بتسيلم : الجيش الإسرائيلي أطلق النار على فتى لم يشكل خطرًا على حياة أحد

قوات الاحتلال

قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، ” بتسيلم “، امس: إن الجيش الإسرائيلي أطلق النار على فتى يبلغ من العمر 15 عاما لم يشكّل خطرًا على حياة أحد، ولم يبلّغ ذويه عن مكانه وكبّل قدميه في المستشفى.

وأورد تقرير للمركز، أنه يوم الخميس الموافق 10-11-2016، في حوالي الساعة 8:30 صباحاً، خرجت مسيرة تضم عشرات الطلاب نحو حاجز عطارة شمال بير زيت، إحياء للذكرى السنوية لوفاة ياسر عرفات، الذي يحل في اليوم التالي. يتكون الحاجز من نقاط تفتيش منصوبة على جانبي الطريق ولم تكن مأهولة في ذلك الوقت، ومن برج المراقبة المأهول بشكل دائم من قبل الجنود.

وتوقف معظم الفتية في حقل، على بعد بضع عشرات من الأمتار جنوب الحاجز، وبعضهم، بمن فيهم أ. ز، 15 عاما، من سكان رام الله، تقدموا نحو الحاجز. رمى أ. ز حجرًا نحو برج المراقبة المتواجد في الحاجز، ومن ثم اقترب من الكتل الإسمنتية المنصوبة على بعد نحو عشرين مترًا من البرج.

وفي إفادته بتاريخ 28-11-2016 التي أدلى بها لإياد حداد، باحث بتسيلم الميداني، وصف أ. ز ما حدث بعد ذلك: بدأت ألقي على الأرض أكياس الرمل التي وُضعت على الكتل الإسمنتية المستخدمة لحماية الجنود. صرخ أحدهم عليّ بالعبرية من البرج، ثم أصاب عيار ناري إصبعي في اليد اليسرى. شعرت أن إصبعي مشلول وعلى الفور أُطلقت رصاصتان أخريان أصابتني في الفخذ الأيمن من الخلف وخرجتا من الأمام. شعرت أن قدمي طارت في الهواء، وسقطت على الأرض فيما القدم ملتوية إلى الوراء.

ووصف م. ر.، الذي كان عمره في حينه 15 عاما، من سكان مخيم الجلزون، الذي وقف قريبا من أ. عندما أطلق الجنود النار عليه، وصف بتاريخ 28-11-2016 لباحث بتسيلم الميداني إياد حداد ما حدث وقتها على الفور: حاولت أن أقترب لإسعاف أ.ز ، ولكن ثلاثة جنود خرجوا بسرعة من البرج وأخذوا بالصراخ علي وعلى كل من حاول الاقتراب. هربت مع بقية الفتية لمسافة نحو مائة متر بعيدًا عن الحاجز. وقف الجنود بجانب رأس أ. خفت. رأيتُ الجنود يجرونه على الشارع باتجاه البرج، وهناك قاموا بإسعافه. بعد حوالي نصف ساعة عدت إلى البيت.

وقال: بعد إطلاق النار وصلت إلى الحاجز بضع سيارات جيب وسيارة إسعاف تابعة لنجمة داوود الحمراء وبدأ الفريق الطبي بمعالجة أ.ز. بعد حوالي ساعة تم نقله إلى مستشفى “شعاري تسيدق” في القدس. في المستشفى، أجريت له عملية جراحية، تمّ تثبيت الكسر في الفخذ بواسطة البلاتين كما تمّ تثبيت الكسر في الإصبع أيضًا. في الغرفة التي مكث فيها في المستشفى وضعوا جنديين، وابتداء من اليوم التالي أوثقوا رجليه بقيود معدنية لمدة ثلاثة أيام.

وحسب التقرير فقد وصل والد أ. ز. البالغ من العمر 45 عامًا، إلى الحاجز بعد وقت قصير من إطلاق النار، عندما علم بإصابة ابنه، وحاول معرفة الجهة التي أُخذ اليها. فقط في الساعة 21:00 مساء، بعد ساعات طويلة من الاستفسار، اتصل به طبيب من مستشفى “شعاري تسيدق” في القدس وقال له إن ابنه يمكث في المستشفى للعلاج.

وجاء في التقرير أنه يوم الأحد الموافق 13-11-2016، عقدت في محكمة عوفر العسكرية جلسة للنظر في طلب من المدعي العام العسكري لتمديد اعتقال أ. ز، الذي لم يكن حاضرا ومثّله محام من نادي الأسير الفلسطيني. أمرت المحكمة بالإفراج عن أ. ز. بكفالة قدرها 6000 شيكل ومنحت النيابة تمديدًا لمدة 20 ساعة للاستئناف على القرار، ولكن لم يتم تقديم أي استئناف. محامي أ. ز قدّم استئنافا ضدّ مبلغ الكفالة. بعد قرار المحكمة أزال الجنود القيود من قدمي أ. ز. وغادروا المستشفى.

وفي الإفادة التي أدلى بها بتاريخ 28-12-2016 لإياد حداد، باحث بتسيلم الميداني، وصف الوالد السلسلة البيروقراطية التي اضطر هو وزوجته إلى اجتيازها حتى سُمح لها بزيارة ابنهما في المستشفى: في نهاية الأسبوع، لا تزاول مديرية التنسيق والارتباط عملها ولا يمكن طلب تصريح للدخول إلى إسرائيل. وفي صباح يوم الأحد، قدّمنا طلبًا للحصول على تصريح وفي المساء تلقيت رفضًا لأسباب أمنية وطلبوا من زوجتي أن ترفق إلى الطلب تقريرًا طبيًا من المستشفى.

وقال: في مساء يوم الثلاثاء، تلقينا بالفاكس التقرير الطبي وقدّمناه مع طلب الحصول على تصريح لزوجتي ولاثنين من أبنائنا، تتراوح أعمارهم بين 21 و 23. بسبب المنع الأمني لم أقدم طلبًا لِنفسي. مساء الأربعاء تلقينا التصريح، ولكن فقط لزوجتي التي سافرَت إلى المستشفى مساء ذلك اليوم. عندما وصلت إلى هناك، اتصلت وقالت لي إنّه على ما يرام، يتكلم ويأكل ويشرب، ولكنّ قدمه ويده مضمدتان ولا يزال قيد المعالجة. كما قالت لي أن الجنود الذين يحرسون ابني غادروا بعد أن قررت المحكمة الإفراج عنه بكفالة.

وجاء في التقرير أنه خلال الأسبوع، في فترة ما بعد الظهر، عندما مكوث أ.ز. وحده في غرفته في المستشفى، حضر إليه محقق شرطة من محطة بنيامين، وحقق معه دون وجود والديه أو شخص بالغ من طرفه. اتهم المحقق أ. ز. برشق زجاجات حارقة وإلقاء الحجارة على برج المراقبة، وادعى أن الجنود كانوا شهودًا على هذه الأعمال وأنه تمّ تصويرها بشريط فيديو. نفى أ. ز. هذه المزاعم. بعد أن حقق معه لمدة نصف ساعة قام المحقق بتوقيع أ. ز على استمارة الإفادة التي كُتبت بالعبرية، وصوّره.

وبتاريخ 17-11-2016، عندما تواجدت والدة أ. ز في غرفته في المستشفى، وصلت الشرطة وأبلغتهم أن يوم الأحد، الموافق 20-11-2016، ستُعقد في محكمة عوفر العسكرية جلسة أخرى للنظر في الشأن الذي مثّله فيه موكله. في المحكمة تلقّى والداه قسيمة دفع كفاله قيمتها 6000 شيكل وقاموا بدفعها. تم تأجيل جلسة النظر نفسها إلى حين فحص لائحة الاتهام ضدّ أ. ز.

وجاء في التقريب أنه في نفس اليوم تمّ تسريح أ. ز من مستشفى “شعاري تسيدق” برفقة والدته، ونُقل الى مستشفى رام الله حيث اجتاز هناك الفحوصات وتلقّى علاجًا إضافيًا. وبتاريخ 24-11-2016 حضر الى المستشفى الموجود في رام الله للمراجعة الطبية وتم إزالة الغرز في قدمه وتقرر أنه طرا تحسن في حالته. من المقرر عقد جلسة أخرى في المحكمة بتاريخ 6-2-2017.

وروى أ. ز في إفادته حول مكوثه للعلاج في المستشفى وحول مشاعره اليوم: في المستشفى كنت خائفًا وقلقًا. لم أكن أعرف أين أنا، وعلمت ذلك فقط من خلال الأطباء العرب، الذين عاملوني معاملة حسنة. فخدي الآن فيها بلاتين ويدي مثبتة ولذلك فأنا ألازم المنزل. أستطيع المشي فقط على عكازين أو عندما أتوكأ على أفراد الأسرة. لا أعرف كم من الوقت سأبقى على هذا الوضع. قال لي الطبيب أن الأمر يتطلب 45-30 يوما لأصبح قادرًا على السير على قدمي. أنا في الصف الحادي عشر وأخشى أن أفوت دروسًا وامتحانات، لأنّ هذا قد يؤثر على مستقبلي.

ويتضح من تحقيق “بتسيلم” أن أ. ز. لم يشكل خطرًا على حياة أحد عندما أطلق الجنود النار عليه من برج المراقبة وأصابوه في الفخذ واليد، وأنه لا يوجد أي مبرر لإطلاق النار بالذخيرة الحية. أ. ز، فتى يبلغ من العمر 15 عاما، مكث للعلاج في المستشفى لمدة عشرة أيام، قضى نصفها بدون مرافقة أفراد الأسرة، وطيلة ثلاثة أيّام قام جنود بتكبيل قدميه. اضطر إلى تلقّي العلاج الطبيّ في المستشفى، وتمّ التحقيق معه دون حضور والديه، والتزم المنزل لعدّة أسابيع وخسر أيام تعليم في المدرسة.

وقال إن المعاملة التي حظي بها أ. ز، فتى يبلغ من العمر 15 عامًا، من الجيش، كانت مشينة وصادمة طيلة الوقت: تم إطلاق أعيرة نارية عليه في ملابسات كانت تخلو من أي خطر على الحياة، قُيّدت قدماه بينما كانت إحداها مكسورة ومثبتة ؛ مكث جنديان في الغرفة التي تلقى فيها العلاج في المستشفى لمدة أربعة أيام، كما لو كان إرهابيًا خطيرًا قد يلوذ بالفرار؛ طيلة هذا الوقت، لم يكلف الجيش نفسه حتّى عناء إبلاغ أفراد أسرته مباشرة أين يتواجد. الطّعوم في جسده والندوب التي لحقت بنفسيته التي ستبقى طيلة حياته.

وحسب “بيتسيلم” فإنه ووفقًا للقانون، المنطق السوي والقيم الأخلاقية الأساسية – يحقّ للقاصرين، بسبب ضعفهم، الحصول على حماية خاصة. طالما استمر الاحتلال وسيطرة إسرائيل على حياة الملايين من الفلسطينيين، الكثير منهم قاصرون، فإنّه يجب على دولة إسرائيل، جيشها وجنودها الحفاظ على حقوقهم: هذا، حتى إذا كان القاصر خرق القانون، أو، في هذه الحالة بالذات – فتى ألقى حجرًا على برج محصن ورمى على الأرض أكياس رمل كانت مكدّسة عند الحاجز. لقد انتُهكت هذه الواجبات بشكل صارخ في هذه الحالة – كما هو الحال في العديد من الحالات الأخرى.

وقال المركز إن التوجهات إلى الجهاز العسكري المسؤول عن فرض القانون بهدف السير قدما بالمحاسبة المُعتبرة، لم تثبت نفسها. هذا الأمر صحيح بالنسبة للحالات التي قتل فيها الجنود مواطنين فلسطينيين وكذلك في الحالات التي تسببوا فيها بجروح “فقط”. على أية حال، فإن المسؤولية في مثل هذا التحقيق، في حالة فتحه، هي دائما التستر.

ولهذا، فقد قرر “بيتسيلم” التوقف عن التوجه إلى النيابة العسكرية والمطالبة بالتحقيق، فيما يواصل “بتسيلم” في ذات الوقت العمل بطرق أخرى للدفع قدما نحو المحاسبة. على ضوء ذلك، نحن مستمرون في إجراء التحقيقات في حالات من هذا النوع ونشرها. ومع ذلك، من المفهوم أن واجب التحقيق ومحاسبة المسئولين عن هذا النوع من الحوادث ما يزال واقعا على عاتق الجهاز العسكري.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن