إندبندنت: هل قام ترامب بإرسال البشير إلى دمشق؟

إندبندنت: هل قام ترامب بإرسال البشير إلى دمشق؟
عمر البشير

نشرت صحيفة “إندبندنت” مقالا للكاتب أحمد أبو دوح، يتساءل فيه عما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد بعث الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق، في مهمة لإعادة تأهيل رئيس النظام السوري بشار الأسد.

ويجيب الكاتب في مقاله، قائلا إن “وصول البشير، بصفته أول زعيم عربي إلى دمشق منذ بداية الحرب الأهلية، ليس خبرا، لكن الخبر هو من ارسله”.

ويعتقد أبو دوح أن الرئيس الأمريكي ترامب كان له دور في هذه الزيارة، وقام بإعطاء الضوء الأخضر لها، وذلك في القمة التي عقدها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي صيف هذا العام، فقد توصل الروس والأمريكيون مع إسرائيل إلى ضرورة بقاء الأسد في السلطة.

ويقول الكاتب إن “ترامب يحب الأسد، ويعتقد أنه واحد من (الرجال الأشداء) الذين استطاعوا فرض إرادتهم على المجتمع الدولي، وليس غريبا أنه يجد سهولة في التعامل مع الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ- أون، ورئيس الفلبين ردريغو دوترتي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان”.

ويرى أبو دوح أن “الاستراتيجية الأمريكية في سوريا، إن كانت هناك واحدة، مليئة بالثغرات، ويفرض الرئيس الأمريكي أشد العقوبات على إيران؛ نظرا لدورها التخريبي الخبيث في الشرق الأوسط، لكنه ينقذ في الوقت ذاته حليفها من تحت الحافلة”.

ويشير الكاتب إلى أن “ترامب يشكو من تصاعد الدور الروسي في المنطقة، إلا أنه يتخلى عن سوريا لموسكو، ويشجب (الحيوان الأسد)؛ لقتله المدنيين، لكنه لا يجد وقتا للتفكير فيهم وفي حقهم بالحماية، وهدد في بداية هذا العام أن يدفع الأسد (الثمن) لاستخدامه السلاح الكيماوي على بلدة دوما في الغوطة الشرقية، لكنه بدلا من تنفيذ التهديد منحه إعادة التأهيل”.

ويفيد أبو دوح بأنه في اليوم ذاته الذي حطت فيه الطائرة التي كانت تحمل البشير في مطار دمشق، كان وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو، يتحدث أمام مؤتمر قائلا إن تركيا والدول الأخرى ستفكر في التعامل مع الأسد لو فاز في انتخابات حرة ونزيهة.

ويتساءل الكاتب عن السبب الذي دفع البشير إلى زيارة دمشق بصفته أول زعيم عربي، مشيرا إلى أن “السبب هو أنه الحلقة الأضعف في العالم العربي، والأسد هو الحلقة الثانية وعلى القاعدة ذاتها، فالسودان يعاني من حرب أهلية ونزاعات في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وقسم بلده إلى قسمين، ومثل الأسد ينظر للبشير على أنه شخصية مارقة، ويعاني من عقوبات اقتصادية شديدة، ورغم إعلان ترامب بداية هذا العام عن رفع العقوبات المفروضة على السودان منذ عام 1997، إلا أن الخرطوم لا تزال في مفاوضات مع واشنطن”.

ويلفت أبو دوح إلى أن “المأزق الذي يواجهه البشير حوله إلى فريسة يتناولها من يشاء، خاصة بعد فشل إصلاحاته الاقتصادية التي أنهكت الجنيه السوداني، حيث أصبح سعر صرفه 47.5 جنيه أمام الدولار الواحد، ما أضعف جهوده ليغير الدستور ويبقى رئيسا مدى الحياة، ولم يأت أي زعيم عربي إلى الحكم عبر انتخابات حرة ونزيهة، ولا أحد منهم يتمسك بالسلطة دون موافقة أمريكية”.

ويقول الكاتب: “هو مثل الأسد في طريقه لإعادة التأهيل، ففي تشرين الأول/ أكتوبر 2017 أعلنت الولايات المتحدة رفع سلسلة من العقوبات، قائلة إن الدولة الأفريقية بدأت تعالج مشكلات الإرهاب، وفي هذا الصيف وافقت السعودية على تزويد السودان بالنفط لمدة خمسة أعوام؛ لتساهم في معالجة مشكلة الوقود، وذلك بعدما وافق البشير على إرسال قواته للقتال إلى جانب التحالف السعودي في اليمن”.

ويعلق أبو دوح قائلا إن “الدول الغربية مصممة على إعادة الأخطاء ذاتها في تأهيل الحكام القساة الديكتاتوريين، التي لم تؤد إلا للجرائم والفوضى والتطرف في بلادهم، فقد فعلوا الأمر ذاته مع صدام حسين، الذي دعموه بعد مجزرة حلبجة عام 1988، ولم يتحرك الغرب ضده إلا بعد اجتياحه للكويت عام 1990، حيث عوقب وظل في الحكم حتى عام 2003، لكن هل تعلم الغرب من الأخطاء؟ لا”.

ويذكر الكاتب أن “الغرب تعامل مع معمر القذافي بالطريقة ذاتها، فبعد هجمات على مقر إقامته لم يتحرك الغرب حتى بعد حادثة لوكربي، التي حدثت في عام مذبحة حلبجة، ودخل القذافي في عملية إعادة تأهيل، مثل صدام، لمدة عقدين، حتى اكتشف الغرب أن النوم مع وحش سيؤدي إلى كوابيس”.

ويذهب أبو دوح إلى أن “دور الأسد حان الآن، فبعد سبعة أعوام من الحرب الأهلية التي أدت إلى أكبر كارثة لجوء في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، فإنع يبدو أن لا أحد في الغرب يفهم أن إعادة تأهيل الأسد هي قضية خاسرة، حتى لو كان الثمن هو عدد من القواعد الأمريكية الصغيرة في شمال شرق سوريا وضمان أمن إسرائيل”.

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن “موقف ترامب من الأسد هو مثال آخر على فشل الغرب في فهم تعقيدات السياسة في الشرق الأوسط، ولن يفهموا على ما يبدو، لكن التاريخ يعيد نفسه، وساعة دفع الثمن ستحين يوما ما”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن