بوتين في عيون العرب: بطل أم دكتاتور؟

بوتين

يتعاطف أغلب العرب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موقفه من أزمة أوكرانيا ، ويرون فيه زعيما قويا يحفظ سيادة بلده وهو ما يفتقده كثيرون في بلدانهم، لكن قلة منهم ترى فيه ديكتاتورا يحاول إعادة الحياة لعهد ستالين.

بعد نحو ربع قرن من سقوط المعسكر الشيوعي، ما زال كثير من العرب يرى في روسيا امتدادا للحليف الاستراتيجي السوفيتي الذي دعم ما كان يدعى بـ” قضايا الأمة العربية”. بل أن كثيرا من العرب يرون في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زعيما يستعيدون من خلاله ذكرى زعامات قوية سيطرت على المنطقة واستطاعت أن ترسي إلى حد ما أركان دول ثابتة رصينة. وربما فسّر هذا سر تعاطف الشارع والنخب العربية مع سياسة بوتين في أوكرانيا. وفي حديثه مع DWعربية نظر الصحفي المصري إبراهيم منصور رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة التحرير إلى موقف بوتين من زاوية مصرية، معتبرا أن هناك ارتباكا عربيا تجاه ما فعله بوتين في أوكرانيا، كما ارتبك المصريون تجاه ما حدث في يونيو 2013، “وهناك من يعتبر أن ما حدث في أوكرانيا هو انقلاب، في حين يراه البعض ثورة، بالضبط كما حدث في مصر”.

وذهب الصحفي المصري إبراهيم منصور إلى مقارنة شخصية فلاديمير بوتين بشخصية الجنرال عبد الفتاح السيسي مبيّنا أن الرجلين كانا ضابطين، وكلاهما قاد أجهزة المخابرات في بلديهما، وكلاهما ظهر في مرحلة مهمة وحاسمة من تاريخ البلدين.

عربيا، يعتقد كثيرون اليوم أنّ الربيع العربي قد دخل مرحلة الشتاء بل تعداها إلى الخريف، وبدأ كل ما تمناه العرب من هذا الربيع يتساقط تباعا، ومع هذا الرأي اتفق د. إبراهيم أبراش وزير الثقافة السابق في حكومة السلطة الفلسطينية في حديثه مع DWعربية مشيرا إلى أن ” الربيع العربي قد انكشف الآن، وقد اكتشفت النخب وحتى الشعوب العربية وهم ما يسمى بالربيع العربي”.

لا يمكن إن ينطلي على العرب أي خطاب أمريكي يجري في أوكرانيا

تأسيسا على هذا الانكشاف يرى أغلب العرب أنّ ما يجري في أوكرانيا هو محاولة لخلق الفوضى في تلك المنطقة. وهو ما ذهب إليه د. أبراش مشيرا بالقول “العرب حين ينظرون إلى ما يجري في أوكرانيا يأخذون بعين الاعتبار ما يجري في بلدانهم، وبالتالي إذا كانت أكذوبة الربيع العربي قد مرت بداية على الشعوب العربية ثم انكشفت، فهم لا يمكن إن ينطلي عليهم أي خطاب أمريكي يجري في أوكرانيا”.

العرب المتفقون تقريبا حول ما آل إليه الربيع العربي، أضحوا متفقين اليوم ضد ما يمكن تسميته بالربيع الأوكراني. ورغم أن الغرب يرى فيما يجري بأوكرانيا ثورة حقيقة، فإن العالم العربي شعوبا ونخبا يقارن بين الانهيارات والخراب الذي عم ويعم المنطقة العربية منذ 3 أعوام وبين ما تشهده أوكرانيا، والى ذلك ذهب الصحفي المصري مبينا أن “العرب يتعاطفون مع استعادة النفوذ الروسي في أوكرانيا”.

بوتين يدفع أوروبا كلها إلى حرب ساخنة وليس باردة

من جانب آخر كتب وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلّاب على صفحة العربية “فلاديمير بوتين يلعب في ساحته كما يشاء ويُعرِّض منطقته للمفاجآت وعاديات الزمن ويدفع أوروبا كلها إلى حرب ساخنة وليست باردة “. وهذا الكلام يلخص إلى حد كبير رؤى قلة من النخب العربية تناهض دور بوتين في منطقة القرم، و قد يتفق مع هذا الرأي معارضو نظام بشار الأسد الذين يرون في بوتين ديكتاتورا يدعم الرئيس السوري ويمده بالسلاح ويساعده في قتل شعبه، وهم بالتالي يرون في دور بوتين بأوكرانيا امتدادا لمواقفه الداعمة للديكتاتورية. لكن د.إبراهيم أبراش خالف هذا الآراء مذكّرا بأن الرئيس فيكتور يانوكوفيتش “الذي كان يحكم أوكرانيا جاء عن طريق الانتخابات، والذي حرك الشارع ( ضده) هي مصالح أمريكية من خلال جماعة منتفعة من أمريكا وممولة أمريكيا تريد أن تفكك أوكرانيا لإضعاف روسيا من خلال حلفائها التقليديين”.

ويمكن للمراقب أن يتحرى موقف العرب من دور بوتين في القرم من خلال حالة العداء العربي التاريخي لأمريكا، إذ ما زال كثيرون يرون أنها ودول الغرب تتآمر على مصالحهم وتسعى لتخريب بلدانهم ونهب ثرواتها، وبالتالي ينحازون إلى الخصم التقليدي للمعسكر الغربي، متمثلا في روسيا، والى هذا أشار د.إبراهيم أبراش موضحا أن هذا الموقف مخزون في الذاكرة السياسية للعرب.

وربما يحاول العرب استعادة الدور الروسي لتحقيق معادلة القوتين أو القطبين التي سادت حتى مطلع تسعينات القرن الماضي “للاستفادة من صراع المصالح بين روسيا وأمريكا” وهو ما ختم به الصحفي المصري إبراهيم منصور.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن