تحاول المقاومة الفلسطينية كسر الحصار المالي المفروض عليها بابتداع أساليب جديدة ترى فيها التفافا على الإجراءات المشددة التي يتخذها الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه؛ للحيلولة دون وصول الدعم والأموال لها.
وفي السياق، دعت كتائب عزالدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الثلاثاء، مؤيديها في العالم إلى تقديم الدعم المالي لها من خلال عملة “بتكوين” الرقمية الافتراضية.
وكتب أبو عبيدة الناطق باسم القسام في تغريدة نشرها عبر قناته على موقع التواصل الاجتماعي “تليغرام”: ندعو كل محبي المقاومة وداعمي قضيتنا العادلة لدعم المقاومة ماليا من خلال عملة البيتكوين عبر الآليات التي سنعلن عنها قريبًا، دون تفاصيل إضافية.
و”بيتكوين” هي عملة رقمية تعتمد على التشفير، وتتميز بأنها “عملة لا مركزية”، أي لا يتحكم بها غير مستخدميها، ولا تخضع إلى رقيب مثل “حكومة أو مصرف مركزي” كبقية العملات المتداولة في العالم.
ولا تملك العملات الرقمية المشفرة، رقما متسلسلا ولا تخضع لسيطرة الحكومات والبنوك المركزية، كالعملات التقليدية، بل يتم التعامل بها فقط عبر شبكة الإنترنت، دون وجود فيزيائي لها.
وتثير هذه الدعوة سؤالا مهما حول مدى نجاعتها في كسر الحصار المالي المفروض على المقاومة في غزة وعلى رأسها كتائب القسام؟
من جهته قال الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل، إن هذه العملة الافتراضية “البيتكوين” لا تحل المشكلة الاقتصادية التي تواجهها حماس والحركات الأخرى في غزة، مشير إلى أن هذه العملة لا تزال محظورة من قبل البنوك المركزية في العالم لأسباب عديدة.
ومن بين تلك الأسباب قال إسماعيل أن هناك مخاوف دولية من استخدام هذه العملة في عمليات غير قانونية، كتمويل الإرهاب، والتهريب، والتهرب من الضرائب.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن العملات الرقمية تعتبر ملاذا للعمليات غير القانونية كونها مشفرة ويصعب معرفة هوية المتعاملين فيها.
و”البيتكوين لا تستند على مقومات اقتصادية كاليورو أو الدولار ولا يوجد احتياطي ذهب خلفها وغير معترف بها كعملة رسمية، ومن سلبياتها أنها سريعة التقلب، حيث خسرت الكثير من قيمتها وبريقها الذي سطع في العامين الأخيرين”. بحسب إسماعيل.
لكن الخبير في العملات الرقمية والتشفير الإلكتروني رائد رشيد، كان له رأي آخر حين توقع أن تكون المقاومة قد تمكنت من أن تصل إلى طريقة لاستقبال الدعم بالعمللاات الرقمية، يستحيل على أي أحد اختراقها أو إيقافها أو إعاقتها بأيٍ شكلٍ من الأشكال.
ويؤكّد الخبير الرقمي، أنّ دولاً كبيرة حاولت إيقاف هذه العملة إلا أنّها فشلت بذلك، مرجعاً ذلك أن نظام التعامل فيها يكون الندية من مرسل إلى مستقبل دون أي وسيط مركزي كما هو الحال في العملات الورقية وغيرها. بحسب تصريح للمركز الفلسطيني للإعلام.
ويعتقد رشيد أنّ ذكاء المقاومة وصل بها إلى استخدام هذه العملة، مبيناً أنّ الذكاء سيكمن أيضاً في طريقة التعامل بهذه العملة بحيث ألا تكون سطحية.
ويضيف: “نجاح هذه العملة عالمياً بات يؤرق دولاً كثيرة والمصارف المركزية، سيما أنّ إيقافها أصبح صعباً، وبعد انعدام الثقة في البنوك والمصارف، فباتت بديلاً يمكن الاستغناء من خلاله عن العملات الورقية”.
يذكر أن عملة البيتكوين بدأ التدول بها عام 2009 من قبل شخص غامض أطلق على نفسه اسم ساتوشي ناكاموتو. ونشأت عملة بيتكوين عبر عملية حاسوبية معقدة، ثم جرت مراقبتها بعد ذلك من جانب شبكة حواسيب حول العالم.
ويجري إصدار نحو 3600 عملة بيتكوين جديدة يوميا حول العالم، ووصل عددها حاليا إلى 16.5 مليون وحدة يجري تداولها، وذلك ضمن الحد الأقصى المسموح به وهو 21 مليون وحدة بيتكوين.
وللحصول على هذه العملية فإن على المستخدم شراءها وإجراء المعاملات بها من خلال بورصات رقمية مثل Coinbase التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها. وبدلا من أن تقر سلطة مركزية عملية التحويلات فإنها تسجل جميعها في موازنة عامة يطلق عليها اسم blockchain. بحسب “بي بي سي”.
والبيتكوين ليست موجودة بالفعل ولكنها مفاتيح رقمية مسجلة في محفظة رقمية يمكنها أن تدير التحويلات. فإذا تم استخدام محفظة أونلاين فإن المستخدمين يجب أن يثقوا في مصدرها لأن القراصنة يستهدفون الخوادم بهدف سرقة البيتكوين.
ومن مميزاتها الرسوم المنخفضة، لأن العملة لم تنتقل بل كود العملة هو الذي يخرج من محفظة ويدخل إلى محفظة أخرى.
ووضعت أول ماكينة صراف آلي للبيتكوين في مدينة فانكوفر، بمقاطعة بريتيش كولومبيا بكندا عام 2013، وتسمح للمستخدمين بشراء العملات الرقمية أو بيعها. (عربي 21)