غزة – محمود هنية
خلافًا لما تنشره أوساط سياسية مقربة من السلطة الفلسطينية حول رغبتها تجميد عمل لجنة المصالحة المجتمعية التي شكلّت مؤخرًا في قطاع غزة؛ لإزالة أضرار الانقسام، تؤكدّ مصادر فصائلية أن مصر والامارات حريصتان على استمرار دور اللجنة في غزة، وتحصينها من أي إجراءات قد تعطّل عملها.
وأشارت المصادر إلى أن الوسيط المصري عرض على وفد حركة فتح الذي كان قد زار القاهرة الشهر الماضي بالمشاركة رسميا في اللجنة، والانضمام إلى لجنة “التكافل الاجتماعية” المموّلة من الامارات.
وأكدت أن نائب الرئيس الاماراتي محمد بن زايد أشرف شخصيا على خطوة تشكيل اللجنة، وأن أبو ظبي تموّلها بنصف مليون دولار شهريا، وأنجزت حوالي 40 قضية. لذلك تستبعد هذه المصادر “إمكانية أن يقترب الرئيس محمود عباس من اللجنة”، وفق تعبيرها.
أسامة الفرا مسؤول ساحة “التيار الإصلاحي” في حركة فتح بغزة، أكّد أن الدور المصري أيضا حاضر في تعزيز عمل اللجنتين “المصالحة المجتمعية” و”التكافل”، مع الإشارة إلى أنهما تضمان ممثلين عن جميع الفصائل باستثناء حركة فتح، والجبهة الشعبية التي تحفظت عن المشاركة فيهما.
وتقترب لجنة المصالحة المجتمعية من حلّ عدد كبير من قضايا الدماء، وبدأت بدخول المرحلة الثانية والممثلة بحل “14 قضية” في كل محافظة، إضافة الى نجاحها في الافراج عن معتقلين متهمين بالإخلال بالأمن الداخلي أثناء فترة الانقسام، وفق عضو اللجنة أبو سليم أبو دقة.
ويشير أبو دقة إلى أن اللجنة زودت الأجهزة الأمنية في غزة بـأسماء 300 شخص خرجوا من القطاع أثناء أحداث 2007، وهناك تواصل لحل ملفاتهم، قائلا إن “السلطة حاولت عرقلة عمل اللجنة، عبر تهديد عوائل بقطع رواتب أبناءها في حال موافقتها على تسوية قضايا الدم”.
وهنا تؤكد المصادر أن الوسيط المصري سيقنع حركة فتح بالانضمام إلى لجنة المصالحة المجتمعية التي تضم ممثلين عن الفصائل ومن بينهم تيار دحلان”وألا تقف حجر عثرة على طريق أعمالها”.
وذكر أبو دقة أن اللجنة المشكلّة هي نفسها التي وافقت فتح على تشكيلها في القاهرة، وتضم أشخاصًا كانوا مطروحين آنذاك فيها، ومن بينهم أشرف جمعة الذي كان مرشح الحركة قبل أن يصبح محسوبا على تيار دحلان، مؤكدا أن حركة فتح هي التي رفضت المشاركة لاحقا.
وأضاف: “في المحصلة، الفصائل اتفقت وعلى عباس أن يحترم اتفاقها، كما أنّ اللجنة مشكلة وفق تفاهمات القاهرة 2011″، مشيرا إلى أن اللجنة بصدد تسوية المزيد من ملفات الدماء، وستشرع في المرحلة المقبلة بحل قضايا في المنطقة الوسطى.
يشار إلى أن الرئيس محمود عباس كان قد أكد في مقابلة أجراها مع الإعلامي المصري عمرو أديب ، أنه “لن يسمح لأي دولة بالتدخل في ملف المصالحة”، في وقت أقر فيه خلال المقابلة أن كلا من قطر وتركيا باركتا المصالحة ولم تعترضا عليها، ما وضع احتمالا في حديثه عن أبو ظبي التي تمول غريمه السياسي محمد دحلان.
وكان النائب عن حركة فتح ماجد أبو شمالة قال إن عمل لجنتي المصالحة المجتمعية والتكافل سيبقى مستمرًا في الفترة المقبلة، وستقدم المزيد من المشاريع.
وذكر أبو شمالة، الذي يترأس مجلس أمناء لجنة التكافل الوطنية، أن اللجنة ستواصل تأدية خدماتها، وأضاف: “لا أعتقد أن أحدًا سيمنع اللجنة من أداء مهامها، وعلى فتح أن تلتقط الفرصة لترتيب البيت الفلسطيني وانهاء الانقسام، والتكاتف في خدمة أبناء شعبنا”.
بدوره، أكد صلاح البردويل النائب عن كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس، أن المصالحة المجتمعية حققت انجازات واختراقات مهمة، وأنها ماضية في عملها حتى تحدث حالة ارتياح شعبي فلسطيني.
وقال البردويل في حديث سابق إن المصالحة المجتمعية طالما تحققت فستؤسس لوحدة وطنية، وحلّ لكثير من القضايا العالقة على المستوى السياسي بين حركتي فتح وحماس، وبين الكل الفلسطيني.
وأضاف أن المصالحة المجتمعية إحدى ملفات المصالحة المهمة التي تم التوقيع على بنودها في القاهرة عام 2011، معتبرا أنها من أكثر الملفات حساسية وحيوية “كونه يمس النسيج الاجتماعي الفلسطيني، الذي تضرر بسبب الأحداث المؤسفة أثناء الانقسام”.
وشكلت اللجنة عام 2011 من الفصائل والقوى الفلسطينية بدعم اماراتي، ونفذت العديد من المشروعات الإنسانية في القطاع وعملت على تعويض عوائل ضحايا الانقسام.