كان المشترع منذ يوم لبنان الكبير وحتى أيام الطائف، يقترح الدستور ويكتب القانون وهو لم يخطر بباله، كما ببال أسلافه من الأساتذة المشرّعين العالميين، بأنّ كلّ كلمة وجملة وفقرة ونصّ وفكرة وصلاحية إلخ… ممّا سيكتب سيكون موضع سوء تدبير فحوار وجدال وتنكيد وتفقّه وتفسير فتبرير إلى ما لا نهاية من تخريب العمل البرلماني الديمقراطي ومعه العمل العام السياسي والحكومي والإداري وبكلّ بساطة العمل في سبيل تأمين حياة الناس.
لقد نشأت مؤخّرًا أزمات دستورية وتكرّرت، وهي لا تتوقّف عن التفاقم، من جرّاء غموض (غير بنّاء) لبعض ممّا جاء في الدستور بحيث ذهبت كلّ جهة، سياسية كانت أو غيرها، الى تفسير ما يناسبها من مضمونه في إتّجاه (ما كانت تظنّ أنّه) يخدم مصلحتها، والأفضح ما تسمّيه “حقوقها”، في ظرف سياسي أو زمني معيّن.
والوضع “المُكَرْبَج” للبلاد يحتّم العودة إلى إجراء تعديلات، “البسيطة” وغير البسيطة، بغية إزالة ما يمكن إزالته من إلتباس، كثر ما يكون متعمّدًا، وبالتالي “تحرير” أكبر عدد ممكن من مواد الدستور من اللبس الحاصل في التعامل معها ومعه وإلغاء كمّ كبير من مواد النكد السياسي المتكرّر والمتعاظم.
وبهذه الروحية نقترح:
مبادىء ونصوص بات من الضروري تعديلها أو توضيحها في الدستور اللبناني (*)
أوراق في الإصلاح – الفصل 1
جاء في وصف أحدهم: ” قطع إتفاق الدوحة الطريق إلى شطب نصف إتفاق الطائف في إدارة النظام القائم وآلياته الدستورية المنصوص عليها، ناهيك بثِغَرِه التي هي أقرب إلى فجوات” (1).
لقد أصبح من الملحّ، بل المُلِحّ جدًّا، توضيح الأمور لوضع حدّ للإنهيارات الدستورية المتعاقبة والتي تتفاقم بوتيرة تكاد تكون يومية.
على مجلس النواب، المشرّعين ومستشاريهم ومعهم كلّ مَنْ بيده القرار أو يخال نفسه كذلك، الإهتمام، وبشكل مستمر ليتصدّى لهذه المهمة، والعمل على اقتراح التعديلات الآيلة الى إنهاء (حتى) إمكانية تأويل المواد الدستورية المُخْتَلَفْ عليها، على أن تتقدّم بها الى السلطات المعنية ومن ثمّ تُتابع وتُلاحق وتضغط في سبيل إقرارها في المؤسّسات ذات الصفة وفي مقدّمها المجلس النيابي حسب الأصول ومن ثمّ في الإعلام وأمام الرأي العام وإلى التطبيق.
ولأنّي من أصحاب الرأي من خارج “بيئة” القانون، بمعنى الإختصاص والمهنة، سأكتفي بمجرّد الإشارة الى المواضيع/المواد التي أقترح معالجتها على أن يتولّى أهل الشأن هذه المهمّة بوضعها باللغة المناسبة وتوزيعها فيما بين نص في الدستور أو قانون، وذلك دون محاباة لميولهم الخاصّة، وبعد التنبيه أن يدركوا أنّه، في النهاية، فكلّ وجميع المراكز والمناصب والصلاحيات الدستورية وغيرها، في المنطق والقانون وفي غيرها من الإعتبارات، ستكون خاضعة لا محال وحتمًا وحكمًا، للمداورة فيما بينها، مهما علا شأنها، وهو الحلّ الأنسب لتأمين مبدأ فصل السلطات وتوازنها كما جاء في الدستور.
ومع إرجاء النظر في الجزء السياسي من قانون الإنتخاب الذي هو من الأهمية (الأولى) بمكان، لا مفرّ من التطرّق إلى بعض الجوانب من الميثاقية، على حساسية الموضوع، وإن بشكل غير مباشر، والتي بات التصرّف بتفسيرها يعطّل مبدأي العدل والمساواة المنصوص عنهما في الدستور. ولنُرْجىء النظر أيضًا في وضع تصوّر عصري لمفهوم الميثاقية الى مرحلة تالية، نظرًا لتباعد غالبية الآراء الحالية إزاءها ولِما يعتريه الأمر من تفسيرات “متواجهة” متصادمة. لهذه الأسباب مجتمعة أقترح الإهتمام أولًا بالأمور التي، بتقديري الساذج، يمكن للأكثرية التفاهم عليها بحكم المنطق العام والإختبار والمعاناة المزمنة، والتي من شأنها تسهيل سَيْر الحياة السياسية طبيعيًّا، بعيدًا من الغوص في جدليات متضاربة التوجّه.
ولهذا إليكم في المرحلة الأولى، وفي ما يأتي، بعض المقترحات، مع ملاحظتي بأنّي لست مقتنعًا شخصيًّا بتطوّر النوايا “الوطنية” الصافية للأطراف “المعنية” للقيام بهذه المهام ولكن من واجبي الوطني، وقبل رحيلنا عن معاناة الناس الطيّبين، أردت أن أضع خلاصة إستنتاجاتي بتصرّف من يريد ويقدر، وقد لا يأخذ دوره المنشود قبل أجيال من الممارسات السياسية في البلاد. وأورد هذه الملاحظات من دون أيّ ترتيب دقيق في الأولوية، لضرورة الأمر ولتسهيل معالجتها ومنها:
مواد دستورية عامة:
– يجب تحديد مدّة معينة نهائية لتنفيذ كلّ مادة من مواد الدستور، فيما عدا تلك المتعلقة بمعاهدات دولية مرتبطة بجداول زمنية محدّدة خارجيًّا، فلا يبقى أيّ زمن مفتوحًا لأيّ موضوع وإلّا فلتُلغى المادة المعنية والمُعلّقة في الزمن من الدستور، إذ أنّه من المعيب أن نضع مادة في الدستور مع نيّة مسبقة لعدم إحترامها.
– تنفيذ جميع مواد الدستور دون إشتثناء وأهمّها قطعًا جعل القضاء سلطة مستقلة، يليها موضوعا الإنماء المتوازن واللامركزية الإدارية على أن تُحدّد مفاهيمها بشكل موضوعي يناسب واقع ومعطيات دولة لبنان.
– إدخال مادة تؤمّن إجراء التحقّق والمساءلة والمحاسبة والتدقيق الجنائي وما إليها بغضّ النظر عن وجود قانون السرية المصرفية وسائر القوانين المرعية وما شابه من المعوقات السياسية.
– لقد حدّد الدستور مهلةً لرئيس الجمهورية لتوقيع القوانين والمراسيم إلخ… ومن البديهي أنّه كان يجب بالمقابل تحديد مهلة زمنية مشابهة، بل أقصر مدةً، لكلّ من المسؤولين في الدولة: رؤساء، وزراء، المجلس النيابي، لجانًا وهيئة عامة وما شابه، لتوقيع القوانين والمراسيم، إبتداءًا من وضعها على جداول أعمال النقاش وحتى الإقرار والإصدار كي تصبح نافذةً معمولًا بها فعلًا بموجب مراسيمها التطبيقية والقرارات ذي الصلة.
رئاسة الجمهورية:
– في الشغور أو الفراغ الرئاسي: المطلوب تحديد مدّة زمنية، محدّدة وغير طويلة، لإنتخاب رئيسٍ للبلاد تحت طائلة حلّ المجلس النيابي، وليستلم السلطات الرئاسية عندها كبار القضاة يسهرون فورًا على حسن إعادة تكوين السلطات الدستورية، على غرار ما تمليه دساتير الدول المتمرّسة في هكذا أمور.
– إنهاء الجدل الذي يقوم كلّ مرّة على النصاب الدستوري المطلوب في جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية (الأولى والثانية وغيرها) وتحديد مواقيت تلقائية للجلسات تلافيًا للفراغ الدستوري من أيّ نوع كان.
المجلس النيابي:
– إلزام المجلس النيابي إنهاء الموازنة وقطع الحساب معًا في شهر شباط من كلّ عام تحت طائلة إعتبار المجلس النيابي منحلًا حكمًا وفورًا دونما حاجة لأيّ إنذار أو إعلان أو إجراء إضافي.
– تعديل مواد الدستور لجهة جعل السلطة القضائية سلطة مستقلّة وفصل جميع السلطات الرقابية (التفتيش المركزي وديوان المحاسبة ومجلس الخدمة المدنية والمجلس التأديبي إلخ…) عن السلطة التنفيذية.
– إلزام المجلس النيابي إحترام المُهَل الدستورية كافّة في كلّ المجالات تحت طائلة إعتباره محلولًا.
– يسمح الدستور الحالي بطرح الثقة برئيس المجلس، بعد سنتين حصرًا من إنتخابه وبأصوات الثلثين؟ ونسأل لماذا؟ أرى أنّه أمر غير “ديمقراطي” بأيّ إعتبار. فلكلّ مجلس الحقّ في طرح الثقة برئيسه بأكثرية عادية.
– سبق وتعطّل المجلس النيابي لفترات طويلة ومعه تعطّلت الحياة التشريعية والرقابية من بين سائر مهامه. على المشترع إعطاء صلاحية حلّ المجلس النيابي في الحالات المستعصية إلى سلطة موازية، رئيس الجمهورية أو ما شابه، حفاظًا على مبدأ توازن السلطات.
– يجب منح المجلس الدستوري حقّ النظر عفوًا بدستورية القوانين، أيضًا لضمان توازن السلطات، وخلفية الأمر تستدعي إعادة النظر في عملية تشكيل هذا المجلس لجهة جعله سلطة مستقلة أيضًا.
مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة:
– الإلتزام التام بوضع النظام الداخلي لمجلس الوزراء، المنصوص عنه في الدستور منذ العام 2000، واحترامه والعمل به.
– توضيح، بما لا يُبْقي أيّ لبس، وبالتالي تحديد مهلة (المادة 53 دستور) للدعوة إلى إستشارات نيابية مُلْزِمة من قبل رئيس الجمهورية.
– توضيح “مفهوم” كيفية إعتبار أو إحتساب أصوات النواب (ولِمَنْ) في الإستشارات النيابية المُلزِمَة حسمًا للجدل أللانهاية له عند كلّ عملية تكليف.
– تحديد مدّة قصوى لتأليف الحكومة (30 أو45 يومًا كحدّ أقصى) يسقط حكمًا التكليف بعدها. هذا الأمر بات مهمًّا جدًّا جدًّا بعدما تعطّل العمل الحكومي بواقع أكثر من نصف مدة السنوات العشر الماضية، ولا يمكن تبرير ما حصل من ضرر وجودي، عَرِفَت معناه البلاد مؤخّرًا، وما زال يحصل بذريعة “عدم جواز المسّ بصلاحيات …” طائفة رئيسية ما” وما شابه من “مبرّرات”، وكأنّ باقي الطوائف هي من الملحقات بالمواطَنة ناهيكم عن الشعب/سائر المواطنين.
– حسم موضوع “المَعْنى الضيّق” لعمل الحكومة المستقيلة، علمًا أنّ صدور مرسوم قبول إستقالتها قد يطول إنتظاره، وقد سبق وامتدّ مرّة لمدة 320 يومًا، فهل يمكن لهذه الحكومة إتّخاذ قرارات وإصدارها وإلزام الجهات المعنية بتطبيقها؟ وما هي نوعها؟ وفي حال الجواب سلبًا على بعض القرارات، من يدير أزمات البلاد الطبيعية والمُفتعلة وحياة الناس اليومية؟ والحلّ الناجع موجود في ما يأتي من إقتراح.
– في تشكيل الحكومة: إنّ مسار الإستقالة والدعوة إلى الإستشارات (مواعيدها ومجرياتها وموجباتها) ثمّ التكليف والإستشارات غير الملزمة للتأليف وإعداد البيان الوزاري ونيل الثقة ومن ثمّ إلى العمل… كلّها عملية واحدة مترابطة، على غرار سلسلة الكتل (Blockchain)، ولا فصل لحلقة من حلقاتها عن بعضها الآخر. وبالتالي، تبقى، برأينا، الحكومة المستقيلة حكومة بكامل الصلاحيات والوظائف وخاصّة المسؤوليات التي يجب أن تُحاسب على إهمالها، حتى حلول حكومة بديلة لها تعمل فعليًّا، إذ لا يجوز تعمّد إحداث فراغ، وقد حصل، في تسيير مصالح الوطن والمواطنين تحت أيّ ذريعة كانت. وهذا مبدأ يُعْمَل به في دول متقدّمة في هذا المجال.
– إلزام الحكومة تقديم الموازنة مصحوبة حكمًا بقطع حساب العام في أوقاته الدستورية تحت طائلة المحاسبة واعتبارالحكومة مستقيلة ومُحالة عفوًا على المُساءلة.
– جعل سنّ الإقتراع 18 فورًا، بقانون منفصل عن قانون الإنتخاب إذا لزم الأمر (2).
– إنهاء ومتابعة إقرار القانون الذي ينظّم العملية الإنتخابية بعيدًا عن الأسس السياسية الخلافية لهذا القانون كأن تُقَرْ ، منفصلةً، المواد 4 الى نهاية نصّ القانون المُقتَرَح (ما زال) والتي تحدّد الإجراءات الإصلاحية مثال الإنفاق الإنتخابي والإعلام والإعلان الإنتخابيين إلخ… بما يضمن، ونهائيًّا، حُسْن إنجاز العملية بكاملها. وعليه ما سيتوجّب من إعادة النظر بأساس ومهام (إلخ…) وطريقة تسمية الهيئة المشرفة على الإنتخابات.
– توضيح مفهوم حصانة النائب والوزير وحتى الرئيس، إذ لا يجوز التغاضي عن جرائم الفساد والجرم المشهود وما شابه تحت مُسمّى “خلال قيامه بالوظيفة” وكأنّ “الوظيفة” تتضمّن القيام بمهام فاسدة ! وينسحب الأمر أيضًا على سائر الموظفين الذين باتوا يحتمون بصلاحية الإذن المطلوب من رئيسهم المباشر بغية مساءلتهم ومحاسبتهم.
– منع إزدواجية الجنسية عن أصحاب كلّ وجميع المناصب العامة من رئيس الى نائب الى وزير الى مناصب الفئة الأولى في القضاء والعسكر والأمن والوظيفة العامة والمؤسّسات والهيئات العامة وما شابه.
– إلزام كلّ من يتولى الوظيفة أو الولاية العامة ممّن أُدرِجَت أسماؤهم في الفقرة السابقة بأداء القَسَم على احترام الدستور والقانون ومفهوم الولاية العامة، على أن تحدّد صيغ مناسِبة للقَسَم كلّ على مستوى مسؤوليته واعتبار هذا القسم بمثابة تعهّد أخلاقي ووظيفي وإداري ومالي تتمّ المساءلة والمحاسبة والمعاقبة على أساسه.
– إلزام المؤسّسات والجهات الدستورية المعنية بإصدار المراسيم التطبيقية (التنفيذية) بما هي مجموعة من القرارات والتدابير التي تتّخذها السلطة التنفيذية لتنفيذ وتطبيق القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية. مع التشديد على أن يتمّ ذلك لكلّ وجميع القوانين الصادرة وخلال مهلة قصيرة (شهرين كحدّ أقصى) بعد صدورها تحت طائلة إعتبار القانون المتعلّق بها لاغيًا حكمًا كأنّه لم يكن، وليسعى الحريصون من النواب الى محاسبة كلّ من يعطّل تنفيذ أيّ قانون تقدموا به (3).
هذا كان قبل تشرين 2019، وقد أضيف إليها بعد تشرين 2020 :
لا شكّ أنّه يبقى هناك الكثير الكثير من أمور في الدستور ممّا يستوجب توضيحه والتفاهم عليه لاحقًا لأنّ “الميثاقية” اللبنانية باتت “فقّاسة” عُقَد جديدة من مُعضلات وتضارب صلاحيات وتخبُّط “وطني” لا نهاية لها، ومنها: – ما إستجدّ مؤخّرًا حول دستورية حضور أو مثول حكومة تصريف أعمال، أو رئيسها أو الرئيس المكلّف، جلسة إقرار الموازنة أمام المجلس النيابي قبل نيلها ثقة المجلس. وهذا يتطلّب حلًا أيضًا. – وهل يرسم الدستور، في طيّاته، معالم إجراءات ترسيم حدود البلاد طبقًا للميثاقية بالتفريق بين ما هو سياسي وأيضًا جهوي أو تقني؟ وهذا أمر بالغ الخطورة بات من أولويات التعديل حسمه في ما بات معروفًا من صلاحيات غير منصوص عنها في الدستور وتُمارَس في كلّ المجالات من مفهوم “الوزير سيّد نفسه”.
وفي الخلاصة، برأيي، معظم هذه الأمور/المشاكل لم تكن لتحصل لو تمّ توضيح ما سبق ذكره آنفًا لجهة المفاهيم والمُدَد الزمنية.
في موضوعي المادة 95 وقانون الإنتخاب.
– لا بدّ لي من إبداء الرأي في ما حصل ويحصل منذ تأسيس لبنان الكبير بعد مرور مئويته الأولى. منذ دستورنا الأول (1926) وعلى الرغم من التعديلات التي أُجريت عليه وحتى استبداله بدستور الطائف الحالي، فالنتيجة المُعاشَة هي كالتالي. لقد أصبح المؤقّت دائمًا، أعني بذلك التوصية بالعمل، فورًا، على إلغاء الطائفية (وإلّا ماذا تعني فترة ماية عام؟) والصيغة (1943) قد استُبْدِلَتْ بالميثاقية الأمر الذي حوّل الطائفية الى مذهبية، والمناطقية الى جهوية، والإنتماء للوطن الى زبائنية للزعيم، وقوة الدولة ومؤسّساتها الى قوة (زعيم)الحزب-الطائفة، وفي النهاية، فمفاهيم المواطَنة والعدو والحليف والفساد والكفاءة والحوكمة و… تحوّلت كلّها الى وجهة نظر. أرى أنّه علينا، وفي وقت لاحق لإنجاز ما سبق إقتراحه في هذه الورقة، التطرّق الى موضوع الطائفية التي إحتضنت مفهوم الميثاقية التي، باستبدالها مع الصيغة، باتت تولّد الشوائب الكوارثية التي نشبت خلال قرن من “التشريع” ذي الوجه اللبناني الخاص أو من تفسير الدستور “عبر مراعاة الحساسيات المتنوعة”. هذه الميثاقية التي أصبحت برأيي “المشكلة لكلّ حلّ”. لذلك يقتضي إنهاء ثلاثة مواضيع فور الإنتهاء ممّا سبق من مقترح، وهي:
– المادة 95 من الدستور. ونذكر بالبيانات الصادرة منذ الدستور الأول الى البيان الوزاري الأول في حكومة الإستقلال الذي أتى على ذكر “لحظة لبنان في إلغاء الطائفية”. وهنا يجب التوضيح أن المناصفة لا تعني شلّ عمل الدولة وتعطيل مصالح المواطنين، بل هو مجرّد عمل سياسي هَدَفَ، في الأساس، الى تطمين جناحيْ لبنان، وليس آلية لتعطيل العمل الإداري والوطني والسياسي، وأنّه لم يعد يناسب حتى ذكره في أيّ دستور على ضوء فشل الممارسات عبر العقود والعهود.
– قانون إنتخاب جديد حديث عادل وديمقراطي بكلّ معانيه وتفاصيله ويحترم كلّ مادّة من مواد الدستور.
– “إجتثاث” الطائفية من أساسها بالعودة إلى كلّ مادة من مواد الدستور ومقدّمته والعمل على إلغاء كلّ تناقض فيما بينها والأمثال كثيرة ومنها ما يرد في البنود ج وح وي من المقدّمة و المواد 7 و9 و10 و12 و22 و27 و95.
وبعد هذا كلّه … حيِّ على الصلاح !
ونكرّر القول: ” القانون يجب أن يكون مثل الموت … لا يستثني أحدًا ” (**)
(*) من مجموعة مقترحات تصدر، بشكل مستمر، تحت عنوان “أوراق في الإصلاح” على التوالي مع تطور العُقَد والتعقيدات.
(**) من أقوال مونتيسكيو Montesquieu.
(1) الصحافي نقولا ناصيف، جريدة “الأخبار” في 22-9-2020.
(2) يعبّر جُلّ شبابنا الجامعي عن مواطنيته وتوجّهاته السياسية وإحتياجاته الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية في الشارع وعبر التواصليات الآن، ويبني، في الجيش الوطني، سياج الوطن في وجه العدو، وهو يقود الآليات على الطرقات بكلّ ما في ذلك من مخاطر قاتلة ومسؤوليات مواطنية في حين أنّه ما زال محرومًا من ممارسة حقّه السياسي. ونشير الى أنّ مشروع خفض سنّ الإقتراع الى سن ال18 كان مطروحًا منذ العام 1953 ، على الأقلّ، عندما مُنِحَتْ المرأة في حينه حقّ الترشّح والإنتخاب. كما ونشير الى أنّه كان نواب الأمّة جمعاء قد وقّعوا في العام 2009 عريضة نيابية، بِصَخَب إنتخابي عالي النبرة (طبعًا في موسم الإنتخابات)، لتخفيض سنّ الإقتراع هذا وقد عادوا وتناسوه.
(3) في الأسباب أيضًا أنّنا نسمع ونقرأ كلّ فترة عن 60 قانونًا أو أكثر قيد الإقرار، أي محفوظة في أدراج السلطات التنفيذية (وجلّ هذه السلطة يمثّل، طبعًا ودائمًا، السلطة التشريعية)، ومن هذه القوانين ما “استدلّ طريقه” الى هناك في العام 2000، نعم العام 2000، والتي تمتنع (وبأيّ حقّ دستوري نسأل؟) السلطة المعنية عن إصدار مراسيمها التطبيقية. يحصل هذا كلّه على الرغم من وجود لجنة متابعة تطبيق القوانين والتي أنشأها المجلس (المتمثّل بإصرار كبير في السلطة التنفيذية) في العام 2014 ممّا يعطّل ما يُعْرَف بالإصلاح الإداري. وفي موازاة ذلك، هناك حرص “نيابي” دائم على الإعلان عن “النشاط” النيابي “الإشتثنائي” بإذاعة، كلّ فترة، والتفاخر بعدد القوانين والتشريعات المُنجزة كلّ عام.