حتى في كرة القدم العالم منحاز لاسرائيل.. وهذه الأدلة على ذلك!

mini_983256

احتل خبر رفع جمهور سلتيك للعلم الفلسطيني خلال مباراة فريقهم الإسكتلندي مع نظيره الإسرائيلي هابويل بئر السبع حيزاً كبيراً من اهتمام الصحافة الأوروبية والعالمية لما تحمله تلك القضية من أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية.

وعلق الإعلام الغربي بشبه إجماع على الحادثة بتمنيه على جمهور نادي سلتيك المعروف بانتمائه الاشتراكي ودعمه لقضايا الشعوب وحقوق الإنسان  أن يلتزم بـ “عدم إقحام السياسة في الملاعب الرياضية”.

ومن هذه الزاوية نفسها، انتقد الإعلام الغربي رفض لاعب الجودو المصري إسلام الشهابي مصافحة نظيره الإسرائيلي أوري ساسون بعد انتهاء المباراة التي جمعتهما خلال الألعاب الأولمبية.

وركز الانتقاد الإعلامي الحاد للشهابي على “عدم تحليه بالروح الرياضية”  على الرغم من أنّ الاتحاد الدولي للجودو لا يلزم المتنافسين في اللعبة بمصافحة بعضهما البعض بعد انتهاء المباراة.

ومن تلك الزاوية المحايدة وبئس هذا النوع من الحياد، انتقد الإعلام الغربي منع البعثة اللبنانية لأفراد بعثة دولة الاحتلال من الصعود على الحافلة نفسها التي كانت تقل اللبنانيين.

جميع هذه التحليلات تعكس الانحياز الإعلامي المفضوح للكيان الصهيوني، وصدورها عن إعلام يدعي الموضوعية غير مستغرب على الإطلاق  فذلك الإعلام ينبع من احترافية مزعومة ليصب في صمت مريب على المجازر الإسرائيلية المتكررة بحق الفلسطينيين بدون إدانة العدو لارتكابه تلك الجرائم بحجة الوقوف “على مسافة واحدة من الجميع.

لكن، وعلى الرغم من توقعنا من الإعلام الغربي والاتحادات الرياضية حول العالم أن تنحاز إلى إسرائيل، تأتي ردود الفعل على دعم جمهور سلتيك الرمزي لتلقي الضوء على أزمة جوهرية في قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم.

ففي قوانين اللعبة يعتبر العلم الفلسطيني رمزاً سياسياً ولا ينبغي رفعه ولكنها لا تمانع أن يتم رفع العلم الإسرائيلي في اقحام فاضح للسياسة  أي أن الاتحاد الدولي لكرة القدم يمارس ذلك الخرق للقاعدة التي يبني هو نفسه عليها قوانين الرياضة.

شاهدنا خلال كأس العالم 2006 كيف الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا)لم يفرض أي عقوبة على اللاعب الغاني جون بنتسيل الذي رفع العلم الإسرائيلي بعد تسجيل منتخب بلاده للهدف الثاني في مرمى منتخب تشيكيا.

ولم ينتفض الإعلام الغربي آنذاك ليمنع إقحام السياسة في الملاعب أو ينتقد تصرف اللاعب الغاني.

لكن، كما في السياسة الدولية، فمعايير تطبيق القوانين ليست ثابتة بل يتم تطبيقها بانتقائية لمصلحة إسرائيل التي تنعم بدعم عالمي استثنائي.

فعندما كشف لاعب نادي إشبيلية الإسباني السابق المالي فريدريك كانوتيه عن قميص يتضامن من خلاله مع الفلسطينيين خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في السنة نفسها فرض اتحاد كرة القدم في إسبانيا غرامة مالية عليه.

وتكرر الأمر خلال كأس القارات عام 2009 مع لاعب مصر والأهلي السابق محمد أبو تريكة الذي تم إنذاره من قبل الفيفا عندما كشف عن قميص يرتديه تحت قميص منتخب مصر يحمل عبارة “تعاطفا مع غزة” إبان اعتداء الإسرائيلي على غزة في ذلك العام.

لا يمكن منطقياً تجريد لاعبي كرة القدم وجمهورها من الحس الإنساني وفصلهم عن الواقع السياسي والإنساني  حتى ولو شعروا أحياناً بسبب المبالغ الخيالية التي يتقاضونها بأنهم من “كوكب آخر”، وهم، كما الصحفيون الحياديون، سيكونوا صامتين عن قول الحق إن لم يعبروا عن مواقف مشرّفة.

السياسة تدخل في كل شيء.

لقاءات “الكلاسيكو” الإسباني مشحونة عصبيا وهي تجمع النادي الملكي وفخر إسبانيا ريال مدريد مع برشلونة نادي إقليم كاتلونيا الذي يطلب أبناؤه الاستقلال. الحال نفسه نجده في لقاءات ريال مدريد وأتليتيك بلباو نادي مقاطعة الباسك المطالبة بالاستقلال. وقد واجه الجمهور المطالب بالاستقلال أيضاً عدة عقوبات في السنوات الماضية.

لقاء إيران والولايات المتحدة في كأس العالم 1998 ولقائي الكوريتين الشمالية والجنوبية في تصفيات كأس العالم 2014 ولقاء انكلترا وويلز في يورو 2016 مؤخراً وغيرها من المباريات جميعها مشحون بالعواطف السياسية لأن الرياضيون يمثلون دولا وشعوبا صاحبة مصالح متضاربة وصراعات تاريخية فيما بينها.

لكن ردة فعل جمهور سلتيك تعطينا أملاً بعدم عزل جمهور الرياضة الأكثر شعبية عن أهمّ الأحداث التي تحصل من حوله وعدم إبعاد الجمهور الشغوف عن الاستماع لضميره والتعبير عن نفسه بعيداً عن الحيادية التي باتت عبارة يستخدمها الصامت عن جرائم القوي في العالم.

فرابطة جمهور سلتيك الرائعة وعدت النادي بأن تغطي أي عقوبة مالية يفرضها الاتحاد الدولي لكرة القدم عليه وتقدم المبلغ نفسه للجمعيات الداعمة للقضية الفلسطينية.

رائع أن نجد تضامناً كهذا مع القضية الفلسطينية، والأروع أن يمضي المتضامن مع الحق إلى الأمام، دون أن يخشى أي من التأويلات والعقوبات، لمعرفته بأنّ النفاق السياسي الذي يجتاح العالم لم يرحم الساحة الرياضية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن