الصعود الإسرائيلي في أفريقيا يوازي الوجود بالشرق الأوسط

الصعود الإسرائيلي في أفريقيا يوازي الوجود بالشرق الأوسط
الصعود الإسرائيلي في أفريقيا يوازي الوجود بالشرق الأوسط

بقلم : تمارا حداد – باحثة في الشؤون الاستراتيجية

قد لا نتفاجأ بقرار منح إسرائيل “عضو مراقب” في الاتحاد الافريقي إذا عرفنا تماماً أن تل أبيب يتصاعد وجودها يوماً بعد يوم في قارة افريقيا وقد يوازي وجودها في منطقة الشرق الأوسط.

تُعتبر القارة الافريقية إحدى قارات العالم المهمة التي تتوافر بها مصالح اقتصادية واستراتيجية وسياسية، وتعتبر ذات أهمية مركزية لإسرائيل، لذلك استهدف المخطط الإسرائيلي إيجاد موطئ قدم له في هذه القارة التي تزخر بالموارد البشرية والطبيعية خطوة بخطوة.

القارة الافريقية جزء من مشروع الحركة الصهيونية، الذي بدأ منذ العام 1897 عند اختيار بعض مناطق افريقيا كأراضي لتوطين اليهود ومن ثم جرى اختيار فلسطين. وكان اهتمام حاييم وايزمن وثيودر هيرتزل بيوغندا وكينيا والكنغو وزائير وموزمبيق اهتماماً استراتيجياً له بعد اقتصادي احلالي، وافريقيا كانت هدفا ل” جولدا مائير” واهتمام كافة مسؤولي الحركة الصهيونية.

استطاعت إسرائيل طيلة الفترة الماضية تكوين علاقات دبلوماسية مع أكثر من 32 بلدا افريقيا، وكانت إسرائيل تساهم في دعم الحركات الانفصالية الافريقية على شاكلة بيافرا في نيجيريا وجنوب السودان، ودعمت وأيدت نظام التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا.

وبشكل متواصل تقوم القيادة الأمنية والسياسية لإسرائيل بزيارة عدد من الدول الافريقية ذات الثقل الكبير لاستكمال المخططات الإسرائيلية في القارة السمراء، تحت شعار” إسرائيل تعود إلى أفريقيا، وأفريقيا تعود إلى إسرائيل”، ويعتبرون أنه وقتاً مناسباً للتمدد بأفريقيا في ظل انهيار المنظومة العربية، وانشغال الدول العربية بالحروب الطائفية، حيث إسرائيل اليوم تحقق مكاسب سياسية واقتصادية وأمنية في الفضاء الافريقي على حساب الامن القومي العربي.

أهمية أفريقيا الاستراتيجية:

تحتل أفريقيا المكانة الثانية بين قارات العالم من حيث المساحة ،إذ تزيد مساحتها على الثلاثين مليونا من الكيلومترات المربعة، وتحتل ايضا، موقعاً جغرافياً يتيح لها مناخاً مدارياً، وقسم كبير من أراضيها ذو مناخ استوائي ومداري، مما ساعد في توفر بيئة طبيعية لنمو الثروة الحيوانية وتطورها.

وفوق ذلك فإن أفريقيا مستودع مهم للمواد الأولية، ولم يتم استغلال ما يزيد عن الطبقة السطحية من أرضها حتى اليوم، ومع ذلك فإنها تنتج ما يقرب من 98% من إنتاج العالم من الماس و55% من ذهبه و22% من نحاسه مع كميات ضخمة من معادن جوهرية كالمنجنيز والكروم واليورانيوم، كما تنتج افريقيا حوالي ثلثي كاكاو العالم وثلاثة أخماس زيت النخيل، وتضم أرضها احتياطات لا نهاية لها من القوة المائية.

وتتمتع القارة السمراء، باحتياطيات نفطية كبيرة، ويعتبر معدل اكتشاف هذه الاحتياطيات الأسرع في العالم خلال العقد الماضي، واحتياطي النفط في أفريقيا يبلغ 17.2 مليار طن، وهو ما يعادل احتياطي النفط في أوروبا.

الأهداف الإسرائيلية:

يمكن حصر أهداف إسرائيل في أفريقيا في ثلاثة أهداف وهي: عسكرية، وسياسية واقتصادية، ويعتبر المجال العسكري هو الأكثر استقطابا للأفارقة، وتشير الأرقام إلى ارتفاع مطرد في مبيعات الأسلحة الإسرائيلية في أفريقيا، حيث تقدم إسرائيل مساعدات عسكرية تشمل طائرات بدون طيار، وسفنا سريعة، ومرشدين عسكريين، ومركبات مدرعة ووسائل تعقب إلكتروني، وتستهدف المساعدات العسكرية الإسرائيلية في تلك المناطق ضمان قواعد لأسلحة الجو والبحرية الإسرائيلية على امتداد خليج عدن وشرق المحيط الهندي.

وفيما يخص الأهداف السياسية، فأن الهدف الأساس من زيارة قادة إسرائيل لأفريقيا، هو عدم الاعتماد على أوروبا كلاعب مركزي ووحيد في الساحة الدولية، وأن تعزيز العلاقات مع أفريقيا يدعم إسرائيل في المحافل الدولية، خاصة أنه في فترة سابقة كانت أفريقيا عامل مساعد للقضية الفلسطينية، وتضع إسرائيل نصب عينيها أن عدد سكان أفريقيا سيبلغ خلال عقود مقبلة 2.5 مليار نسمة، وهو ما لا ينبغي تجاهله.

وحصول إسرائيل على وضعية “عضو مراقب” في الاتحاد الأفريقي لتحسين مكانتها الدولية وقدرتها على مواجهة التحركات الفلسطينية في الأوساط الدولية، فضلا عن أن العضو المراقب له حق المشاركة في الاجتماعات، كما يحق له تقديم المقترحات والتعديلات والمشاركة في المناقشات.

أما اقتصاديا، فإن إسرائيل تسعى لفتح أسواق جديدة في ظل أزمة اقتصادية عالمية وإقليمية، وتعلم دولة الاحتلال ،أن أفريقيا قارة صاعدة، وقد تم تصنيف سبع دول منها ضمن قائمة أعلى عشر دول في العالم من حيث معدلات النمو.

وتوحي إسرائيل للأفارقة بأنها بوابة رئيسة لأسواق المال العالمية، ولذلك تنظر عدد من الدول الأفريقية إلى إسرائيل باعتبارها بوابة لتمتين علاقاتها مع الغرب، خصوصا مع المؤسسات المالية الدولية طمعا في الحصول على المساعدات.

وأخذ الحضور الاقتصادي الإسرائيلي في أفريقيا أشكالا مختلفة، ففي ساحل العاج على سبيل المثال، تقوم إسرائيل على إنجاز محطة للطاقة الحرارية باستخدام الغاز الطبيعي بكلفة 500 مليون دولار، وفي أثيوبيا من المقرر أن تتولى شركة كهرباء إسرائيل إدارة كهرباء سد النهضة المثير للجدل وإقامة محطات توليد الكهرباء الخاصة به.

استراتيجية الاختراق الإسرائيلي للمغرب العربي:

يواصل الإسرائيليون، العمل على اختراق ما يعتقدون أنه مناطق هشة قابلة للاختراق، لإيجاد مواقع لهم في العالم العربي، وفي هذا السياق يصلون الليل بالنهار لضمان مكان لهم بالمغرب العربي عبر اعتماد إستراتيجية ناعمة تتجاوز منطق تطبيع العلاقات علناً، حيث يعمد الاحتلال على تحقيق تطبيع اقتصادي يشمل مجالات الصناعة والفلاحة والتبادل التجاري ليعوضه باختراق ثقافي يمكن أن يشكل في اعتقاده أساسا لبناء علاقات على المديين المتوسط والبعيد يمكن البناء عليهما في مستقبل الأيام.

في هذا السياق، أصبحت دوائر القرار الصهيونية تنطلق في إستراتيجيتها للاختراق، أهمها تأسيس لجان صداقة في افريقيا، وتسويق منشورات وكتب تحرض على الانفصال في بلدانهم وتدعو إلى توظيف المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الموجودة لخلق كيانات انفصالية بالمنطقة تماما.

ركائز إسرائيل في كسب النفوذ في افريقيا: المدخل الأيديولوجي والثقافي

إسرائيل تهدف الى الظهور بمظهر ثقافي وتقدمي من اجل استمرار اختراقها لأفريقيا بوسائل متجددة لتطويق العالم العربي.

مدخل محاربة الأصولية:

تقوم إسرائيل امام العالم بإظهار نفسها انها خط الدفاع الأول ضد التطرف الإسلامي، وهناك جماعات تبشيرية يهودية استطاعت التأثير على فئات مسيحية ومسلمة في افريقيا عبر الاغراءات والمساعدات المالية.

مدخل المجتمع المدني والتنمية:

اتخذت إسرائيل دعم كل من المجتمع المدني والديمقراطية مدخلا للتغلغل في افريقيا، بالإضافة لقيامها بمحاربة الايدز ، وتقوم اليوم بتقديم المساعدات التنموية في افريقيا.

المدخل الأمني:

تمتلك إسرائيل صداقة بينها وبين دول افريقيا في ميادين الاستخبارات والتدريب العسكري وتم انشاء عدة شركات تتولى المخططات الإسرائيلية في افريقيا مثل :

1. شركة ليف دان.

2. شركة الشبح الفضي.

3. شركة بول باريلي.

4. شركة اباك.

خلاصة:

طموح إسرائيل لن يقف عند حد معين، بل هو طموح بعيد المدى ذات رؤية استراتيجية لتحقيق أهدافها العسكرية والاقتصادية والسياسية في القارة السمراء، والهدف الآخر هو استغلال ثروات افريقيا، ناهيك عن هدفها الأمني لدعم الحركات الانفصالية لتقسيم القارة واضعافها ليسهل السيطرة عليها من قبلها ومن قبل الدول الامبريالية الاستعمارية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن