الحرائق تتسبب في مأساة إنسانية ثانية بالجزائر في ظرف سنتين

الحرائق تتسبب في مأساة إنسانية ثانية بالجزائر في ظرف سنتين
الحرائق تتسبب في مأساة إنسانية ثانية بالجزائر في ظرف سنتين

خلفت الحرائق الواسعة، التي اندلعت شرقي الجزائر، خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات ومشاهد مأساوية في عدد من القرى، التي غطتها السحب النارية بفعل قوة الرياح التي عقدت من مهمة رجال الإطفاء. وأعادت الحصيلة الثقيلة التي تقترب من 40 ضحية، الحديث عن أسباب عدم الاستعداد الكافي لمواجهة هذه الكوارث، التي أصبحت تتكرر كل سنة.

كانت قلوب الجزائريين معلقة يوم الأربعاء الأخير، مع مواطنيهم في ولاية الطارف (أقصى شمال شرق البلاد) الأكثر تضررا من الحرائق والتي امتدت فيها النيران إلى حدائق عامة أدت لوقوع ضحايا بالعشرات. وبثت صفحات محلية صورا لحافلة تفحم ركابها بالكامل في الطريق الرابط بين الطارف وولاية قالمة. كما انتشرت صور لحديقة “البرابطية” التي كانت عامرة بالزوار وقد احترقت بالكامل.

وتضم ولاية الطارف محمية القالة الطبيعية التي تحج إليها كل سنة الطيور المهاجرة وتكتنز داخلها غابات ونباتات نادرة، والتي تضررت بعض أجزائها من الحرائق. أما حصيلة الضحايا فكانت ثقيلة في الولاية، إذ بلغ عدد الوفيات 30 ثلثهم من الأطفال، وفق آخر حصيلة، والعدد مرشح للارتفاع بفعل وجود أشخاص في عداد المفقودين.

وبلغ عدد الحرائق المسجلة يوم 17 آب الجاري، 118 حريقا على مستوى 21 ولاية شرق ووسط البلاد وبدرجة أقل في الغرب. وذكرت مصالح الحماية المدنية، أنها سجلت بولاية سوق أهراس (شرق البلاد) 5 وفيات وإصابة 65 شخصا بإصابات خفيفة وحروق، كما تم تسجيل وفاة شخصين وإصابة شخصين آخرين بحروق بولاية سطيف. أما في ولاية الطارف فكانت الحصيلة أكبر بتسجيل وفاة 30 شخصا متأثرين بحروق على مستوى غابة نبربر بالقالة و 161 جريحا.

وبحسب وزير الداخلية كمال بلجود، فإن الحرائق أدت إلى غاية الآن إلى إتلاف 800 هكتار من الغابات و1300 هكتار من الأحراش. وقال الوزير في تصريح للتلفزيون الجزائري إن هذه الحرائق جزء منها مفتعل والآخر ناتج عن الظروف الطبيعية. وفي ظل التساؤلات عن غياب إمكانيات مواجهة النيران، ذكر بلجود أن الطائرة الروسية التي تم استئجارها منذ شهر حزيران/يونيو الماضي، قد تعرضت لعطب خلال عمليات إطفاء الحرائق قبل 3 أيام، مشيرا إلى أن عودتها للخدمة قد تكون يوم السبت المقبل.

تبريرات الحكومة لم تقنع كثيرا أحزابا سياسية في المعارضة اعتبرت أن المشكلة تكمن في عدم الاستعداد لمثل هذا الظرف رغم أنه كان متوقعا

من جانبه، أبرز الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن الذي تنقل إلى الأماكن المتضررة، أن الأمر لا يتعلق بالإمكانيات، فمهما كانت طبيعة الوسائل المستعملة، حسبه، لا يمكنها مجابهة الحرائق في ظل قوة رياح تجاوزت 91 كيلومترا في الساعة. وأكد بن عبد الرحمن، أنه تم تجنيد كل الوسائل ولكن قوة الرياح أعاقت جهود المصالح المختصة، واعدا باتخاذ كل الإجراءات من أجل التكفل بكل الخسائر وتعويض كل المتضررين.

لكن هذه التبريرات لم تقنع كثيرا أحزابا سياسية في المعارضة اعتبرت أن المشكلة تكمن في الحكومة التي لم تتحسب لمثل هذا الظرف رغم أنه كان متوقعا. وقال حزب العمال إن يتابع برعب تطورات الحرائق المهولة التي تشهدها البلاد والتي تسبب خرابا في عدة ولايات، خاصة في ولايتي الطارف وسوق أهراس حيث تم تسجيل عدة وفيات والرقم مرشح للارتفاع نظرا لقلّة الوسائل في مستشفيات المنطقة.

وقال الحزب إن هذه الفاجعة التي تعصف مرة أخرى بسكان عدة ولايات تثير أسئلة مشروعة، حول سبب عدم الاستجابة لمطالب رجال الحماية المدنية الذين عبروا مرارًا وتكرارًا عن مطالبتهم بمزيد من الموارد البشرية والمادية. وسبب عدم توفر وسائل مكافحة الحرائق التي تم التعهد بها خلال الحرائق المدمرة التي أودت بحياة مئات الضحايا السنة الماضية.

وأبرز الحزب، الذي تقوده لويزة حنون، أنه في حين انتظار تحديد المسؤوليات السياسية لمثل هذه المآسي المتكررة، فإنه يدعو السلطات إلى استخدام جميع الوسائل المتاحة، بما في ذلك تسخير الشركات العمومية والخاصة لمواجهة هذه الحرائق وتقديم جميع المساعدات الضرورية للمواطنين المتضررين.

أما حركة مجتمع السلم، التي تمثل المعارضة في البرلمان، فطالبت في بيان لها بفتح تحقيق معمق لمعرفة الأسباب الحقيقية وتحديد المسؤوليات. ودعت الحركة جميع السلطات العمومية المركزية والمحلية، وجميع القوى السياسية والمجتمعية إلى تضافر الجهود في محاصرة هذه الحرائق، وتجنيب المواطنين والممتلكات العامة والخاصة مخاطرها المحدقة. كما قالت إنها تضع الحركة جميع إمكاناتها البشرية والمادية، من مناضلين وهياكل ومؤسسات تحت تصرف الجهات الرسمية لمواجهة هذه الحرائق.

وتأتي هذه الموجة الجديدة من الحرائق، في ظل حالة طوارئ أعلنتها مصالح الحماية المدنية منذ دخول فصل الصيف لمواجهة الكوارث المحتملة. وفي الأسابيع الأخيرة، اشتعلت الحرائق في مناطق واسعة شرق ووسط البلاد، مؤدية إلى خسائر كبيرة في الثروة الغابية، لكنها لم تخلف خسائر في الأرواح إلى غاية أمس الأول.

تتزامن الحرائق الحالية مع الذكرى الأولى للمأساة التي شهدتها منطقة القبائل ومناطق في شرق البلاد، والتي تسببت في وفاة نحو مئة شخص وتدمير عدد كبير من الممتلكات والمساحات الغابية

وتتزامن الحرائق الحالية مع الذكرى الأولى للمأساة التي شهدتها منطقة القبائل ومناطق في شرق البلاد شهر آب/أغسطس من العام الماضي، والتي تسببت في وفاة نحو مئة شخص وتدمير عدد كبير من الممتلكات والمساحات الغابية، ما جعل وقعها كبيرا بين الجزائريين، وهو ما ظهر في تفاعلهم على مواقع التواصل.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن