بروفيسور موشيه عميراف: إذا لم نقسّم القدس سنفقدها ويكون رئيس بلديتها فلسطينيا

القدس

حاولت حكومات إسرائيل المتعاقبة تحقيق ثلاثة أهداف في مدينة القدس منذ العام 1967: الجغرافية، الإقليمية والسياسية. ولكن الجهود القومية فشلت والأهداف لم تتحقق. إن هدف إسرائيل هو تحقيق أغلبية يهودية بنسبة 80 بل 90% لجعلها مدينة أحادية القومية، وبالرغم من ذلك لم يتحقق الهدف بل حصل العكس، فمدينة القدس اليوم ثنائية القومية وقرابة 40% من مواطنيها هم فلسطينيون.

الهدف الإقليمي
أما الهدف الثاني الإقليمي، فيهدف الى إبقاء السيطرة الإسرائيلية، من خلال إقامة أحياء يهودية على مساحة قرابة الـ70 كيلومترا (أي شرقي المدينة) وإخلائها من الوجود العربي. هذا الهدف أيضا لم يتحقق، إذ أن الأحياء اليهودية تأتي على ثلث الأراضي في شرقي القدس، وأما على الثلثين الآخرين فتتواجد أغلبية فلسطينية والتي تمتد جنوبا الى بيت لحم وشمالا الى مدينة رام الله.

الهدف السياسي
أما الهدف الثالث وهو السياسي، فكان الحصول على شرعية دولية وفلسطينية على حد سواء، لسيطرة إسرائيل على شرقي القدس، ولكن بعد 40 عاما من الجهود الديبلوماسية كانت النتائج مخيبة للآمال، بحيث لم تعترف دولة واحدة في الإتحاد الدولي بالسيادة الإسرائيلية على شرقي القدس، ناهيك عن ذلك فإن صديقتنا الولايات المتحدة ترى بأن البناء الإسرائيلي في شرقي القدس هو عبارة عن استيطان غير قانوني.

وفيما يتعلق بالمواطنين الفلسطينيين فقد حاولت حكومات إسرائيل فرض سياسة “الأسرلة” بهدف جعلهم عربا إسرائيليين، إلا أن الفلسطينيين رفضوا ذلك بالرغم من التسهيلات التي توفرها لهم الهوية الإسرائيلية من ناحية اقتصادية مثل الخدمات الصحية ومؤسسة التأمين الوطني وإمكانيات العمل غير المتوفرة في مناطق الضفة، كونهم مخلصون لمؤسسات السلطة الفلسطينية وفقط 10 آلاف من بين 300 ألف فلسطيني اختاروا الحصول على الهوية الإسرائيلية.

نتيجة عدم تحقيق الأهداف المحددة، اتسعت الفجوة بين قسمي المدينة والقطب السياسي. إذا كانت في السابق أقلية مستعدة لتقسيم مدينة القدس مقابل اتفاق سلام، فإن نسبتهم اليوم ازدادت بجانب الجمهور الإسرائيلي. يشار الى أنه حتى العام 2000 لم تكن أية حكومة مستعدة لهذا الإقتراح بالرغم من أن إيهود باراك وإيهود أولمرت عبرا عن دعمها للفكرة. بينما تسود لدى حكومة اسرائيل الحالية حالة من القلق لما سيحصل للعاصمة إذا لم تقسّم وفقا لاتفاق سلام.

ما هي السيناريوهات المحتملة؟
نبدأ بالمجال الإقتصادي: استثمرت إسرائيل نحو 20 مليار دولار، في شرقي القدس منذ العام 1967، لبناء الأحياء بدلا من الاستثمار في القدس الغربية في مجال البنى التحتية والصناعة والتجارة والسياحة. وهاجر المدينة في العقدين الأخيرين قرابة الـ200 ألف يهودي المنتمين للطبقة الجيدة من الناحية الاقتصادية الإجتماعية. وتحولت القدس الى مدينة فقيرة في إسرائيل، كما أن استمرار نسبة تكاثر الجمهور الفلسطيني واليهودي المتزمت (الحريدي) في المدينة سيجلب انهيارا اقتصاديا.

التغييرات الجغرافية
إن التغييرات الجغرافية إنما تشير الى تقليص قوة اليمين والمركز (الليكود وحزب العمل) وتقوية الهوامش. إن الجمهور الحريدي لا يخفي هدفه بجعل القدس “مدينة مقدسة” متحررة من تأثير إسرائيل العلمانية عليها. استمرار زيادة الجمهور اليهودي المتزمت (من 20% قبل عقد الى 30% اليوم) سيعيد القدس الى 100 عام للوراء في الفترة التي كانت فيها القدس معادية للصهيونية، حتى أن رؤساء الحركة الصهيونية فكروا بالتنازل عن القدس كعاصمة، ولربما لن تصدقوا أنهم بحثوا عن عاصمة في مكان آخر.

السيناريو السياسي
إنه السيناريو الأصعب. فنسبة تكاثر الفلسطينيين في العام الواحد تقف عند 3.5%، مقابل 1.5% لدى المواطنين اليهود. وفي غضون عشر سنوات ستكون هنالك أغلبية فلسطينية في القدس، يمكنها في الإنتخابات القادمة تقرير مصير هوية رئيس بلدية القدس، ومن الممكن أن يحصلوا على أغلبية في المجلس البلدي، وبضمن ذلك انتخاب رئيس مدينة فلسطيني.

يجمع على تحليلي هذا خبراء وباحثون مختصون في الشأن السياسي لمدينة القدس، والخلاصة هي أنه دون تقسيم مدينة القدس من الممكن أن نفقدها.

• الكاتب: بروفيسور موشيه عميراف، محاضر في الجامعة العبرية في القدس، وأشغل في السابق منصب عضو إدارة بلدية القدس ورئيس اللجنة المهنية لرئيس الوزراء السابق إيهود باراك في الشأن المقدسي في محادثات كامب ديفيد.

* نقلا عن موقع واينت.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن