إعادة دحلان لفتح مخطط دولي يمهد لخلافته لعباس

محمد دحلان

تشيد الجهود الدولية المتسارعة منذ أشهر لإنهاء الخلاف بين رئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس “وغريمه السياسي المفصول من حركة فتح النائب” محمد دحلان” بوجود “طبخة دولية” يبدو أنها لم تنضج بعد للتجهيز لما بعد عباس.

وتفتح فرضية المصالحة “الفتحاوية-الفتحاوية” وإن كانت شكلية نزولاً عند ضغوط الأطراف الدولية مصر والأردن والامارات والسعودية، الباب مجدداً للحديث عن تركة عباس ومناصبه التي تسببت بخلافات وصراعات داخل المؤسسات التي يترأسها عباس  على مدار فترة ولايته.

ومما لا شك فيه، أن جهود تلك الأطراف، التي تضغط للمصالحة وترميم البيت الفتحاوي، لا تسعى إلى تحقيق هذا الهدف وحسب، وإنما تجهز لما بعد عباس، فيما يبدو أن دحلان صاحب الخلفية الأمنية والعلاقات الدولية والحضور القوي بات هو المناسب في نظر الأطراف لقيادة دفة المرحلة المقبلة، الأمر الذي يدفعها إلى الضغط بقوة لإعادته داخل إطار الشرعية الفلسطينية.

وعلى ضوء ما سبق، فإن عباس الذي خلف الراحل ياسر عرفات في مناصبه المتعددة يبدو من الصعب اليوم أن يجمع خليفته ذات المناصب في وقت واحد، مما يزيد احتمال ترشيح  محمد دحلان لرئاسة واحدة من المناصب الثلاثة، وهي رئاسة السلطة وحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، في مقابل الحفاظ على وحدة حركة”فتح”.
وحدة فتح التي تسعى إليها عديد من الأطراف العربية قد تكون مقدمة لتسوية القضية الفلسطينية مع الاحتلال “الإسرائيلي” في إطار السعي الدولي إلى الوصول لتسوية شاملة في الشرق الأوسط من الممكن أن تشمل دول أخرى.

ومن المهم ذكره أن التحركات والدعوات الأردنية لضرورة ترميم حركة فتح، والتي سبقتها مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتوحيد “فتح” ورعاية مصالحة داخلية بين تياري دحلان وعباس بدأت قبل أشهر قليلة، فيما كان الأخير يقابل تلك المساعي بالرفض الشديد خشية من تخلخل مكانته.

لكن الأطراف باتت تدرك أنه من الضروري إنهاء تشرذم “فتح” لحسم الأمر والتجهيز لما بعد عباس مبكراً، لتقوية الحركة والحفاظ عليها في ظل المخاوف الكبيرة المشتركة لدى جميع الأطراف ومنها “إسرائيل” من فوز حركة حماس بانتخابات الهيئات المحلية المنوي إجراءها بداية الشهر المقبل.

وما يؤكد ذلك حديث المستشرق الإسرائيلي” رؤوبين باركوفي “في مقال له، الخميس الماضي، بموقع “أن.آر.جي” الإسرائيلي أن مصر والسعودية والأردن “تقود جهودا حثيثة لإبرام مصالحة داخل حركة فتح بين محمد دحلان ومحمود عباس، وفي حالة توفر زعيم ذي شخصية كاريزمية بديلاً عن عباس، فإن ذلك كفيل بإيجاد حل للقضية الفلسطينية”.

ويعتقد باركو أن الهدف من “المصالحة الفتحاوية الداخلية التي تقوم بها بعض الدول العربية هو رفع أسهم محمد دحلان ليكون وريثا محتملا للرئاسة الفلسطينية”.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي “طلال عوكل”، أن الحديث عن مصالحة فتحاوية بتدخل دولي قوي “مصري أردني مدعوم سعودياً وإماراتياً وخليجياً” يؤكد أنها ليست مصالحة عادية.

ويلفت عوكل  أن عودة دحلان لفتح تعطيه فرصة أكبر ليكون مرشحًا محتملًا للرئاسة لا سيما وأنه محل توافق كثير من الأطراف الفاعلة في المنطقة، على حد قوله.

وأشار إلى أن إلقاء قضية دحلان في حجر القضاء الفلسطيني قد يكون مقدمة لإيجاد مبررات وتخريجات للإجراءات التي اتخذت بحقه، ومن ثم تخليصه منها وفق خارطة طريق متفق عليها لعدم إدانة عباس واللجنة المركزية بتهمة تلفيق تهم كاذبة.

وكان “رفيق النتشة” رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية، قال إنه لن يتم إسقاط أي قضية موجهة ضد القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان في حال تمت أي مصالحة بينه وبين رئيس السلطة محمود عباس.

وأكد النتشة في تصريحات صحفية أن القانون سيأخذ مجراه في القضايا كافة التي أدين بها دحلان بالفساد، مشيرا إلى أن المحكمة هي سيدة الموقف في اتخاذ الإجراءات المتعلقة بهذا الخصوص.

وعلى خلاف الحديث السابق، فإن الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، استبعد التوصل إلى مصالحة بين عباس ودحلان رغم الضغوط العربية الهادفة إلى إيصال الأخير لموقع السلطة، مرجعاً ذلك إلى تهرب عباس من تلك الجهود.

وقال أبو شمالة : “إن عودة دحلان في ظل وجود عباس في الرئاسة هو تكذيب لكل الاتهامات بحق الأول وتبرئته قضائيًا، الأمر الذي يعرض الرئيس عباس للمساءلة”.

ورغم ذلك، فإن أبو شمالة لا يستبعد أن يوافق عباس على المصالحة لضمانه “الخروج الآمن” وأبنائه من رئاسة السلطة بعد سيل من التهم التي وجهت له.

وأخيراً، يمكن القول إن المصالحة الفتحاوية وإن تحققت بصورة “شكلية” فهي ترفع من أسهم دحلان للمنافسة بقوة على تركة عباس، وتطرح التساؤل عن مصير التهم التي تبادلها الطرفان طوال السنوات الماضية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن