توترات شبه الجزيرة الكورية.. إلى أين؟

كيم وترامب

كتبت – دعاء عبدالنبي

“شبه الجزيرة الكورية”.. تلك المنطقة المحفوفة بالمخاطر منذ وقف إطلاق النار بين الكوريتين في 1953، عادت لتشتعل من جديد مُحذرة من احتمال نشوب حرب بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية عنوانها استعدادات عسكرية من الجانبين ، وتهديدات باستباق ضربة نووية لكل منهما، ما دفع بالحلفاء بتجهيز العدة تحسبًا لأي هجوم يقابله مخاوف صينية قد يدفعها للقيام كوسيط خلف الكواليس لإنهاء الحرب المحتملة.

في الوقت الذي تستعد فيه بيونج يانج بمدافعها وقذائفها المتطورة في شبه الجزيرة الكورية وتهديد واشنطن وحلفائها بتوجيه ضربة استباقية لهم ، حذرت الولايات المتحدة من أنظمة الصواريخ الكورية والتي قد يأتي الرد الأمريكي عليها بضربات وقائية في حال إطلاقها، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى اندلاع الحرب بين الكوريتين.

وبحسب مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب،هربرت ماكماستر فإن كل الخيارات مطروحة لردع كوريا الشمالية عن نشر الأسلحة النووية على الصواريخ بعيدة المدى ، ولكن لا أحد يمكنه أن يستوعب شخصية الزعيم الكوري الشمالي “كيم جونج أون” وما يمتلكه من قدرات غير متماثلة وخطة خاصة لاستكمال غزو كوريا الجنوبية.. علمًا بأن مسألة توحيد الكوريتين تحت حكم بيونج يانج كانت دائمًا الهدف الأول لزعيم كوريا الشمالية ووالده، وفى حال شنت الولايات المتحدة ضربة وقائية، فمن المرجح أن يعمل كيم على التصعيد.

تصعيد التوترات

بدء التصعيد الإعلامي للحرب مع استعراض بيونج يانج لقدرات صواريخها الباليستية والنووية في ذكرى عيد ميلاد كيم إيل سونج مؤسس كوريا الشمالية، شملت تهديدات للولايات المتحدة بالرد على أي هجوم مماثل عليها .

على إثرها قامت الولايات المتحدة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة ، وشملت نشر طائرات خاصة قادرة على رصد أي تجارب نووية وطائرات تجسس “يو 2” وأخرى مسيرة، فضلًا عن إرسال حاملة الطائرات الأمريكية “يو أس أس كارل فنسون”، ترافقها ثلاث سفن قاذفة للصواريخ إلى شبه الجزيرة الكورية، وهو ما اعتبرته كوريا الشمالية تهديدًا واضحًا فأرسلت تحذيراتها وتهديداتها لواشنطن وحلفائها (كوريا الجنوبية – اليابان – أستراليا) إذا ما استمروا في الدعم الأعمى للولايات المتحدة.

من جهتها، أعلنت البحرية اليابانية توجه مدمرتين يابانيتين  للتدريب مع مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية الهجومية كارل فينسون، فيما قامت قوات كوريا الجنوبية باستنفار قواتها العسكرية على جانبي الحدود في ظل مخاوف من اختبار نووي جديد قد تجريه بيونج يانج.

وبحسب المصادر الدبلوماسية ، فقد اتخذت الصين قرارها بتحريك مجموعة من قواتها العسكرية إلى الحدود الكورية الشمالية معلنة استعدادها للتدخل في أي لحظة، وذلك بسبب التوتر الزائد في منطقة شبه الجزيرة الكورية.

وتسعى واشنطن إلى تجريد بيونج يانج من قدراتها النووية والبالستية إلا أن الأخيرة تواصل تجاهلها وتطوير أسلحتها وترسانتها في كلا المجالين في تحد لقرارات مجلس الأمن والحصار الذي يفرضه المجتمع الدولي عليها.

تحذيرات أممية

من جانبه، حذّر أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، من “التصعيد العسكري بشبه الجزيرة الكورية، معتبراً أن الحالة في شبه الجزيرة من أقدم القضايا وأكثرها خطورة أمام الأمم المتحدة.

يذكر أن أول قرار لمجلس الأمن بخصوص كوريا الشمالية كان في 1993؛ عندما طلب المجلس منها عدم الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

ومنذ يناير 2016 اعتمد مجلس الأمن قرارين للجزاءات، واجتمع 11 مرة في مشاورات طارئة، وخلال هذه الفترة أجرت (كوريا الشمالية) تجربتين نوويتين، وأكثر من 30 عملية إطلاق باستخدام تكنولوجيا القذائف التسيارية.

وبرغم من خضوعها لعقوبات دولية  بموجب 6 قرارات معتمدة من مجلس الأمن منذ 1993 ضد كوريا الشمالية، إلا إنها نفذت حتى الآن 8 عمليات إطلاق صواريخ باليستية.

وأوضح الأمين العام أن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تزال غير قادرة على الوصول إلى كوريا الشمالية للتحقُّق من وضع برنامجها النووي، حيث تواصل الوكالة رصد التطوّرات من خلال صور الأقمار الاصطناعية”.

توقعات محتملة

وبحسب مخططوا الحرب في أمريكا والمنشقين عن الجيش الكوري الشمالي، فمن المتوقع أن تبدأ بيونج يانج في إرهاب سكان كوريا الجنوبية عبر الأسلحة الكيماوية ومن ثم إطلاق الرؤوس النووية في اليابان ما يستحيل معها وصول التعزيزات الأمريكية والجنوبية ، وسط توقعات بحدوث مذبحة مخيفة مع اعتقاد الولايات المتحدة أن بيونج يانج لديها ما بين ١٠ و١٦ سلاحًا نوويًا.

يذكر، أنه خلال النزاع المسلح في شبه الجزيرة من (1950 – 1953) لقى حوالى ٢.٧ مليون كوري مصرعهم، و٣٣ ألف أمريكي، و٨٠٠ ألف صيني، ولذا فمن المحتمل أن تسعى واشنطن عن طريق حليف الشمال في بكين، للإشارة إلى أنها لا تسعى إلى حرب أوسع نطاقًا.

وبحسب المحللين، فبدلًا من التهديدات فإن الحد من التوترات يتطلب نشر المعدات العسكرية الإضافية للمنطقة بشكل هادئ، فضلًا عن استعراض العضلات الدبلوماسية الصينية خلف الكواليس، مع وضع خيار فرض العقوبات الاقتصادية على بيونج يانج مطروحًا، وذلك خشية من أن تؤدي الحرب لانهيار النظام في الصين وتوغل المشاكل إلى حدودها .

وهنا تثار التساؤلات عما إذا كانت إدارة ترامب قادرة على مواجهة كوريا الشمالية ومنعها من إكمال برنامجها النووي؟ أم أنها تستخدم فكرة ” مجنون كوريا الشمالية” كخدعة لابتزاز بيونج يانج وبث الذعر في الصين لدفعها إلى استخدام نفوذها في كبح جماح الشمالية؟ لاسيما بعد قيام بيونج يانج مؤخرًا بإطلاق صاروخ باليستي حتى وإن كانت فاشلة في تحد واضح للتحذيرات الصينية .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن