ارحل أو تنح أو تفضل ! لماذا وكيف ؟

ارحل أو تنح أو تفضل ! لماذا وكيف ؟
الكاتب عمر عساف

الكاتب: عمر عساف

عجبت لأولئك الذين هاجوا وماجوا وقاموا وقعدوا واستفزوا وهدأوا واستشاطوا غضبا، بسبب دعوة كثير من المواطنين وأنا واحد منهم خلال فعاليات الأسبوعين الماضيين الرئيس محمود عباس بالتنحي او الرحيل، ورأوا في ذلك تطاولا او تجاوزا لما يسمح به، وأكثر من ذلك أراد البعض ان يعتبر ذلك موجها ضد حركة فتح واستهداف لدورها في محاولة غير موفقة وغير عادلة لتجييش فتح وحشدها في مواجهة المطالبة برحيل او تنحي الرئيس عباس.

وببساطة انا من جانبي لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أدعو خلالها الرئيس عباس وفريقه للتنحي وفتح الباب للشعب لاختيار قيادة تستطيع الارتقاء الى مستوى تضحيات شعبنا وتكون بمستوى طموحاته ، ولعل آخر مرة تحدثت فيها عن ذلك في أيار الماضي وخلال العدوان على غزة في مقابلة مع تلفزيون ” وطن ” إذ قلت بالحرف الواحد ان القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس ما دامت غير قادرة ان تكون بمستوى ما يجري خلال هبة شعبنا التي رافقت العدوان على غزة عليها ان ترحل .

اما لماذا ترحل فيمكن الحديث عن عشرات الأسباب التي تفرض او تستوجب رحيل او تنحي الرئيس عباس ولعل سببا واحداً منها كاف للمطالبة برحيله فبعد العام ٢٠٠٩ لم يعد للرئيس عباس أية شرعية يستند إليها، فهو يمارس السلطة دون تفويض شعبي وهذا وحده كاف، لنتصور معا لو أراد ترامب أو قرر ألا يجري الانتخابات الرئاسية الثلاثاء الاول من شهر تشرين ثان٢٠٢٠ او لو لم يغادر البيت الأبيض يوم ٢٠/ ١/ ٢٠٢١، ونحن ندرك اليوم ان السيد الرئيس ظل أو تمسك بالسلطة او احتفظ بها ٤ دورات انتخابية دون وجه حق ، حتى لو كان يملك دعما دوليا وإقليميا وامنيا وباعتباره رئيس م ت ف كل هذا لا يعطيه الحق في ذلك، فقط بالتفويض الشعبي الانتخابي يمكنه ويمكن لمحبيه الادعاء بأنه يستحق ذلك ويبايعونه او يفوضونه بعد الانتخاب ، وأنه لا يعتدي على حقوق الآخرين .

من جهة أخرى لم تقدم السلطة بقيادة الرئيس عباس إنجازات تغفر لها او تقدم أية ذريعة من أجل احتفاظه بالسلطةً لا على المستوى الخارجي في الصراع مع الاحتلال حيث يتصاعد الاستيطان ومصادرة الأراضي وتهويد القدس ووصول المسار التفاوضي الى طريق مسدود، والأمر كذلك على الصعيد الداخلي حيث تزكم الأنوف رائحة الفساد والمحسوبية وتزداد حدة الفقر والبطالة ويغيب الإنتاج الزراعي وتطوير اقتصاد صمود وتنمية ، ولن اعود في سياق ذلك لما يقوله الكثيرون : لماذا تتعجلوا رحيل الرجل ؟ انتظروا الحل الإلهي فالرجل بلغ من الكبر عتيا ولعله مغادر بين اليوم والغد، ففي ذلك الكثير من الإجحاف والمخاطر ففيه من جهة استمرار لمصادرة حقوق المواطنين لمدة إضافية من جهة وفيه مخاطر كون غياب الرئيس المفاجئ وهذا ممكن في كل لحظة قد يفتح الباب على صراعات ليس للشعب علاقة بها فأولا ليس هناك نائب للرئيس يتولى بعده المسؤولية حتى الانتخابات وليس هناك مجلس تشريعي ليتولى رئيسه الرئاسة مؤقتا حتى الانتخابات، وليس هناك سكرتير للجنة التنفيذية بعد وفاة صائب عريقات ليكون رئيسا مؤقتا للمنظمة، وبالتالي ما المعيار الذي يمكن اعتماده لمرحلة انتقالية بعد رحيل أبو مازن .

لكل هذه الأسباب وغيرها كثير تصبح مهمة التغيير في الحالة الفلسطينية أكثر الحاحية وضرورة اذ اصبح بقاء الحال على ما هو عليه مأساة ومصيبة للشعب الفلسطيني تعمق أزمته يوما بعد آخر ، وبالتأكيد هناك من يخافون التغيير ويرفضونه بسبب تضرر مصالحهم جراء هذا التغيير الذي ينبغي ان يجري بسلاسة وبعيدا عن الصراع والتباين والاختلاف وهذا ينقلنا للشق الآخر من العنوان وهو كيف يكون التغيير وكيف يكون التنحي او الرحيل ؟

وحتى نربط الأمور بما يجري في بعض الشارع من مطالبة بالرحيل أقول ؛ جاءت جريمة قتل نزار بنات لتلقي صخرة في برميل مليء ففاض ما فيه الى الخارج ، وكل ما ذكرناه سابقا من فسادن وفضيحة فايزر وما رافق ذلك من قمع وعنف ضد المتظاهرين وما سبقه من جريمة كبرى بإلغاء الانتخابات تحت ذريعة القدس في حين ان السبب الحقيقي لإلغائها هو عدم ضمان نتائجها .

كيف يكون الرحيل ؟ ودون ذهاب البلد الى الفوضى ؟ هذا ما قدمته وثيقة المحتجين على اغتيال نزار بنات كخريطة طريق وذلك عبر العودة للشعب صاحب الأمانة ومعطي التفويض ، ولا احد يدعي انه اليوم يكتشف النار ، إذ لا بد من العودة لأبسط المعايير وهي تقريبا ما تم الاتفاق عليه قبل بضعة أشهر ؛ الاتفاق على تشكيل إطار قيادي يشارك فيه كل القوى الحية داخل م ت ف وخارجها وبمشاركة المجتمع الأهلي وممثلين عن القوائم الانتخابية المستقلة والحراكات الشعبية والشبابية ، ثم يقوم هذا الإطار القيادي بتشكيل حكومة توافق وطني مهمتها الإشراف على الانتخابات التشريعية والرئاسية المتزامنة كمرحلة أولى في انتخاب المجلس الوطني باعتبار المنتخبين وممثلي الضفة والقطاع والقدس للمجلس الوطني كمرحلة أولى يليها استكمال انتخاب المجلس الوطني كخطوة متقدمة لإعادة بناء م ت ف ، ويقوم بدوره بانتخاب هيئات المنظمة وقيادتها وبالطبع مراجعة المسار السياسي والبرنامجي للمنظمة ، من يقترح هذا لا يذهب بالناس للمجهول بل الحال الراهن هو المجهول ، وإذا كان هناك شبه اجماع شعبي ووطني بضرورة التغيير فأية آلية اكثر وضوحا من هكذا مسار .

أخيرا هذا المسار وهذا التغيير له ثمن وهو تخلي أصحاب بعض المصالح عن هذه المصالح وبالتالي خسارة كثير من الامتيازات والرشى التي يحصل عليها البعض ولكن المستفيد من هذا التغيير هو الشعب الذي له الحق أولا في اختيار من يمثله وهو ثانيا يعزز وحدة الشعب وينهي الانقسام ويعزز القدرة على مواجهة الاحتلال وإلحاق الهزيمة بمشاريعه ، تعالوا الى كلمة سواء ان نقدم الوطن ومصالحه والشعب وحقوقه على كل شيء .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن