية أجبرت إيران على خوضها في محاولة لاستنزافها خارجياً، إلّا أن إيران لا تزال بحماسة الأيام الأولى للثورة، عندما كان الطلبة يهتفون في شوارع طهران “الموت لأمركيا والموت لإسرائيل”. فإيران اليوم صعدّت من موقفها، وأخذت موقف الندية التامة، وصفقت الباب بوجه ترامب، عندما أعلنت عن رفع نسبة تخصيب اليورانيوم 4 أضعاف مما كان عليه، لتأخذ على عاتقها زمام المواجهة، سواء مع أمريكا، أو مع أدواتها في المنطقة، ممن وضعوا مليارتهم وقوداً للحرب على إيران.
وإذا أخذنا اليمن كعينة اختبار، لجدوى الحلف السعودي-الغربي في مواجهة إيران، نستخلص منها عبث الرهان السعودي وتبعيتها للغرب وإسرائيل، وذلك ما لخصه وزير الخارجية الأمريكي، كولن باول، في مقابلة له على على قناة “فوكس” الأمريكية بعد بداية العدوان السعودي على اليمن بعام واحد: “أخطأنا بترك السعودية تهاجم اليمن، وكان علينا ألا نصدق وعودهم، فاكد سلمان وابنه ان الحرب على اليمن لا تستمر اكثر من عشرة أيام، وان الجيش السعودي قادر على دخول صنعاء بعد اليوم السابع من بدء الهجوم، والنتيجة كانت بعد 41 يوماً من القصف سمعنا صراخ السعوديين يطلبون النجدة، لأن اليمنيين دخلوا أراضي سعودية واسعة وقتلوا العديد من الجنود السعوديين، وصادروا أسلحة مهمة، رغم أننا قدمنا دعماً لوجستياً كبيراً للسعوديين”.
ويتابع بول، “لقد أخطأنا كثيراً عندما راهنا على جيش ضعيف ووزير دفاع ليس لديه فكرة عن كلمة حرب، ولذلك نصحنا السعوديين بالكف عن المهاترات لأنهم مكشوفون من قبل إيران، ان الحرب مع ايران معناها عودة السعودية الى ما قبل العصر الصناعي خلال ساعات”، واعترف “بأننا غير قادرين في تلك الساعات السريعة على منع الإيرانيين من تدمير البنى التحتية للسعودية، ولأهم شركاتها النفطية، وحينها لن يجد السعوديون خط هاتف يكلموننا فيه».
وهي ذات الرؤيا التي أكدها الأمير السعودي، طلال بن عبد العزيز، الذي قاله لقناة نوكس الالمانية، من محل اقامته في المانيا الاتحادية، حيث أكد أن: “القوات الإيرانية قادرة على تدمير المملكة السعودية خلال 24 ساعة”. وأضاف الأمير: “أخبرنا حلفاؤنا بان لا نغامر باستفزاز ايران، والا سنفتح نار جهنم علينا، وان القوات الايرانية قادرة على تدمير البنى التحتية والقوة العسكرية للمملكة خلال 24 ساعة”.
فالسعوديون حتى لو وجدوا هاتفاً لطلب النجدة من ترامب، فإن الهاتف الأمريكي لن يكون متاحاً، كما لم يكن متاحاً قبل أربعة قرون للشاه الإيراني، الذي استثمر كل إمكانيات بلده، ليكون شرطي امريكا في المنطقة، ولكن عند أول صدام مع الثورة الإيرانية، وجد نفسه وحيداً، بينما كانت الهواتف الأمريكية مشغولة في تنسيق هرب موظفي السفارة، الذين انقطع الخط عنهم ووقعوا رهائن.