آخر مستجدات مفاوضات حقل “غزة مارين”.. ترقب اسرائيلي ومصالح فلسطينية مصرية

آخر مستجدات مفاوضات حقل
آخر مستجدات مفاوضات حقل "غزة مارين".. ترقب اسرائيلي ومصالح فلسطينية مصرية

في ضوء تصاعد الحرب الأوكرانية لمستوى غير مسبوق، شهدت دول حوض شرق البحر المتوسط مجموعة تطورات كبيرة على مستوى تدشين اتفاقيات لاستخراج الغاز من المنطقة الغنية بالوقود الأحفوري.

آخر هذه المستجدات، مفاوضات مصرية مع الفلسطينيين ومع إسرائيل؛ بهدف التوصل إلى اتفاق يتيح لها تطوير حقل الغاز “غزة مارين” قبالة سواحل قطاع غزة، وهو أقدم الحقول المكتشفة في المنطقة منذ تسعينيات القرن الماضي.

والمفاوضات الجارية، تأتي بعد عام من توقيع البلدين مذكرة تفاهم، على أن تمتلك الشركة المصرية المشغلة للحقل 45% من حصة الحقل البحري، بهدف توفير احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي، مع تصدير جزء من الإنتاج لمصر.

وحسب تقارير صحفية، فإن مصر والسلطة الفلسطينية، على وشك توقيع اتفاق يحدد حصص الأطراف المستفيدة من الحقل، على أن تبدأ شركة “إيجاس” الحكومية المصرية الخطوات العملية لتطوير الحقل، تمهيدا لاستخراج الغاز بالكميات التجارية بعد 30 شهرا من توقيع الاتفاقية.

وقالت مصادر رسمية فلسطينية، الأسبوع الماضي بحسب وكالة الأناضول، إن الجانبين سيوقعان خلال الربع الأخير 2022، على الاتفاق الفني الذي يحدد توزيع الحصص على الشركاء وكيفية تسويق الغاز.

ومنذ شهور تدور مباحثات مثمرة -وفق مصدر فلسطيني تحدث للجزيرة نت- بين ائتلاف فلسطيني مكون من صندوق الاستثمار وشركة اتحاد المقاولين العالمية (سي سي سي) من جهة، وشركة الغازات القابضة المصرية (إيجاس) المملوكة للحكومة من جهة ثانية، لتطوير الحقل وتشغيله.

تقدم في المحادثات

قال مصدر فلسطيني مطلع على المباحثات إن المباحثات مستمرة منذ فبراير/شباط الماضي، وتم الاتفاق على قضايا مرجعية، لكن التفاصيل قيد البحث، والمحادثات تتقدم بشكل جيد، مشيرا إلى أن أي اتفاق نهائي سيعرض على الحكومة الفلسطينية التي ستقره وسيعلن في حينه.

وأعلنت الحكومة الفلسطينية في ختام جلستها الأسبوعية، الاثنين الماضي، تشكيل لجنة وزارية للمتابعة مع صندوق الاستثمار، لإتمام اتفاق مع الشركة المصرية لتمويل وتشغيل حقل الغاز الفلسطيني قبالة قطاع غزة.

ووفق المصدر الفلسطيني، فإن دور اللجنة هو متابعة المفاوضات الجارية ومدى تقدمها ومراجعة ما يقدمه الائتلاف صاحب الرخصة.

الشراكة المصرية

ويأمل الفلسطينيون أن يساعد وجود مصر في المشروع -إلى جانب أزمة الغاز العالمية- في المضي قدما نحو مشروع استخراج الغاز.

ووفق المصدر الفلسطيني، فإن من النقاط العامة المتفق عليها، أن تكون الأولوية في الغاز لسد احتياجات السوق الفلسطيني، ولا سيما شركات توليد الكهرباء الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة الذي يعاني من مشكلة الكهرباء، إضافة إلى محطة كهرباء جنين التي يجري العمل عليها.

وبالنسبة لإسرائيل، قال المصدر إنها دولة محتلة وليست طرفا في التطوير، وبالتالي ليست لها عوائد مالية، وعلاقتها بملف الغاز تتحدد من خلال اتصالات مع القنوات الرسمية خاصة السلطة الفلسطينية ومصر.

في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي الفلسطيني نصر عبد الكريم أن أهمية المباحثات الفلسطينية المصرية تكمن في تنفيذ أي اتفاق متوقع، “لأن أي اتفاق دون موافقة إسرائيلية على البدء في استخراج الغاز يفقد قيمته”، وفق قوله.

وأوضح عبد الكريم أن المؤشرات تدل على أن الشركة المصرية -من خلال الحكومة- حصلت على موافقة إسرائيلية مبدئية لاستكمال الحفر والتنقيب واستخراج الغاز.

ضغوط خارجية

قال عبد الكريم إن المفاوضات تمت على مدى سنوات ماضية، كما توفرت عوامل ضاغطة، حيث استطاعت مصر انتزاع الموافقة الإسرائيلية عبر توظيف علاقة القاهرة المستقرة مع تل أبيب وحاجة الأخيرة وأوروبا للغاز، مضيفا “لكن السؤال المفتوح عن الشروط ومكان نقطة التجميع والتوزيع”.

وأشار إلى أهمية الاتفاق على أن ينقل غاز الحقل إلى محطة العريش في مصر، ثم يعاد تصديره إلى غزة ومحطة كهرباء جنين وغيرها، لكن إذا أمسكت إسرائيل بمفاتيح الأنابيب فستوظف الغاز سياسيا.

وأضاف أن من بين التفاصيل التي يفترض أن تكون قيد البحث، هي آلية نقل الغاز واسترداد تكلفة الاستثمار بالنسبة للشركة المصرية، بالإضافة إلى التمويل، وهل سيباع في فلسطين بأسعار تنافسية أو مخفضة؟

قيمة إستراتيجية واقتصادية

ويشير عبد الكريم إلى أن القيمة السوقية لاحتياطي الغاز في حقل غزة تقدر ما بين 7 – 8 مليارات دولار، وإذا لم يتم تصديره والاقتصار فقط على استخدامه داخل الأراضي الفلسطينية فسيكفي 25 عاما، ولا حاجة للاعتماد على الغير وتحديدا إسرائيل، كما ستستفيد خزينة السلطة الفلسطينية سنويا بنحو 150 مليون دولار.

أما إستراتيجيا، فقال إن الغاز يفتح المجال أمام السلطة الفلسطينية كي تصبح لاعبا في سوق الطاقة بالمنطقة، خاصة أنها ضمن 9 دول أعضاء في منتدى غاز المتوسط، مضيفا أن “الصراع اليوم في العالم على ملف الطاقة”.

امتيازات وخبرات

مستبعدا عرقلة إسرائيل للمفاوضات أو حصولها على حصة من الحقل، باعتباره يقع في نطاق المياه الاقتصادية الفلسطينية، يقول رمضان أبو العلا، الخبير في هندسة البترول والطاقة بجامعة قناة السويس، إن بلاده قادرة بحكم علاقاتها بالأطراف الثلاثة (إسرائيل والسلطة وحماس)، على إنجاح المفاوضات وإعادة تنمية واستغلال حقل “غزة مارين”.

وأضاف أبو العلا أن خبرات مصر في مجال ترسيم الحدود البحرية وتشغيل حقول الغاز وإدارتها، يمنحها القدرة على المساهمة في استغلال الفلسطينيين لثرواتهم البحرية، مشددا على أن نتائج المشروع ستعود بإيجابية على مصر، وإن كانت “سياسية وليست اقتصادية بالدرجة الأولى”.

ومن منظور فني، أشار إلى أن عضوية فلسطين في منتدى غاز شرق المتوسط، تعزز من أهمية الحقل، فيما تبقى مسألة استغلاله في التصدير لأوروبا -على غرار اتفاق توريد الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر مصر- مرهونة بغياب بنيته التحتية، ومدى قدرة الشركة المشغلة للحقل (إيجاس) على إدارته وتشغيله.

لكنه استدرك بالقول إنه رغم غياب البنية التحتية تبقى هناك وسائل بديلة على غرار ناقلات النفط، ثم الأنبوب البحري بين مدينتي عسقلان في إسرائيل والعريش المصرية، وصولا إلى محطتي الإسالة في مدينتي إدكو ودمياط، شمالي مصر.

العوائد المصرية من حقل غزة مارين

عن العوائد المصرية من حقل غزة مارين، يقول الخبير في صناعة النفط والغاز والنقل البحري، إبراهيم فهمي، إنها تمنح القاهرة الاشتراك في تنمية الحقل كشريك ومقاول، وكذلك القيام بالإعلان عن امتيازات بلوكات بحرية، ودعوة الشركات العالمية للاستكشاف، وتنمية الإنتاج في المناطق البحرية الواعدة داخل حدودها البحرية القريبة من غزة، بعد ترسيم الحدود مع السلطة الفلسطينية.

يعتقد فهمي أن حقل غزة مارين، بالنظر إلى كونه صغيرا -بحسب المعلومات المتوفرة من الاكتشافات السابقة- تقدر مؤشرات الاحتياطات أن الإنتاج المتوقع سيكون محدودا، ويهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي في أحسن الأحوال، مع استفادة إسرائيل من نسبة يتفق عليها من الإنتاج.

وأضاف أن إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط جاء تمهيدا للانتقال إلى تنمية حقول الاستكشافات بشرق المتوسط، ثم السماح باتفاقيات تخص حقولا صغيرة، بشرط أن يكون الإنتاج في حدود تغطية الاستهلاك المحلي، مع هامش تصديري غير مؤثر في سوق الغاز العالمية الكبيرة.

وربط بين إحياء مفاوضات الترسيم واستغلال حقول الغاز بشرق المتوسط، على غرار الاتفاق الإسرائيلي اللبناني ومفاوضات حقل غزة عبر وساطة أميركية، بجهوزية السوق المنتظرة (الاتحاد الأوروبي).

 

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن