بعث المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، السفير رياض منصور، ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من: الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر(نيجيريا)، وكذلك رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتعلق بالأزمة المالية التي تمر بها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)، وتبعات هذه الأزمة على الحياة الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في شتى أماكن تواجدهم.
جاءت رسائل منصور هذه إثر التقرير الذي أصدره المفوض العام للوكالة، بيير كراهينبول، بتاريخ 3 أغسطس الحالي، بالإضافة للنتائج التي خرجت عن الدورة غير العادية للجنة الاستشارية للوكالة بتاريخ 26 تموز الماضي، والتي تمحورت حول الأزمة المالية الحادة التي تعصف بها، حيث وصل العجز في موازنتها إلى 100 مليون دولار.
منصور أشار في رسائله إلى خمسة ملايين من اللاجئين الفلسطينيين يواجهون اليوم تبعات أسوأ أزمة تمر بها الأونروا منذ نكبة العام 48، أزمة ستجعلها عاجزة عن القيام بواجباتها والتزاماتها، في حقول التعليم والصحة والأعمال الإغاثية وغيرها وهي الواجبات التي انيطت بها بموجب قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدءا بقرار التأسيس (302) لعام 1949 وحتى آخر قرار كان بشأنها في الدورة 69 للجمعية العامة.
وأشاد بدور وكالة الأونروا في إغاثة اللاجئين الفلسطينيين على مدار سته عقود تقريبا، ودورها أيضا في تنشئة جيل من المتعلمين الفلسطينيين، وفي حفظ الاستقرار والأمن في المنطقة من خلال أعمالها الإغاثية والتي من المفترض استمرارها لحين إيجاد حل لمشكلة اللاجئين على أساس قرار الجمعية العامة 194، مؤكداً أن الإخفاق المحتمل لوكالة الأونروا في افتتاح الموسم الدراسي القادم سيكون له تبعات سلبية جدا على مجتمع اللاجئين الفلسطينيين وسيشمل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، وفي السياق ذاته اشار الى أن هذا الإخفاق يعني إغلاق 700 مدرسة وتغيب نصف مليون طالب عن مقاعد الدراسة والتحصيل العلمي وبقائهم في الشوارع، وكذلك إغلاق 7 مراكز تدريب مهني أمام 7000 طالب من الشباب، وسيؤثر أيضا على 22 ألف موظف يعملون لحساب الوكالة وبالتالي على عائلاتهم، وكل هذا سينعكس بالنهاية على الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين وسيُضيف أعباءً اقتصادية وأمنية عليها هي بالتأكيد في غنى عنها.
وحث منصور الدول الاعضاء في المنظمة الدولية على ضرورة الاستجابة السريعة للنداء الذي أطلقته وكالة الأونروا لإغاثتها والتبرع لها، سيما أن البيئة الميدانية التي تعمل فيها هي بيئة ملتهبة، خاصة في قطاع غزة إثر الحروب الإسرائيلية الثلاثة وسنوات الحصار الثمانية عليه، وفي سوريا جراء الصراع الدائر هناك، وانتشار التطرف، وطالب بأن يتم وبشكل عاجل رفد موازنة الأونروا بمائة مليون دولار لسد العجز الحالي لديها، والذي يشكل التعليم نسبة 60% منها ليتم ضمان أن تفتح المدارس أبوابها أمام الطلاب اللاجئين في الموعد المحدد أسوة بباقي مدارس الدول المضيفة، مذكرا بالنداء الذي يعاد التأكيد عليه في قرارات الجمعية العامة سنويا، والذي يحث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتبرع الى وكالة الأونروا وكذلك رفع مساهمتهم في دعم موازنتها، لضمان سير باقي أعمالها ونشاطاتها كالخدمات الطبية والإغاثية.
في معرض رسائله أشار منصور الى أن 97% من موازنة وكالة الأونروا تأتي من تبرعات ومساهمات طوعية من قبل الدول الأعضاء وهو ما لا يشكل التزاما قانونياً على أحد وبالتالي تظل الوكالة عرضة وبشكل دائم لهذه الأزمات، وحث منصور الأمين العام للأمم المتحدة على اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لمعالجة هذا الخلل، وفي هذا السياق أعاد التأكيد على المسؤولية الدائمة للأمم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية الى أن يتم حلها في جميع جوانبها وحينها فقط تنتهي الولاية القانونية لوكالة الأونروا تجاه اللاجئين الفلسطينيين، مذكراً إياه بما جاء في تقرير المفوض العام للأونروا من أن هذه الأزمة هي اختبار حقيقي لإرادة المجتمع الدولي وقدرته لإيجاد حلول حقيقية من شأنها السماح لوكالة الأونروا بإنفاذ ولايتها المناطة بها تجاه الفلسطينيين، والتأكيد على الالتزام السياسي الدولي بإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وهو الحل الذي تأخر طويلا وأصبح أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.