حزب الله لن يسعى إلى مواجهة مع إسرائيل.. لماذا؟

حزب الله لن يسعى إلى مواجهة مع إسرائيل.. لماذا؟
حزب الله لن يسعى إلى مواجهة مع إسرائيل.. لماذا؟

في الوقت الذي يرزح فيه لبنان تحت وطأة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حدث تبادل قصف صاروخي ومدفعي في 6 أغسطس/آب بين “حزب الله” وإسرائيل هدد بإشعال حرب أخرى بعد 15 عاما تقريبا من انتهاء حرب 2006.

وجاءت الضربات الإسرائيلية (الجوية والمدفعية) ضد لبنان، ردا على هجمات صاروخية مجهولة من لبنان تجاه إسرائيل، ورد “حزب الله” بقصف مناطق فارغة في مزارع شبعا.

رسالة تحذيرية

وحدث تبادل إطلاق الصواريخ في خضم توترات متزايدة تشهدها منطقة الخليج بعد هجمات غامضة على السفن التي تمتلكها أو تديرها إيران وإسرائيل خلال السنوات القليلة الماضية، وقد أسفرت أحدث هذه الهجمات عن مقتل اثنين من البحارة في 29 يوليو/تموز.

ويبدو أن “حزب الله” أراد إرسال رسالة من خلال تبادل إطلاق الصواريخ مفادها أنه لن يقف مكتوف الأيدي إذا تحولت التوترات في الخليج إلى صراع، حيث يعد “حزب الله” ركيزة استراتيجية أساسية فيما يسمى محور المقاومة والممانعة في الشرق الأوسط.

لكن الحزب يواجه ضغوطا كثيرة تمنعه من التصعيد ضد إسرائيل.

ويبدو أن الحزب اختار (بالتنسيق مع إيران) أن يرسل رسالة تحذير فقط، فقد أعلن الأمين العام للحزب “حسن نصرالله”، في خطاب في 7 أغسطس/آب أن الصواريخ تم توجيهها إلى مناطق مفتوحة في مزارع شبعا، فيما يشير لرغبة الحزب في التحكم في التصعيد.

وعلى عكس سلوكها الإجرامي المعتاد خلال العمليات العسكرية، فقد أظهرت إسرائيل ضبطا للنفس خلال تبادل الإطلاق الصاروخي. وبالرغم من استخدامها المدفعية الثقيلة والهجمات الجوية إلا إنها تجنبت الإصابات.

وفي المجمل، أراد كلا الطرفين فقط الحفاظ على صورتهما العامة دون الانجرار إلى صراع أوسع؛ لكن لا يستطيع كلاهما ضمان عدم توسع التوترات في المستقبل إلى صراع يؤدي إلى حريق على مستوى المنطقة.

موانع توسيع الصراع

لدى “حزب الله” مخاوف محلية وإقليمية تجعل الدخول في حرب مع إسرائيل خيارا خطيرًا للغاية وربما انتحاريًا له وللبنان، بالنظر إلى الوضع الكارثي الحالي للبلاد حاليًا.

ولا يوجد لدى لبنان حاليًا موارد كافية لتحمل تكلفة الحرب، خاصة أن القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين قالوا إنهم لن يميزوا في الحرب المقبلة بين “حزب الله” والدولة اللبنانية.

وفي أعقاب آخر تبادل لإطلاق الصواريخ، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي “نفتالي بينيت” أن مسؤولية السيطرة على الأنشطة العسكرية على أراضي لبنان تقع على كاهل الحكومة اللبنانية.

وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي “بيني جانتس” حزب الله والجيش اللبناني من “اختبار إسرائيل”. ويدرك “حزب الله” جيدا أن إسرائيل ليس لديها رادع يمنعها من فرض تكلفة باهظة على لبنان ككل، عبر شن اعتداءات عسكرية لن تختلف كثيرًا عن هجومها على قطاع غزة في مايو/أيار من هذا العام.

وبالتالي، ليس من المستغرب أن يقوم القرويون في بلدة شويا، الواقعة بالقرب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية، باعتراض شاحنة لـ”حزب الله” تحمل قاذفة صاروخية استخدمت في الهجوم على مزارع شبعا، حيث خشي القرويون من أن تنتقم إسرائيل من منازلهم وممتلكاتهم. ورفض هؤلاء القرويون تحرير السيارة أو مشغليها حتى وصل الجيش اللبناني، وصادر القاذفة، واعتقل المقاتلين (بعد ساعات، أفرج الجيش عن الطاقم وأعاد قاذفة الصواريخ إلى “حزب الله”.)

ولا يضع “حزب الله” في اعتباره فقط مخاوف اللبنانيين المتعلقة بالانتقام الإسرائيلي، وكذلك الظروف الحالية القاسية التي يواجهها لبنان، وإنما يجد نفسه أمام عدد من التحديات التي تمنعه من التورط في مواجهات مفتوحة مع إسرائيل.

أولا، يبدو أن هناك تآكلا للدعم العام الذي حصل عليه الحزب على مر السنين بسبب تحالفه مع الرئيس “ميشيل عون” الذي كان العقبة الرئيسية في تشكيل حكومة لبنانية جديدة يمكنها وقف انزلاق البلاد نحو الهاوية.

ويتساءل كثيرون لماذا لا يضغط “حزب الله” – الممثل السياسي الأقوى في البلاد – على حليفه الرئيس، لتسهيل هذه المهمة، في وقت يبدو فيه أن “نجيب ميقاتي”، ثالث رئيس وزراء معيّن، غير قادر على التغلب على شروط “عون” بالرغم من المطالب المحلية والدولية الواسعة بحكومة جديدة.

وثانيا، هناك البنية الطائفية المعقدة التي تحد من التعاون السياسي بين قادة الطوائف، ما يؤثر على مستوى الدعم الذي يحصل عليه “حزب الله” من عامة السكان، في وقت لم يعد ينظر إليه فيه كقوة وطنية مخصصة للدفاع عن لبنان ضد العدوان الإسرائيلي؛ وإنما ينظر إليه على أنه فصيل شيعي قوي عازم على توسيع نفوذ طائفته في النظام السياسي وتأمين السلع والخدمات لمنتسبيه.

وثالثا، فإن سلوك “حزب الله” مقيد باتفاقية وقف إطلاق النار في عام 2006 وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1701، الذي عزز وجود قوات الأمم المتحدة على الحدود مع إسرائيل.

حساسية المفاوضات النووية

كما تمنع اعتبارات “حزب الله” الإقليمية أيضا تورطه في مغامرة عسكرية مع إسرائيل. وباعتباره شريكًا استراتيجيًا في السياسة الخارجية الإيرانية، يدرك الحزب حساسية مفاوضات طهران مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني.

ومع تولي الرئيس الإيراني الجديد “إبراهيم رئيسي”، مسؤولية المفاوضات الحساسة والمعقدة، فلن يكون من مصلحة “حزب الله” أو إسرائيل اختبار بعضهما أو التورط في صراع.

وأوردت تقارير أن الولايات المتحدة حذرت إسرائيل من تصعيد الوضع مع “حزب الله” من أجل إعطاء محادثات فيينا فرصة للنجاح.

الخلاصة أن وضع لبنان البائس يجتمع مع الخوف من عرقلة المحادثات النووية ليكون مزيجًا يمنع “حزب الله” من السعي لمواجهة عسكرية مع إسرائيل.

لكن في الوقت ذاته، تظل هناك احتمالية بأن يبالغ “حزب الله” أو إسرائيل في الرد على حادث آخر مثل تبادل الصواريخ الأسبوع الماضي، وإذا تم عبور هذا العتبة، فسيكون لبنان هو الضحية الأكثر هشاشة في الحرب التي من المرجح أن تشمل أجزاء أخرى من المنطقة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن