العصابات اليهودية.. من تأسيس الدولة إلى كشف وجهها القبيح!!

كتب: بصائر/ أحمد التلاوي

شرعت دولة الكيان الصهيوني، خلال الفترة الأخيرة، باتخاذ سلسلة من الإجراءات التي تواجه بها حملة المقاطعة الدولية المتزايدة لها، والتي باتت أشبه بحالة من الحصار التي تواجه الدولة العبرية، واعترف بها مسؤولون عدة في الحكومة الصهيونية، بما في ذلك، وزير الخارجية الإسرائيلي المتطرف، أفيجدور ليبرمان، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

هذه الحالة من المقاطعة التي طالت حتى المؤسسات الأكاديمية والعلمية الصهيونية، من جانب أرفع الأوساط العلمية والمؤسسات الجامعية الأوروبية وبعض الأمريكية منها، دفعت وزارة خارجيتهم إلى تأسيس إدارة خاصة لمواجهة هذا الموقف.

هذه الحالة جاءت بسبب نجاح جهود أطراف رسمية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطينية في الداخل المحتل، وفي الخارج، حول العالم، في كشف حقيقة الوجه العنصري الإجرامي للدولة العبرية، والذي كانت تحاول دولة الاحتلال تجميله من خلال مختلف الوسائل الدبلوماسية والإعلامية، وإظهار الكيان الصهيوني دائمًا في صورة واحة الديمقراطية والاستقرار والمدنية، وسط صحراء التخلف والفوضى والاستبداد العربية!، والتأكيد دائمًا- أيضًا- على صورة “الضحية” التي تسعى دولة الاحتلال لتكوينها أمام العالم؛ تحقيقًا لمصالح سياسية واقتصادية عديدة!

وطيلة العقود الماضية أيضًا، كانت دولة الاحتلال حريصة تمام الحرص على أمر يُعتبر من صميم ثوابت سياسات الحكومات الصهيونية، مهما تغيَّرت وتبدَّلت هذه الحكومات، ومهما كان لون طيفها السياسي ما بين يمين ويسار.

يتعلق هذا الأمر بمحاولة دولة الاحتلال لإظهار نفسها على أنها دولة مواطنة وحقوق إنسان بالدرجة الأولى، والتأكيد على التزامها بالقانون، في الداخل والخارج؛ بحثًا منها عن شرعية مفقودة؛ فلم تزل للآن غير قادرة على الحصول على عضوية مجلس الأمن الدولي، بسبب عدم إنفاذها للشروط التي وضعتها الأمم المتحدة لها، منذ التأسيس في العام 1948م، لقبول عضويتها كاملة في المنظمة الدولية وإداراتها وأجهزتها المختلفة، وعلى رأسها قبولها بعودة لاجئي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، إلى ديارهم؛ إثباتًا لمبدأ دولة المواطنة هذا.

وهنا نقطة تاريخية شديدة الأهمية يجب الوقوف عليها، وتتعلق هذه النقطة الزمنية بالكيفية التي تم بها طرد الفلسطينيين من أرضهم التاريخية، وتأسيس دولة الكيان الصهيوني على أنقاض الوطن الفلسطيني السليب!

قامت الدولة العبرية على أكتاف العصابات الصهيونية، من أمثال الهاجاناه، والأرجون زفاي، وشتيرن، والتي ارتكبت أفظع الجرائم، من أجل تفريغ الأرض من أصحابها، لاستقبال الوافدين الجدد من شُذاذ الآفاق من المهاجرين اليهود القادمين من أقطار العالم المختلفة؛ لا يعرفون بعضهم البعض، ولا يتكلمون حتى لغةً واحدةً!

هذه العصابات التي ارتكبت مجازر مثل دير ياسين، هي التي أفرزت بعد ذلك “القيادات التاريخية” التي “تفخر” بها “دولة الاحتلال الصهيوني”، من أمثال المجرم موشيه ديان، والمجرم أرييل شارون، والمجرم مناحيم بيجن، والمجرم إسحاق شامير، وغيرهم من المجرمين الكثير!..

ولقد بذل الكيان الصهيوني ما بوسعه طيلة العقود التي تلت تأسيس الكيان الصهيوني؛ من أجل الظهور بمظهر الدولة المتحضرة، وحاول قدر استطاعته، القضاء على مصطلح شديد الأهمية في الصراع القيمي والإعلامي بيننا وبينهم، وهو “العصابات الصهيونية”، والتي كان لها الفضل الكبير في تأسيس الكيان بجرائمها الإرهابية، قبل وبعد حرب 48، كما هو معروف تاريخيًّا.

الآن، يظهر قانون مهم من قوانين العمران البشري، وهو أن حقائق التاريخ الثابتة لابد لها من يوم وأن تظهر، مهما حاول المبطلون التضليل عليها، وتشتيت الأذهان عنها.

ففي أوج أزمة دولة الاحتلال مع الرأي العام العالمي، ووضوح مسؤوليتها عن تعثر عملية التسوية، بجرائمها العنصرية في حق الفلسطينيين، وأنشطتها الاستيطانية التي تبغي الاستيلاء على ما تبقى من فلسطين التاريخية؛ تفاعلت ظاهرة هي الأخطر على صورة الكيان كدولة مواطنة ومدنية ملتزمة بالقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان، وهي ظاهرة عصابات “تدفيع الثمن” اليهودية.

هذه الظاهرة، التي جاءت من بين ظهرانيهم أنفسهم، تعيد إلى العقول، وتحيي في الأذهان مصطلح “العصابات الصهيونية” التي حاولت دولة الاحتلال دفنها طوال ما يقرب من سبعة عقود هي عمر دولة الكيان الصهيوني القصير!..

هذه العصابات التي تستهدف كل ما هو فلسطيني الهوية في الأراضي المحتلة عام 1948م، وعام 1967م، على حد سواء، بما في ذلك المقدسات الإسلامية والمسيحية، من مساجد وكنائس، وحتى قبور الموتى؛ فلم تسلم من أيدي هؤلاء المدنِّسين المتعصبين العنصريين!

هذه الممارسات التي يراها العالم كله الآن، لها هدف سياسي شديد الأهمية، وتتجاوز فكرة كونها مجرد جرائم كراهية أو ما شابه.

فالملاحِظ المُدقِّق في خريطة هذه النوعية من الجرائم التي تقوم بها هذه العصابات الإرهابية، سليلة العصابات التي أسست دولة الكيان؛ سوف يجد أنها تتبع سياسة منهجية تحقق نفس أهداف وغايات أسلافها قبل نكبة 48، وهي الاستيلاء على المناطق ذات الأهمية الدينية والإستراتيجية للدولة العبرية، وهي إما مناطق ذات قداسة دينية، مثل القدس الشرقية المحتلة عام 1967م، أو مناطق ذات كثافات سكانية عربية في الداخل المحتل عام 1948م، مثل عكا وحيفا ويافا، أو ما يُعرف بمناطق المثلث، والجليل الأعلى.

وأبرز دليل على أن هذه النوعية من العصابات- التي ليست مجرد عصابات جنائية منظمة- تعمل في إطار استحقاقات المشروع الصهيوني، هو “العجز” الواضح للدولة العبرية عن القبض على أيٍّ من أعضاء هذه المجموعات، بالرغم من تأكيدات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن الحكومة الصهيونية أعطت أوامر لجهاز الأمن العام الصهيوني “الشاباك” بتتبع وملاحقة عناصر هذه العصابات.

فأبسط منطق يجعلنا نتساءل هل يعجز جهاز الشاباك” “الأسطوري” الذي يصل إلى أهداف في أقاصي الأرض، عن الوصول إلى بعض المجرمين المخربين؟!.. بطبيعة الحال كلا، فالتفسير الوحيد إذن هو أن هذه العصابات تعمل برضى- إن لم يكن بتوجيه أيضًا- من الحكومة الصهيونية، باعتبار أنها جزء من مسارات المشروع الصهيوني، والذي ليس بمستغرب عليه اللجوء إلى مثل هذه الأدوات الإجرامية.!

لذلك؛ فإن حديث وزيرة “العدل” لدولة الاحتلال، تسيبي ليفني، من أن هذه العصابات “تسبب للكيان الصهيوني أضرارًا داخلية وخارجية”، أو وصف نتنياهو لأفعالها بأنها “مثيرة للاشمئزاز” مجرد أحاديث لوسائل الإعلام للمداراة على الصورة الحقيقية القبيحة لدولة الكيان الاستيطاني العنصري.

وفي الأخير، فقد أحيت هذه العصابات وممارساتها في الضمائر الإنساني، تاريخ مؤسسي الدولة العبرية الحقيقيين.. وهم العصابات الإرهابية الصهيونية!..

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن