الأمان الوظيفي: من سيء إلى أسوأ

الأمان الوظيفي: من سيء إلى أسوأ

الوطن اليوم – غزة: أشار تقرير لمرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد) أن نسب البطالة في المجتمع الفلسطيني سترتفع أكثر فأكثر، فيما تصاعدت هذا العام لتبلغ نسبة البطالة حوالي 32%، وتساهم بذلك شركات كبيرة في القطاع الخاص. فيما أن هناك إجراءات تتخذ على المستوى الحكومي منها سياسة التقاعد القسري، التي تهدف إلى تخفض فاتورة الرواتب في القطاع الحكومي، لكنها في نفس الوقت ستغرق هيئة التقاعد العام وتفاقم من أزمتها المالية، وستخلق مزيداً من التنافس على فرص العمل المحدودة أصلاً في السوق الفلسطيني.

وأشار التقرير إلى أن انتهاكات حقوق العمال تحدث بصورة متوازية في القطاعات الاقتصادية غير المنتظمة، وفي قطاعات تعتبر منظمة ومسجلة، حيث أن مئات الموظفين في شركات القطاع الخاص يخسرون وظائفهم سنوياً، كما يتم الاستغناء عن خدمات الموظفين مما قضوا سنوات طويلة في شركات تابعة للقطاع الخاص، وتحديداً تلك الشركات التي تسجل أرباح خيالية في مجتمع يعاني من نسب عالية من الفقر والبطالة. وتعتبر سياسة الاستغناء الجماعي عن مئات الموظفين والاستعاضة عنهم بخريجين جدد مسعىً لتعظيم الأرباح، وليس بسبب أي أزمات مالية تمر بها تلك الشركات.

وعلى المستوى الحكومي أشار المرصد إلى أن سياسة التقشف التي يطالب صندوق النقد الدولي أن تقوم السلطة الفلسطينية بتطبيقها ستساهم في ارتفاع نسب البطالة داخل المجتمع الفلسطيني، حيث تتضمن توصيات الصندوق وقف التعيينات، ووقف الترقيات والتقاعد المبكر، وذلك دون الأخذ بعين الاعتبار مسائل جوهرية، وأهمها أن فاتورة رواتب المتقاعدين قد ارتفعت إلى 1.6 مليار شيقل، وهذا ما سيضيف اعباء جديدة ويفاقم من أزمة هيئة التقاعد العام.

واوضح المرصد ان التقاعد لا يتم ربطه من ناحية اقتصادية بتوفير فرص عمل جديدة للأجيال الشابة، حيث أن الخطة تقتضي بوقف التعيينات في القطاع الحكومي، ولكن بنفس الوقت ترتفع أعداد الموظفين على فئة العقود الخاصة، مما يعني غياب الكثير من حقوق وامتيازات هؤلاء الموظفين، والتقاعد المبكر يطال فئات شابة نسبياً، وبالتالي فإن القانون يتيح لهم العودة للعمل مرة أخرى في القطاع غير الحكومي، مما يخلق اعباءً إضافية على سوق العمل، بسبب انضمام المتقاعدين للمنافسة على الفرص المحدودة أصلاً للخريجين الجدد.

إن الحقيقة التي تواجه معدي السياسات العامة والحكومة أن مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية تخرج بمعدل 40 ألف خريج وخريجة سنوياً، فيما يستوعب السوق المحلي ما معدله 8 آلاف فرصة عمل للأفراد ضمن الفئة العمرية 20-29 سنة. وبدل تحميل مؤسسات التعليم العالي اللوم لعدم تلبيتها احتياجات السوق وكذلك القطاع الخاص، فعلى معدي السياسات البحث عن أسباب أخرى تساهم في زيادة البطالة والإفقار في المجتمع الفلسطيني، وأهمها الاحتلال، وغياب التنمية والاستثمار في قطاعات أكثر تشغيلاً كالزراعة والصناعة، ناهيك عن زيادة عدد ونوعية المراكز والمعاهد التقنية التي على القطاع الخاص أن يمول انشائها، بدل تسليع كل مؤسسات التعليم العالي لتلبية احتياجات السوق فهذا ليس دورها أو وظيفتها الوحيدة.

إن البطالة والتشغيل، وما ينتج عنهما من ظواهر اجتماعية مثل الفقر وتزايد الهجرة أو التفكير في الهجرة في أوساط الشباب هي المسؤولية الأولى للسلطة التنفيذية، التي يجب أن تتوقف عن الهروب من المواجهة هذه القضايا الأساسية، ومواجهتها برؤية تنموية تحررية وترى الناس هدفاً بدل أن يكونوا عبئاً.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن