تأجيل الانتخابات ليس نهاية المطاف

إياد نصر
إياد نصر

بقلم : إياد نصر

عضو المجلس الثوري لحركة فتح

شكلت الانتخابات الفلسطينية على اختلافها – التشريعية ، الرئاسية و المجلس الوطني – بارقة امل ومخرجاً طموحاً للأطراف الفلسطينية المتباينة ( فتح و حماس ) لإنهاء الانقسام ، بعد ان تعثرت كل المحاولات السابقة لإنهائه و استبشر الشعب الفلسطيني بجلسات الحوار التي وصلت الى البرنامج الزمني للانتخابات الفلسطينية التشريعية كخطوة أولى لإعادة لحمة النظام السياسي الفلسطيني وإزالة آثار الانقسام و الانفصال، وعندما بدأ ينسجم الموقف الفلسطيني الداخلي باتجاه المصالحة الوطنية من خلال بوابة الانتخابات ، أدركت الحكومة الإسرائيلية و أدرك رئيسها بنيامين نتنياهو ان الفلسطينيين باتوا قاب قوسين او ادنى من تحقيق المصالحة الداخلية، فأراد اغلاق البوابة الأخيرة لوحدة هذا النظام السياسي من خلال تعطيله للعملية الانتخابية ومنعه تنفيذها في القدس ، وهو بذلك يكون قد حقق هدفين رئيسيين يخدمان استراتيجيته في العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية او في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من وجهة النظر الإسرائيلية هما :

عدم إعطاء الفلسطينيين أي فرصة تشير الى فلسطينية المدينة المقدسة او ارتباطها بالنظام السياسي الفلسطيني كما كان قبل صفقة القرن و تأكيده و تمسكه بالإنجاز الوهمي الذي حققه نتنياهو من الرئيس الأمريكي ترامب بأن القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل الامر الذي قد يخدمه في أي انتخابات إسرائيلية قادمة.

افشال البوابة الأخيرة – من وجهة نظر المحتل- للمصالحة الوطنية ألا وهي الانتخابات .

ان توجيه الاتهام للسلطة الفلسطينية و حركة فتح بالتذرع بالقدس لعدم اجراء الانتخابات هو حرف للحقيقة و تبرئة للاحتلال الإسرائيلي و منحه صك براءة من تهمة المعطل و جعل الساحة الفلسطينية تعود من جديد لمشاغله بعضهم البعض ، لكي يعودوا للمربع الأول من التناحر و التراشق الإعلامي والاعتقال السياسي و إعادة الواقع الفلسطيني الى المشهد التوتيري و التخويني و التكفيري المتبادل ، وإعلاء أبواق صناعة الكراهية من جديد بوتيرة حادة جداً و كأنها ساعات الانقسام الأولى و هذا ما يصبوا اليه كل أعداء قضيتنا .

ان المشهد الجميل الذي تركه السلوك المنضبط في شطري الوطن وبدء مظاهر الحريات و جمال المشهد الذي لن يغيب من الاذهان للمعتقلين السياسيين و هم يتنسمون الحرية يجب ألاَّ يدفعنا ولا بأي حال من الأحوال لأن نحرف بوصلتنا التي اوجعت الكثيرين ولا نعطي مساحة للفشل أن يتسلل الى مسار المصالحة و الشراكة و البحث عن سبل شراكة جديده بديلاً للعملية الانتخابية الى حين تتهيأ الظروف التي تمكننا من اجراء العملية الانتخابية في كل الأرض الفلسطينية بما فيها القدس ودعونا لا نهدر سني شعبنا في العودة للوراء و التناحر و الاتهام و الاتهام المضاد الذي يسيئ للجميع ، بل نبحث معاً عن سبل المصالحة القائمة على الشراكة التي تؤسس لوحدة وطنية ، فنحن لم نعدم هذه السبل بعد، ورُب ضارة نافعة فلربما كان حدوث الانتخابات دون معززات لثقافة الشراكة سيعمق الانقسام بين شطري الوطن من خلال حدة الدعاية التي كنا نرى ملامحها على بعض المنصات الإعلامية .

تأجيل الانتخابات لا يجب أن يكون نهاية المطاف بل يجب أن نفوت الفرصة على من عطلها ألا وهو الاحتلال ولا ننهي نظامنا السياسي و ثقة جماهيرنا التي تنتظر منا ان نجد البدائل كإقامة حكومة وحدة وطنية حقيقية نعمل بها معاً لخدمة المواطن و نقاتل معاً لإجراء الانتخابات في القدس ، وبذلك نكون قد انتصرنا على من يحاولون هزيمتنا و سرقة عاصمتنا وهزيمة شعبنا.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن