التهديدات الإسرائيلية بالحرب على لبنان “جدية”.. نقترب من الساعة صفر؟

التهديدات الإسرائيلية بالحرب على لبنان
مناورة عسكرية إسرائيلية

لا توحي المؤشرات في المنطقة، من دمشق إلى بغداد، ومن طهران إلى تل أبيب وصولاً إلى تطورات الخريطة العالمية التي تحدثها الحرب على أوكرانيا، وتراجع منسوب الحوار على خط فيينا طهران واشنطن، إلا بأن لغة الحرب تتقدم على سواها.

أتت تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي، الذي هدّد فيها بحرب مدمّرة على لبنان، لتقبض الأنفاس، وتؤكد أنّ المنطقة ليست بخير، خصوصاً أن تصريحات القيادة الإسرائيلية هي جدية، ولا تدخل أبداً ضمن “كلام الردع” أو التخويف.

كلام كوخافي، وهو الأقسى، والأكثر تحذيراً، معلوم أنّه جاء رداً على تصريحات للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الخميس الماضي، التي التزم فيها أمام الشعب اللبناني بأن المقاومة قادرة على منع العدو من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش المتنازع عليه، وأن كل إجراءات العدو الإسرائيلي لن تستطيع أن تحمي المنصة العائمة التي جلبها لاستخراج الغاز”.

تتزامن هذه التصريحات، مع تواتر التوتر بين تل أبيب وطهران، على خلفية البرنامج النووي الإيراني، إذ تعتبر إسرائيل ان إيران تقترب من حيازة القنبلة النووية، هذا إضافة إلى عمليات الاغتيال التي تعتمدها الأجهزة المخابراتية الإسرائيلية بحق علماء نوويين، وأخيراً استهدافهم ضباطا من الحرس الثوري الإيراني، وآخرهم حسن صياد خدايي في 25 أيار الماضي، الذي اتهمت ايران إسرائيل بأنها وراء تنفيذ الاغتيال. وسط عجز إيراني حتى الآن على الردّ، بعدما أعلنت إسرائيل أنها أحبطت الشهر الماضي محاولة شن هجوم ضد أهداف إسرائيلية داخل الأراضي التركية خططت له جهات إيرانية.

• التهديد بين إسرائيل وإيران.. ما سيناريوهات التصعيد واحتمالات الحرب متعددة الجبهات؟

علماً أنه نقل عن موقع (ماكو) الإسرائيلي بأن المخابرات التركية كشفت عن شبكة من العملاء الإيرانيين كانت تخطط لضرب أهداف إسرائيلية داخل الأراضي التركية، وأن الشبكة الإيرانية تنشط في تركيا منذ أكثر من شهر.

الكلام الإسرائيلي العالي النبرة، قابلته مناورات عسكرية نفذتها القوات الإسرائيلية حاكت هجوماً واسعاً على إيران، وعلى حلفائها وبخاصة في لبنان، وهو ما دفع كوخافي إلى التأكيد أن جيشه يتعامل مع 6 جبهات قتال ويواجه عددا كبيرا من التهديدات المتنوعة.

وفيما يزداد حجم التحديات أمام إسرائيل وفقا للتقديرات الأمنية والعسكرية ولمحللي مراكز الأبحاث، يعتبر محللون عسكريون أنه رغم أنّ التوازنات في المنطقة باتت تحتاج إلى حرب لتغيير قواعد اللعبة وإجراء تعديل على هذه التوازنات، إلا أن ايران لا زالت تحبس أنفاسها، وتعد حتى المئة لتفادي الوقوع في حرب.

المحلل الاستراتيجي ورئيس مؤسسة “إنيغما” رياض قهوجي يعتبر أن الحرب ستحصل لكن لا احد يعرف التوقيت.

ويشير لـ(النهار) إلى ان “إسرائيل تستعد للحرب لأنها تعتبر ان هناك تهديداً يتنامى على حدوها، وهذا التهديد يتجاوز الخطوط الحمر، لجهة نوعية الأسلحة التي ترسلها ايران لـ”حزب الله”. وبناء على العقيدة العسكرية الإسرائيلية القائمة على الحرب الاستباقية، فإن المؤشرات تقود إلى الاستنتاج بأن الإسرائيليين سيقومون بتوجيه ضربات عسكرية، لكن لا أحد يعرف التوقيت والآلية”.

ووتيرة التهديد تتصاعد لأن إسرائيل مصممة على البدء بالتنقيب. وبعيدا عن التحليلات المنتشرة في الاعلام، “لا مساومة من قبل أميركا او إسرائيل على ما يعتبرانه حقاً لإسرائيل، أي الخط 29، والعرض الأميركي الإسرائيلي واضح”، كما يشرح قهوجي، و”قبول لبنان بخط 23 مقابل تسهيل أميركي لعمل شركات التنقيب في لبنان، وبالتالي لا تفاوض أبدا على غير ذلك. والاتجاه لتوسيع الحدود لتشمل الخط 29 والتهديد العسكري لحقل كاريش يعني الحرب، بما يشبه إلى حد قريب عملية خطف الجنود في الـ2006، وهذا سيستدعي رداً إسرائيلياً شرساً وقوياً”.

يؤكد قهوجي أن إسرائيل تستطيع ان تقوم بحرب على جبهات عدة، وهي تستعد منذ فترة لهذا السيناريو، لكن السؤال، “هل نحن في لبنان مستعدون لتحمّل الضربات الإسرائيلية وتدمير البنى التحتية في بلد منهك على كل الصعد ويشهد أسوأ كارثة اقتصادية في تاريخه”؟.

ويضيف: “إسرائيل جاهزة لكن لبنان ليس جاهزا. إسرائيل تستطيع ان تبني على سبيل المثال ما يمكن ان يدمره ما يفلت من صواريخ “حزب الله”، من منظومة دفاعها الصاروخي وبالتالي، الاضرار ستكون محدودة، اما الدمار الكبير سيلحق بلبنان. فهل لبنان قادر؟ ومن سيقوم بإعادة اعمار لبنان في ظل سيطرة “حزب الله”؟ هل ايران اليوم كالأمس، ويمكن أن تعطي الحزب المليارات للأعمار وسط العقوبات المفروضة عليها؟”.

ويشدد قهوجي على أن “السيناريو اليوم يختلف كليا ونحن اليوم أمام مسألة وقت. فالوضع اليوم بين لبنان وسوريا من ناحية التمدد الإيراني والتسليح وتوقف المفاوضات النووية وتطورات أخرى، كلها مؤشرات اننا في حالة تصعيد. والتهديدات الإسرائيلية مؤشر إلى اننا نقترب من الساعة صفر”.

وفيما من المؤكد ان كلفة الحرب ستكون بالمليارات، فإنّ التقارير الإسرائيلية وتلك التي تصدر عن المخابرات الغربية، تشير إلى أن “حزب الله” لا يمتلك أقل من 100 ألف صاروخ متنوع الأحجام، منها صواريخ غراد وكاتيوشا، وصواريخ بالستية وتحديدا من نوع “فجر 3” وبعضها صواريخ دقيقة، إضافة الى صواريخ مضادة للسفن، وأخرى للطائرات، من دون معرفة عددها، وهي نفسها موجودة في سوريا لكن فعاليتها ليست بالأهمية نفسها انما تشكل خطرا على مسافات محددة.

الأهم بالنسبة لإسرائيل، يعتبر قهوجي ان “حزب الله” أصبح بمثابة جيش نظامي لديه خبرة قتالية جراء الحرب السورية في عمليات الهجوم وليس فقط الدفاع، من هنا أهميته عسكرياً وخطورته بالنسبة لإسرائيل.

أفيف كوخافي

 

وكان رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي قد حذر لبنان من “قصف مدمر ومؤلم”. وبعث برسالة تهديد لسكان لبنان حول احتمالية اندلاع الحرب.

وقال: “نحن من جانبنا سوف نقصف بشكل مدمر وواسع ومؤلم، ورسالتي للبنانيين هي أننا سنسمح لهم بالمغادرة فورا، وسوف نعطي لهم التحذير قبل المغادرة”.

وأضاف كوخافي: “الرسالة الأكبر لهم، أننا ننصحهم بالمغادرة قبل أن نطلق الرصاصة الأولى في لحظة حدوث التوتر القادم في الأماكن التي سوف نطلب منهم المغادرة منها، لأن القصف سوف يكون بشكل لم يسبق له مثيل من قبل”.

وذكر أن الجيش يتعامل مع ما وصفها بست “جبهات قتال في ستة أبعاد وفي مواجهة عدد كبير من التهديدات المتنوعة”.

وألمح كوخافي إلى أن “أخطر” هذه التهديدات “يتمثل في تهديد نووي محتمل بالدائرة الثالثة، وتهديد الصواريخ والقذائف من كل الجبهات والأبعاد التي قام العدو بتطويرها”.

وتابع: “كل هدف مرتبط بالصواريخ والقذائف الصاروخية سيتم استهدافه في الحرب المقبلة. بيت تتواجد في داخله قذيفة أو يقع بالقرب من قذيفة أو ناشط يتعامل مع قذيفة صاروخية أو مقر قيادة تتعامل مع قذيفة أو كهرباء مرتبط بمجموعة من القذائف الصاروخية.. كل هذه الشبكة سيتم ضربها في يوم الحرب”.

وعن “الحرب المقبلة” في لبنان، على حد تعبيره، علق خفافي: “قمنا ببلورة آلاف الأهداف التي سيتم تدميرها في منظومة الصواريخ والقذائف التي يمتلكها العدو”.

وأكد أن “كل الأهداف موجودة في خطة هجوم لاستهداف مقرات القيادة والقذائف الصاروخية والراجمات ومزيد من هذه الأهداف. كل ذلك سيتم ضربه في دولة لبنان”.

الحرب الأخيرة للحزب

إشارة إلى أن “حزب الله” الذي يمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة والصواريخ، آخر معركة خاضها ضد الجيش الإسرائيلي كانت في صيف 2006.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن