تحيي روسيا اليوم 9 مايو الذكرى الـ 77 للنصر في الحرب الوطنية العظمي والمعروف إعلاميا باسم الحرب على النازية وهو النصر الذي حدث في العام 1945م في اليوم الثامن من شهر مايو، وفي اليوم التاسع من نفس الشهر أعلنت حكومة الاتّحاد السوفيتي عن استسلام ألمانيا، حيث يقام عرض عسكري ضخم في الساحة الحمراء الواقعة في مدينة موسكو بالتوازي مع إطلاق عروض عسكرية وفعاليات أخرى في المدن الروسية من أقصى شرق البلاد إلى غربها.
ويتميز العرض العسكري الحالي بتزامنه مع قيام الجيش الروسي بعملية عسكرية خاصة حسب التسمية الروسية لها والتي تدخل اليوم الـ 75 لها ولهذه الحرب آثار عالمية ربما تؤدي في رأي كثير من المحللين والمراقبين إلى ولادة نظام عالمي جديد لم تتبين ملامحه بعد.
وتجري عروض عسكرية بمشاركة جنود ومعدات للجيش الروسي حتى الآن في مدن الشرق الأقصى وسيبيريا، في الساعة العاشرة صباحا (السابعة بتوقيت جرينتش) فيما يقام العرض العسكري الكبير في الساحة الحمراء بالعاصمة الروسية، وذلك بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي سيلقى خلال الفعالية كلمة يترقبها كثيرون في العالم على وقع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وسيشارك في هذا العرض، الذي سيقوده القائد العام للقوات البرية، الجنرال أوليغ ساليوكوف، 11 ألف عسكري، و131 قطعة من المعدات العسكرية، بالإضافة إلى 77 طائرة مروحية.
ومن خصائص عرض هذا العام أنه سيسير في الساحة الحمراء ممثلون للقوات المشاركة في العملية الخاصة في أوكرانيا، على متن معدات عسكرية تابعة لهم.
وفي الساعة 12 ظهرا بتوقيت جرينيتش ستنطلق في موسكو فعالية “الفوج الخالد” التقليدية، حيث سيحمل المشاركون فيها صورا لجنود الحرب الوطنية العظمى خلال مسيرة ستقطع مسافة 7 كيلومترات في شوارع وسط العاصمة الروسية.
أما في المساء فستشهد موسكو عرضا احتفاليا للألعاب النارية تكريما ليوم النصر، بمشاركة أكثر من 70 قاذفة ذاتية الدفع، وسيستخدم فيه أكثر من 11 ألف قطعة من الألعاب النارية.
ويتكون العرض الأساسي العسكري في كل احتفال من قسمين؛ العرض الأول تاريخي حيث تعرض فيها آليات عسكرية قديمة مثل دبابات تي – 34 الشهيرة، فيما يجري العرض الثاني وهو معاصر وتعرض فيه الآليات والصواريخ الحديثة مثل صواريخ اسكندر والخنجر والأسلحة الفرط صوتية إلخ.
وهناك سبب لاختلاف احتفال روسيا بهذا النصر حيث تحتفل به في يوم 9 مايو بينما يحتفل الأوروبيون به في يوم 8 مايو ويكرس هذا الاختلاف الحرب الروسية الأوكرانية الجارية حاليا.
ويرجع سبب الاختلاف إلى فارق التوقيت بينما يحتفل الروس بذكرى استسلام النازي في 9 مايو يحتفل غالبية الحلفاء بالذكرى نفسها في 8 من الشهر نفسه، أي قبل يوم من الاحتفالات في موسكو، ذلك أن الألمان قد وقعوا على وثيقة الاستسلام في ساعة متأخرة من يوم 8 مايو وبالتحديد أعلنا رسميا وقف جميع العمليات في تمام الساعة 23:01 بالتوقيت المحلي، بعد منتصف الليل بالفعل بتوقيت موسكو.
وتحتفل معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة بالعيد في ذلك اليوم 8 مايو لكن الروس يحيون الذكرى في 9 مايو مع كل من صربيا وبيلاروسيا.
وظلت ذكرى النصر في الاتحاد السوفيتي مناسبة لاحتفالات محدودة تشهدها 4 مدن كبرى لمدة عقدين من الزمان بعد نهاية الحرب، ولم يكن في هذه الفترة عطلة رسمية.
لكن مع حلول عام 1963، رأى الزعيم السوفيتي آنذاك ليونيد بريجنيف أنه يجب تكريس اهتمام أكبر بتلك المناسبة في محاولة لتعزيز الروح الوطنية وتدعيم الأساس الأيديولوجي في البلد الذي كان يخوض وقتها حربا باردة ضد ما كان يسمى في ذلك الحين “العالم الحر”.
وسعى بريجنيف إلى إضفاء نوع من القدسية على ذلك اليوم عبر إطلاق فعاليات على المستوى القومي، وتنظيم استعراض عسكري في الساحة الحمراء، وجعل يوم 9 مايو عطلة وطنية.
وفي نحو 5 عقود يعمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوائل القرن الحادي والعشرين إلى تعزيز الاهتمام بالعيد في ظل رغبته في إعادة روسيا مجددا إلى المشاركة في قيادة عالم ظل لعقود أحادي القطب بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وبزوغ الزمن الأمريكي.
تجدر الإشارة أن هذا العرض العسكري هو تقليد لذات العرض الذي جرى في العام 1945م والذي احتفل الروسيّون فيه بمناسبة الانتصار على ألمانيا بإقامة حفل ضخم وكبير في الساحة الحمراء وقامت بالاستعراض العسكريّ بمشاركة ألف وستمائة آلة من الآليات الحربية، والممثلين العسكريين عن الجبهات الاثنتي عشرة الذين شاركوا في دحر القوات النازية، وفي العام 1965م أقيم الاستعراض العسكري الثاني لإحياء ذكرى النصر بمرور عشرين عاماً، وفي العام 1985م أقيم الاستعراض العسكري الثالث لمرور أربعون عام على النصر، وفي العام 1995م أقيم الاستعراض الرابع لذكرى النصر بمرور خمسين عاماً، كما أنّه في العام نفسه أصدر مرسوم رئاسيّ يقضي بإقامة العروض العسكرية في كل عام.
وفي العام 2008م استعرض لأوّل مرّة المعدات الحربيّة الثقيلة التي شاركت في الحفل، وفي العام 2015م احتفلت روسيا بذكرى مرور سبعين عاماً على عيد النصر الذي أبرز ما جاء فيه: مشاركة ستّة عشر ألف وخمسمائة عسكري ومائتي آلة من الآليات الحربية ومائة وخمسين مروحية وطائرة حربية، وذلك شارك في الحفل العسكريون الأجانب الذين مثلوا عن جيوش الدول الصديقة لها ومن هذه الدول أذربيجان، وأرمينيا، والصين، والهند، وصربيا، وطاجيكستان، وكازاخستان، وقرغيزيا، ومنغوليا، وبيلاروس، وحضر الحفل المحاربون القدامى الذين شاركوا في الحرب الوطنية العظمى، وعشرون رئيساً من رؤساء الدول.