المخدرات آفة تغزو الجامعات والمدارس اللبنانية

المخدرات

تصنف المخدرات كآفة خطيرة تدخل في قلب المجتمعات فتدمر كيانه… أسباب التعاطي عديدة ونتائجه قاسيّة وأليمة. ولهذه المواد السامة مروّجون يحاولون دخول كل البيوت ويجتاحون أيضاً المدارس والجامعات والنوادي والملاهي.

وبحسب مصادر صحافية فقد استطاعت القوى الامنية اللبنانية عام 2014 توقيفعدد قليل من المزارعين (10 اشخاص) ومصنعين (4 اشخاص) وذالك بسبب تواجدهم في مربعات أمنية خارجة عن القانون، مع العلم، وبحسب شهادات متعاطين تم توقيفهم من قبل مكتب مكافحة المخدرات والقوى الأمنية اللبنانية، يبلغ عددهم حوالي ال 3587 بين تاجر، مصنع ومروج.

وأصدرت جمعية “جاد” بيانا جاء فيه: “وزعت عبر المواقع الالكترونية والرسائل النصية في الآونة الاخيرة رسائل تحذيرية تتضمن معلومات عن وجود نوع جديد من المخدرات يعرف بإسم الفراولة السريعة، أي حلوى الكريستال، يغزو المدارس اللبنانية.

وبعد اتصالات عدة قامت بها الجمعية بالجهات المعنية بموضوع المخدرات ومكافحتها حول ظاهرة هذه الرسائل التحذيرية، توضح جمعية جاد – شبيبة ضد المخدرات انه لا يوجد اي حالة وفاة لأطفال تناولوا هذا المخدر او دخلوا أي مستشفى في لبنان تحت تأثير هذا المخدر.

كما تطلب الجمعية من اي جهة كانت على علم بأي معلومة حول هذا المخدر، الاتصال بالمعنيين للتبليغ عن اي حالة تعاط او توزيع لهذه المواد في حال كانت موجودة اصلا في لبنان.

ومع العلم والتأكد من ضرورة نشر الوعي عند الاهل والاطفال حول عدم اخذ اي مواد مشبوهة من اشخاص غريبين، وتبليغ المعنيين والاكبر سنا تداركا لأخطار انتشار المخدرات كافة، على انواعها”.

ويقول عدد من الباحثين في المخدرات واقعها ومدى انتشارها، نجد أن لبنان ليس من الدول الرئيسية التي تنتج المخدرات او تتاجر بها، لكن يلاحظ ان انتاج القنب لا يزال مستمرا، وان استهلاك المخدرات قد ازداد وخصوصا في صفوف الشباب.

ونسب أحد المواقع اللبنانية الى مسؤولين كبار في قوى الأمن الداخلي ان “مكافحة المخدرات تأتي في المرتبة الثانية في اولوياتهم بعد مكافحة الارهاب”، وان انتاج القنب والافيون في سهل البقاع يتلف في كل موسم. لكن هذه التدابير ليست بكافيّة مما يستدعي وضع خطة دفاعية بوجه السمّ الذي يهدد اللبنانيين والشباب خاصةً بعد تفشي هذه الظاهرة بين أروقة المدارس والمعاهد والجامعات.

تعريف المخدرات

إن المخدرات هي مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان وتسمم الجهاز العصبي ويحظر تداولها أو زراعتها أو تصنيعها إلا لأغراض يحددها القانون ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له بذلك، بحسب التعريف القانوني للمخدرات.

والمخدرات أو العقار بمعنى أدق هي مواد ذات طبيعة كيماوية تؤثر على العقل أو الجسم البشري، و مع الاعتياد على التناول يصبح هناك ما يسمى بــ “التحمل”و هو حالة فسيولوجية مكتسبة تتميز بقدرة الجسم على تحمل العقار ما يؤدي إلى الحاجة إلى أخذ جرعات متزايدة للحصول على التأثير نفسه الذي كان متاحا في الأصل بجرعات أقل، فيصل المتعاطي إلى مرحلة الإدمان.

ووردت عبارة “استهلاك المخدرات في لبنان ازداد خصوصاً في صفوف الشباب” في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية عن مكافحة المخدرات في العالم لعام 2009. والتقرير وإن كان لحظ ما يمكن للخارجية الاميركية أن تعتبره إيجابياً، وهو أن “لبنان ليس من الدول الرئيسة التي تنتج المخدرات أو تتاجر بها”، غير أن هذا التقرير وضع الإصبع على جرح لم يفلح البلد الصغير في معالجته موضعياً، فراح يتسع إلى أن تفاقم الأمر حتى يكاد لا يمر يوم يخلو من أخبار عن توقيف تاجر مخدرات أو عن ضبط محاولة تهريب للمادة إلى البلد أو منه.

إزدياد في نسبة المتعاطين

أوردت صحيفة (الشرق الأوسط 4-7-2002)، أن نتائج الدراسة التقييمية السريعة RSA، التي اجرتها جمعية «إدراك» حول تعاطي المخدرات في لبنان اظهرت ان حوالي واحد في المائة من تلاميذ المدارس في الصفين الثاني والثالث ثانوي و22 في المائة من طلاب الجامعات تعاطوا المخدرات او المسكنات (من دون وصفة طبية) لمرة واحدة على الاقل. وقد قامت جمعية «ادراك» بهذه الدراسة بالتعاون مع قسم الأعصاب في مستشفى القديس جورجيوس بتكليف من مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات ومنع الجريمة UNODCCP بهدف تقييم استعمال المخدرات والمسكنات ضمن عينات مختلفة ضمت 1307 طالب في الصفين الثاني والثالث ثانوي و1800 طالب من جامعتين خاصتين في بيروت، بالاضافة الى 103 من الافراد ميدانياً و52 موقوفاً بسبب المخدرات و64 سجيناً بهذه التهمة وكذلك 162 شخصاً من الخاضعين للتأهيل.

ولحظت الدراسة التي اجرتها جمعية «ادراك» ازدياداً في نسبة استعمال المخدرات والمسكنات عند طلاب الجامعات من سنة 1991 الى سنة 1999. وتراوح معدل اعمار مستعملي المواد المسببة للادمان بين 14 و17 سنة. ورغم انه لم يتبين وجود اي تسلسل معين لبدء الادمان، لكن يمكن القول ان السجائر والكحول تسبق غيرها من المواد. وافاد حوالي 8 في المائة من طلاب المدارس والجامعات انهم استعملوا المخدرات اكثر من مرة ومعظمهم تعاطى الحشيش، وان 2.8 في المائة من طلاب المدارس استعملوا الاكستازي يليه الكوكايين ثم الهيرويين. كما كشف حوالي ثلث مستعملي المخدرات او المسكنات (لمرة واحدة على الاقل) انهم استعملوها في خلال فترة شهر من اجراء الدراسة المذكورة. وفيما تشابهت نسب استعمال المخدرات بين طلاب المدارس وطلاب الجامعات، كانت نسبة استعمال المسكنات من دون وصفة طبية، او لسبب غير طبي، اعلى لدى طلاب الجامعات بنسبة أضعاف من تلامذة المدارس. وعند مقاربة نسب استعمال المواد الدافعة للادمان عند الاناث والذكور في المدارس والجامعات اتضح ان نسبة الذكور ضعف نسبة الاناث في ما يخص المخدرات، واثنان الى ثلاثة بالنسبة للمسكنات. وقد افاد حوالي 6 في المائة من تلاميذ المدارس
انهم اشتروا المسكنات من الصيدلية من دون وصفة طبية، وحوالي 70 في المائة من هؤلاء لم يلقوا اي معارضة من الصيدلي.

ولدى مقارنة نتائج الدراسة في لبنان مع نتائج الدراسات في الولايات المتحدة يتبين ان التلاميذ الأميركيين استعملوا المخدرات اكثر من تلاميذ لبنان بحوالي 6 او 7 مرات.

اما بالنسبة الى المسكنات فالنسب في لبنان اعلى في بعض الاحيان (مع الاشارة إلى أن هذه الدراسة سبقت تطبيق قانون الصيدليات). وفي ما يتعلق بتعاطي المخدرات والمسكنات ضمن مراكز الاستشفاء والاستقبال والتأهيل، اضافة الى السجون، ظهر ان حوالي ثلث المتعاطين الذين كانوا قيد العلاج تم توقيفهم او سجنهم. وحوالي نصف المتعاطين الذين كانوا قيد التوقيف او في الشارع لم يتلقوا العلاج لعدم اعتقادهم بضرورته. وحوالي 85 في المائة من المدمنين في الشارع الذين تعالجوا سابقاً لم يكملوا العلاج لان مركز العلاج لم يرق لهم.

ومعدل اعمار المدمنين على المخدرات او المسكنات هو 30 سنة، اما اعمارهم فتتراوح بين 20 و40 سنة. ولم تنس الداسة التدخين والكحول على اعتبارها من المواد الباعثة على الادمان، فجاءت النتيجة ان 20 في المائة من طلاب المدارس والجامعات افادوا بأنهم دخنوا السجائر يومياً لفترة شهر او اكثر، والنصف (اي حوالي 10 في المائة) ما زال يدخن خلال الـ 30 يوماً السابقة لتاريخ اجراء الدراسة، وحوالي 70 في المائة من طلاب المدارس والجامعات اقروا بأنهم جربوا الكحول لمرة واحدة على الاقل، وحوالي 10 في المائة يعانون من مشاكل بسبب شرب الكحول.

تدني سن المدمنين

أكدت الدراسات الأخيرة التي قامت بها جهات تعنى بأمور العلاج على تدني سن المدمنين، وصار بين المدمنين طلاب مدارس وجامعات إناث وذكور. وعندما نقول عن شخص ما إنه مدمن في عمر الـ24، فهذا يعني أنه يتعاطى المخدرات من عمر 12 أو 13 سنة.

صغر سن المدمنين يؤكده أيضاً استطلاع للرأي أجرته شركة «الدولية للمعلومات» بين طلاب توزعوا على سبع جامعات خاصة في لبنان. وكشف الاستطلاع أن «نسبة تقبل فكرة تعاطي المخدرات ترتفع لتبلغ ذروتها لدى الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و24 سنة 35 في المئة»، وأن «36 في المئة من الطلاب المستطلعين جربوا الحشيشة ولو لمرة واحدة، مقابل 23 في المئة جربوا الماريجوانا، وأن نسبة الطلاب الذكور الذين جربوا المخدرات أعلى من نسبة الإناث. ونحو نصف الطلاب 48 في المئة الذين تم استطلاع آرائهم يصفون طريقة الحصول على المخدرات في جامعتهم بأنها سهلة وأن 51 في المئة يعرفون مروجاً للمخدرات.

وفي الإحصائيات الأخيرة، حول تعاطي المخدرات في الجامعات الخاصة تبين أن:

– 44% من المواطنين يرون أنّ الحصول على المخدرات سهل.

– 28% يتعاطون الحبوب أو المخدرات أسبوعياً.

– 40% جربّوا المواد المخدّرة.

– 51% يعرفون مروج مخدرات.

– 14% مسرفون في تناول المهدئات.

ما تقدم يشير إلى مشكلة خطيرة تتهدد الشباب اللبناني وخصوصا شريحة الطلبة، وهذا يستدعي تحركا على صعيد وطني.. من أجل العمل على مكافحة المخدرات وكشف علامات الادمان المبكر في سبيل تلافيها.. لعل ذلك يساعد في الحفاظ على الشباب وقوة الأوطان..

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن