إسرائيل لا تكتفي بالسلام

نضال محمد وتد كاتب صحافي ومحلل سياسي
نضال محمد وتد

تثبت الاقتحامات الإسرائيلية على مدار شهر رمضان، والإصرار على إدخال مجموعات المستوطنين اليهود لباحات المسجد الأقصى، مع تمكينهم من أداء شعائر دينية يهودية علنية، خلافًا لسنوات سابقة، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، لا تقيم وزنًا حقيقيًا، أو أي اعتبار لاتفاقيات “السلام” و”التطبيع”، القديمة منها (معاهدة السلام مع مصر، واتفاقية وادي عربة مع الأردن)، كلما اصطدمت هذه الاتفاقيات مع أسس الإجماع الصهيوني العلماني والديني.

بل تحول إسرائيل هذه الاتفاقيات بسهولة، إلى سلاح تشهره في وجه من وقعها معها، لتلزمه ليس فقط بعدم الاحتجاج على جرائمها وممارساتها، بل لتدعوه وتطالبه، بكل صلف ووقاحة، ألا يردد “أكاذيب” الفلسطينيين، وأن يتصرف بمسؤولية لتهدئة الخواطر، وكأن معارضة الاحتلال ومقاومته إرهاب، أو حالة هيجان.

وقد بينت ردود الفعل الإسرائيلية، في هذا السياق، ضد تصريحات رئيس الحكومة الأردنية، بشر الخصاونة، ووزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، وبيانات الإمارات والبحرين واللجنة الوزارية لوزراء الخارجية العرب، ضد الاعتداءات الإسرائيلية في القدس المحتلة، طبيعة الاستعلاء الاستعمارية في تعامل إسرائيل مع هذه الدول، وزعمائها.

تريد إسرائيل من هذه الدول أن تلقي خلف ظهرها، بعد أن “وقعت” في شباك وهم السلام مع إسرائيل، أي تضامن أو تأييد للحق الفلسطيني في التحرر من أطول احتلال منذ الحرب العالمية الثانية، وآخر حالة استعمار على وجه الكرة الأرضية.

وتبين لنا مراجعة علاقة إسرائيل مع الدول التي وقعت معها اتفاقيات سلام، بدءا من اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، أنها تعتبر أن توقيع دولة عربية على سلام معها، يُلزم هذه الدولة، بأن تراعي المصالح الإسرائيلية، خصوصًا الأمنية منها، مع “كرم إسرائيلي” بتفهم مواقف قد تكون غاضبة، لفظًا لا فعلًا، ردًا لعدوان هنا وعدوان هناك، لكن دون أن يغير هذا الموقف شيئًا في السياسة الإسرائيلية.

هكذا كان الحال منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982، حيث لم تأبه بمواقف مصر وتهديداتها.

وتكرر الأمر في العدوان على الضفة الغربية، وحصار الرئيس عرفات في عدوان “السور الواقي”، والحرب الثانية على لبنان، والاعتداءات المتكررة على قطاع غزة. وأخيرًا الاعتداءات الحالية في المسجد الأقصى، وسط خرق مفضوح لآخر التفاهمات مع الأردن والسلطة الفلسطينية، بوساطة وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جون كيري في العام 2014. وهي تقوم بذلك، لأنها ببساطة لا تريد من العرب السلام، وإنما الاستسلام التام وتبني مواقفها وروايتها هي لا غير.

نضال محمد وتد كاتب صحافي ومحلل سياسي

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن