حكومة الاحتلال تُمعِنُ في تحدي الإرادة الدولية وتصادق على مخطط (الحديقة القومية) الاستيطاني في القدس المحتلة

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالمصادقة على مخطط “الحديقة القومية” في قلب مدينة القدس الشرقية المحتلة، والذي من شأنه مصادرة ٧38 دونماً من أراضي المواطنين الفلسطينيين في بلدتي الطور والعيسوية. وفي الوقت الذي يؤكد فيه المركز على الوضع القانوني لمدينة القدس الشرقية كمدينة واقعة تحت الاحتلال، فإنه يؤكد أيضاً على أن هذا المخطط يندرج في إطار خطط حكومة الاحتلال الإسرائيلي في تهويد المدينة المحتلة بشكل نهائي. ويدعو المركز المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف تنفيذ هذا المخطط الخطير، ووقف كافة النشاطات الاستيطانية في مدينة القدس المحتلة.

ففي يوم الخميس الماضي، الموافق 14/11/2013، صادقت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء الإسرائيلية، وبعد جلسة طويلة دامت قرابة تسع ساعات، على مخطط “الحديقة القومية” المنوي إقامتها على جزء من أراضي بلدتي الطور والعيسوية، شرقي مدينة القدس المحتلة. واستناداً للمعلومات التي توفرت للمركز فإن هذا المخطط سيعمل على مصادرة ٧38 دونما من أراضي المواطنين الفلسطينيين في البلدتين المذكورتين، ويحرم بالتالي سكان البلدتين من الامتداد العمراني باتجاه هذه الأراضي. وكان الائتلاف الأهلي (القدس) وبالتعاون مع مركز عدالة والمركز العربي للتخطيط البديل قد قدموا اعتراضاً على المخطط المذكور، باسم لجنة تطوير حي العيسوية، أمام اللجنة اللوائيه للتخطيط والبناء الإسرائيلية في القدس، بالإضافة إلى عدد من المؤسسات الحقوقية والقانونية المحلية والدولية الأخرى التي اعترضت على المخطط.

وذكر الائتلاف الأهلي أن اللجنة المحلية للتخطيط والبناء أودعت بتاريخ 18/11/2012 المخطط رقم 11092 للاعتراض على إقامة “حديقة قومية”، حيث يمتد المخطط الرسمي للحديقة على مساحة تقدر بحوالي 738 دونما مصادرة من أراضي بلدتي العيسوية والطور. أنشئ المخطط الأولي في العام 2005، واقترح إقامة الحديقة على أراض بمساحة 738 دونما تمتد من القسم الجنوبي من بلدة العيسوية حتى القسم الشمالي لبلدة الطور، ولكن في العام 2009 تم إلغاء هذا المخطط وتمت صياغة المخطط 11092. وفي شهر تموز (يوليو) من العام 2009، وبمبادرة مشتركة بين بلدية الاحتلال في القدس وسلطة تطوير القدس ودائرة الحدائق الطبيعية والقومية الإسرائيلية، تم الانتهاء من مخطط “الحديقة القومية” الذي قدم للجنة التخطيط. في النسخة النهائية من المخطط تم الإقرار بأن الأراضي المملوكة للجامعة العبرية لن تستخدم لهدف “الحديقة القومية”، مما يعني أن مزيداً من الأراضي المملوكة للفلسطينيين ستكون عرضة للمصادرة لتنفيذ المخطط. وفي تاريخ 5/4/2011، صادقت اللجنة المحلية للتنظيم والبناء على المشروع.

وأشار الائتلاف الأهلي إن الهدف من تنفيذ المخطط 11092 هو أن يعرف المنحدر الشرقي من “التلة الفرنسية”، “كحديقة قومية” بناء على قانون 1988 للحدائق والاحتياطات والمحفوظات والتذكارات القومية، ووفقاً للمخطط الهيكلي 2030 يهدف المخطط 11092 لربط هذه الحديقة “بالحوض المقدس”. تعتبر “الحديقة القومية” وكما أعلنت مؤسسات التخطيط الإسرائيلية، ذات أهمية خاصة للسلطات الإسرائيلية لأنها تمثل البوابة الشرقية للقدس، ووفقاً للمخطط يجب أن يظهر الموقع كمنطقة مفتوحة وذلك لأهميته الأثرية والإستراتيجية، إضافة إلى الحاجة للحفاظ على الطبيعة. من ناحية أخرى تجادل سلطات الاحتلال بأن المنطقة التي ستقام عليها “الحديقة القومية”، تشكل جزءاً أساسيا من “الموروث الحضاري الإسرائيلي”. وتدعي بأن إقامة الحديقة “يمثل طريقة للحفاظ على الأهمية الدينية والثقافية للموقع”؛ بالإضافة إلى ذلك يمثل الموقع ككل منطقة أثرية، وأن أعمال البناء بحاجة إلى تنسيق مع سلطة الآثار التي تعمل وفقاً لقانون سلطة الآثار الإسرائيلية.

ووفقاً للمخطط لقد تم تغيير الحالة القانونية للأرض، من أراضي بناء للمصلحة العامة إلى “حدائق قومية”، وبالتالي يمنع البناء، أو التخطيط للمصلحة العامة من أجل إفساح الطريق “للحديقة القومية”. علاوة على ذلك تهدف الحديقة إلى ربط الجامعة العبرية في الغرب بالشارع الرئيسي لمستوطنة “معاليه أدوميم” في الشرق، وبلدة الطور في الجنوب إلى العيسوية شمالاً، من ناحية أخرى سيتم إنشاء مشاريع سياحية مستقبلية في المنطقة ضمن المخطط.

يعتبر مخطط “الحديقة القومية” جزءً استراتيجياً من حلقات تطبيق المخطط الهيكلي، حيث أن إقامة الحديقة تعمل على تطويق الأحياء الفلسطينية، وفي ذات السياق لا تعمل سلطات الاحتلال على وضع مخططات تلبي الحاجة الفلسطينية المتزايدة للسكن في هذه الأحياء. وبالتالي فإن إقامة تلك الحديقة سيعمق من أزمة السكن للفلسطينيين في شرقي القدس التي تعاني من نقص يقدر بحوالي 46000 وحدة سكنية. إن ما تعمل عليه سلطات الاحتلال من زيادة النقص في الوحدات السكنية للفلسطينيين في القدس والرفض الروتيني لمنح تراخيص البناء، يخلق مشاكل اجتماعية واقتصادية ونفسية في المجتمعات المتضررة. ففي العام 2010 قامت سلطات الاحتلال بهدم 15 منشأة في قرية العيسوية.

واستناداً لورقة موقف أعدها مركز القدس للمساعدة القانونيّة وحقوق الإنسان حول هذا المخطط، فإن مخطط إنشاء حديقة قوميّة على أراضي العيسويّة والطور، تهدف إلى تقييد الأحياء الفلسطينيّة في القدس المحتلة بتجمعّات استيطانيّة غير شرعيّة، ساعية إلى فرض حقائق جديدة على أرض الواقع، لتغيير الوضع الديمغرافي لمدينة القدس المحتلة، وتقليص المساحات التي من الممكن أن تُستخدم للتوسع العمراني في المدينة. وأشار إلى “إن المصادقة على هذا المخطط سوف تؤدي إلى تثبيت مصادرة 738 دونماً من أراضي بلدتي العيسويّة والطور، اللتين واجهتا موجات مختلفة من المصادرات منذ 1967 لما يزيد على 12 ألف دونم، بما في ذلك أجزاء من مستوطنة “معاليه أدوميم”، والجامعة العبرية ومستشفى هداسا، وأراضي كل من المعسكرين في جبل المشارف وغربي بلدة العيسوية، ومساحات من الأراضي من الجهة الشرقيّة التي فصلت عن القدس بسبب إقامة جدار الضم (الفاصل). وذكر المركز أن هذا المخطط ينسجم مع مخطط استيطاني أكبر، لتنفيذ تواصل جغرافي بين القدس المحتلة وكل من مستوطنة “معاليه أدوميم” ومستوطنات شمال شرقي القدس، باعتبار أنّ المنطقة هي بوّابة القدس في منطقة مشروع (E1) الاستيطاني. وتشير الورقة أيضاً إلى أن هذا المخطط سيعمل على ربط مستوطنات شمال شرقي القدس “عناتوت” و”جيفع بن” و”يمين ادم” و”بساغوت” و”كوخاف يعقوب” وغيرها بشكل مباشر مع القدس ضمن مخطط يراد من خلاله الحفاظ على هذه الكتل الاستيطانية تحت السيطرة الإسرائيلية، والتمهيد لذلك عبر إنشاء شبكة طرق آمنة للمستوطنين وحدهم، وأخرى للفلسطينيين بحيث لا يلتقي الجانبان عليها.

في الوقت الذي يجدد فيه المركز إدانته الشديدة للمصادقة على هذا المخطط الاستيطاني الجديد، ولكافة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وبخاصة في مدينة القدس الشرقية، فإنه:

1- يطالب المجتمع الدولي بالتدخل من أجل إجبار إسرائيل على وقف كافة أنشطتها الاستيطانية في الأرض – المحتلة، وبخاصة في مدينة القدس الشرقية.

2- يؤكد على أن القدس الشرقية هي مدينة محتلة، ولا تغير كافة الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال في أعقاب احتلال المدينة في عام 1967 من وضعها القانوني كمنطقة محتلة.

3- يؤكد على أن كافة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة تعتبر جريمة حرب وفقاً للقانون الإنساني الدولي.

4- يطالب بتطبيق الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 8 يوليو 2004 والذي يعتبر جدار الضم الذي تقوم إسرائيل ببنائه في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، غير قانوني ويدعو إلى إزالة الأجزاء التي تم بناؤها منه.

5- يطالب الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بالوفاء بالتزامها بموجب المادة الأولى المشتركة في اتفاقيات جنيف بضمان احترام الاتفاقية في كافة الظروف. ويرى المركز بأن مؤامرة الصمت التي يمارسها المجتمع الدولي تشجع إسرائيل على اقتراف المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن