إسرائيل.. ووثائق عدوان 1967

إسرائيل.. ووثائق عدوان 1967
حافظ البرغوثي

بقلم: حافظ البرغوثي

مازالت ثورة 23 يوليو التي احتفل بذكراها التاسعة والستين قبل أيام، موضع جدل في مصر وخارجها بين من يحمّل الثورة وقادتها وخاصة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر مسؤولية نتائج عدوان حزيران /يونيو سنة 1967، ومن يتهمها بخوض حروب وتقديم دعم مادي لثورات التحرر في إفريقيا والعالم العربي مبذرة قدرات مصر.

الواقع أن الثورة ككل، وخاصة عبد الناصر لم يكن في البدايات يفكر بأي نشاط خارجي بل صب كل جهده على الداخل المصري لإطلاق تنمية زراعية وصناعية وبسط مبدأ العدالة المجتمعية وإنصاف الفلاحين والعمال وخلق جيل من المتعلمين ليس إلا، ويظهر ذلك في خطب عبد الناصر وتركيزه على التنمية ولم يتطرق إلى الصراع مع إسرائيل. وكانت شرارة الانفتاح على الخارج هي العدوان الثلاثي سنة 1956 بعد تأميم قناة السويس. ثم جاء مشروع السد العالي وهو عماد التنمية، وانسحاب الصندوق الدولي من تمويله ما دفع مصر إلى الاتجاه شرقاً.

الآن أفرجت إسرائيل عن بعض الوثائق في أرشيفها السري والتي أكدت أن عدوان سنة 1967 لم يكن فجائياً بل جرى الإعداد له على مدى سنوات من التدريب ووضع الخطط.

وفنّد المؤرخ الإسرائيلي، آدم راز، الادعاءات التي عكف المؤرخون الإسرائيليون على طرحها منذ حرب حزيران/ يونيو 1967، بأن إسرائيل لم تخطط من قبل لاحتلال مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية والمصرية والسورية، وأن احتلال هذه المناطق كان نتاج ما وصف ب«المنزلق»، نتيجة لمجريات العمليات العسكرية على الأرض، نافياً أن يكون «الواقع الجديد» الذي نشأ في أعقاب الاحتلال قد فاجأ القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، مؤكداً أن الاحتلال كان «تعبيراً عن رؤية استراتيجية»، وكشفت الوثائق عن استعدادات تفصيلية دقيقة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية في السنوات التي سبقت حرب حزيران/ يونيو 1967، من أجل تنظيم مُسبق للسيطرة على الأراضي التي قدّر المسؤولون في المؤسسة الأمنية- بدرجة عالية من اليقين – أنه سيتم احتلالها في الحرب المقبلة. وتشير الوثائق إلى أن الاستعدادات الحثيثة والتفصيلية لدى الجيش الإسرائيلي، لاحتلال الأراضي العربية، بدأت في أوائل الستينات؛ وذلك ضمن مراجعة نتائج الفترة القصيرة لاحتلال قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.

وتتضمن وثيقة تحمل عنوان «مقترح لتنظيم الحكم العسكري» كتبها رئيس قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي، إلعاد بيلد، وقدمها إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينها، تسفي تسور، في حزيران/ يونيو 1961 تخطيطاً تفصيلياً وأولياً للقوات المطلوبة لحكم الأراضي المحتلة. وفي عام 1963 أصدرت هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي، برئاسة إسحاق رابين، أوامر بإعداد خطط لتنظيم إدارة عسكرية في مناطق منتشرة على نطاق واسع.

وتكشف الصياغة الواضحة والمباشرة لهذا الأمر العسكري، عن «اتجاهات التوسع (الإسرائيلية) المتوقعة» التي قدر المسؤولون العسكريون أن الحرب القادمة ستركز عليها، وتشمل الضفة الغربية ومنطقة سيناء وقناة السويس وهضبة الجولان السورية ودمشق وجنوب لبنان وصولاً إلى نهر الليطاني. وجاء قرار هيئة الأركان العامة الإسرائيلية بعد أن أشارت تقديرات إدارة الحكم العسكري في مراسلات داخلية قبل شهرين من القرار الصادر في آب/ أغسطس 1963، إلى أن «الخطط الموضوعة للإدارة والسيطرة المستقبلية» على مناطق محتلة وضعت «بطريقة متسرعة ولا تلبي جميع الاحتياجات بشكل كامل».

وينص هذا القرار الصادر تحت عنوان «أوامر تنظيمية – الحكم العسكري في حالة الطوارئ» على أن «تطلع الجيش الإسرائيلي لنقل الحرب إلى أراضي العدو سيؤدي حتماً إلى انتشار واسع واحتلال مناطق خارج حدود الدولة». و«هذا يستدعي تنظيماً دقيقاً لأساليب السيطرة العسكرية على الأراضي المحتلة، ولذلك أولى الجيش الإسرائيلي اهتماماً كبيراً بتدريب وإعداد الوحدات والهيئات الإدارية التي ستسيطر مستقبلاً على السكان الفلسطينيين».

ومشاركة قادة الحكم العسكري على الفلسطينيين في عملية التخطيط للسيطرة على مناطق محتلة مستقبلية كانت مطلوبة، باعتبار أنهم اكتسبوا خبرة في حكم الفلسطينيين عسكرياً بعد حرب 48.

فالتجربة الناصرية في الواقع كانت موضع تآمر دولي منذ البداية لمنع مصر من إنجاز التنمية وامتلاك القدرات العسكرية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن