حماس إلى أين بعد وثيقتها الجديدة ؟

قادة حماس

محللون: الغرب لن يقبل بحماس رغم مرونتها دون تلبية شرط الاعتراف بإسرائيل

د. أبو سعدة: ضغوط الرئيس عباس على حماس سببها الوثيقة الجديدة

أجمع محللون سياسيون على أن المجتمع الدولي لن يقبل بحركة حماس رغم المرونة التي أبدتها في وثيقتها الجديدة، لأنها لا تلبي الشروط التي لبتها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988، وكذلك شروط الرباعية الدولية عام 2006، لكنها ستسمح لها بالمناورة في تحسين علاقاتها مع بعض الدول العربية، وتوطيد علاقاتها مع بعض الدول الأوروبية.

يشار، إلى أن وثيقة حركة حماس التي نشرتها قناة الميادين قبل شهر، والتي ستعلن عنها مساء الإثنين (1/5)، بشكل رسمي، لم تأت على ذكر جماعة الإخوان المسلمين، وقبولها بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 67 دون الاعتراف بإسرائيل والتنازل عن فلسطين التاريخية.

عوكل: وثيقة حماس نسخة من موقف الشعبية عام 79

ورأى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن حركة حماس كررت ما حدث مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1979، موضحاً أنه بعد ما أقرت المنظمة البرنامج المرحلي لها لا يسمح بالاعتراف بإسرائيل وعدم التنازل عن الأراضي المحتلة عام 48.

وقال:” إن حركة حماس بوثيقتها تفيد بأنها بدأت من حيث بدأت المنظمة قبل 43 عاماً في العام 1974، لكن حتى قُبلت المنظمة في ذلك الوقت كان هناك ثلاثة شروط أمريكية لابد من تلبيتها وهو ما تم، والشروط الثلاثة هي، التخلي عن الإرهاب وإدانته (المقاومة)، والاعتراف بحق “إسرائيل” في الوجود وليس في دولة “إسرائيل”،  لافتاً إلى أن الرئيس الراحل أبو عمار عندما أعلن في مؤتمر صحفي اعتراف المنظمة بإسرائيل، رفضوا الأمريكان الصيغة وطالبوه الإعلان بصيغة “اعتراف بحق إسرائيل في الوجود” وهو ما دفع أبو عمار إلى إعلانها في مؤتمر صحفي آخر. والشرط الثالث هو التخلي عن الميثاق الوطني الفلسطيني.

وأضاف، أنه حتى تكون حركة حماس مقبولة دولياً وعربياً أن تبلي نفس الشروط الثلاثة التي لبتها منظمة التحرير عام 1988، بعد عقد المجلس الوطني الثامن عشر.

ولفت إلى أن المجتمع الدولي الفاعل في موضوع التسوية قبل بالتعامل مع المنظمة بعد خمس سنوات من تلبية الشروط الثلاثة عام 1993، عندما حدثت اتفاقية أوسلو.

واستدرك، أن وثيقة حماس الجديدة ستجعلها أكثر مرونة في التعامل مع الأمر، لكن المجتمع الدولي والعربي، لا يمكن أن يفاضل بين حماس والمنظمة، لأن حماس بوثيقتها الجديدة تكون واقفة على حدود المنظمة قبل 40 عاماً. وتساءل ما الداعي للمجتمع الدولي أن يتعامل مع جهة غير منظمة التحرير التي لبت الشروط المطلوبة منها.

وأوضح أن حماس بعد الإعلان عن وثيقتها سيساعدها في تحريك علاقتها مع العرب، خاصة مصر بعد أزمة الإخوان المسلمين، خاصة أنها في الوثيقة قطعت علاقاتها نسبياً مع جماعة الإخوان المسلمين ولم تأت على ذكرهم، إضافة إلى أن هذه الوثيقة تسمح لحماس بأن تندمج في النظام السياسي الفلسطيني، ويجعلها مثل الجبهة الشعبية في منظمة التحرير، توافق على البرنامج المرحلي ولكن لا تقبل بأوسلو وترفض الاعتراف بإسرائيل وتريد كل فلسطين وهي جزء من المنظمة، ومن ثم تكون معارضة رسمية من داخل المنظمة.

الوثيقة سبب إجراءات أبو مازن ضد حماس وغزة

في نفس السياق، اعتبر الدكتور مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، أن وثيقة حماس المسربة يوجد فيها فرق عن ميثاق حماس السابق، لافتاً إلى أن هناك ثلاث نقاط جوهرية في هذه الوثيقة، وهي قبول حماس بدولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس، أي برنامج منظمة التحرير منذ الاستقلال 15/11/1988، ولكن دون الاعتراف بإسرائيل على ما تبقى من فلسطين التاريخية، وهذا يختلف مع ميثاق حماس السابق 1988، كل أرض فلسطين الانتدابية هي أرض وقف إسلامي لا يجوز التنازل عن شبر واحد منها وسيتم إقامة دولة إسلامية على كل أرض فلسطين التاريخية.

النقطة الثانية هي أن حماس أعلنت العداء على اليهود بشكل عام، وهذا ما جعل حماس تتهم بمعاداتها للسامية لان عدائها مع اليهود، وان الصراع صراع ديني، ولكن في هذه الوثيقة تؤكد أن الصراع سياسي. وجاء في الوثيقة أن الصراع ليس مع اليهود وانما مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يحتل فلسطين، وبالتالي حماس ليس لديها مشكلة مع يهود أمريكا وروسيا والعالم مالم يكونوا جزء من الاحتلال.

والنقطة الثالثة، تهدئة بعض الدول العربية، حيث أن حماس أشارت إلى أنها هي حركة تحرر وطني فلسطينية ذات صبغة إسلامية، بمعنى أنها ليس لديها امتدادات إقليمية أي انها ليست جزء من تنظيم الاخوان العالمي، وهدفها هو إنهاء الاحتلال بدون امتدادات إقليمية ودولية، وهذا النص جاء من أجل تحسين العلاقة مع مصر التي صنفت الاخوان على أنها تنظيم إرهابي، ودول عربية أخرى لا يحظى تنظيم الإخوان بعلاقة جيدة مع الأنظمة كالإمارات وسوريا ومصر.

وبالنسبة للمجتمع الدولي… ليس سراً أن لحركة حماس علاقات مع بعض الدول العربية والدولية، فكان لها علاقات جيدة جدا مع إيران وسوريا سابقا، والآن لها علاقات مع تركيا وقطر، ولها تواصل مع سويسرا والنرويج وروسيا وليست مصنفة على قائمة الإرهاب لهذه الدول الأجنبية بخلاف أوروبا وأمريكا.

وهذه الوثيقة الجديدة ستعزز من علاقات حماس مع هذه الدول، وقد تفتح أمام حماس آفاق جديدة مع دول عربية وأخرى في المجتمع الدولي.

ورأى أن هذه الوثيقة، ليست كافية لفتح علاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي مع حركة حماس. لأن حماس لا مصرة على عدم الاعتراف بإسرائيل رغم قبولها بدولة على 67، معرباً عن اعتقاده أن أمريكا وأوروبا لن يتراجعوا عن سياستهم السابقة أو يشطب حماس من قوائم الإرهاب لأن بالنسبة لامريكا وأوروبا على الرغم من النقلة النوعية، لن يعتبروا أن هذا كافٍ.

وذكرَّ، سابقاً لما الرئيس أبو عمار عندما حاول مرارا وتكراراً يفتح خط مع الامريكان لم يقبلوا بفتح قناة اتصال مع الرئيس عرفات إلا بعد قبوله بقرارات مجلس الأمن الدولي 242-338. (242 يتكلم عن حق كل دولة في المنطقة بالعيش بسلام بما فيها إسرائيل).

لذلك بقيت المنظمة لا تربطها علاقات مع أمريكا وأوروبا بسبب عدم اعترافها بإسرائيل. بالإضافة إلى وجود قرارات الرباعية الدولية وضعت شروط في العام 2006. وهي “الاعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب والاعتراف بالاتفاقيات السابقة”، وحماس لا تلبي هذه الشرط. لذلك لن يتراجعوا عن شروط الرباعية وأن يقدموا على فتح قناة اتصال مع حماس بدون تلبية تلك الشروط.

من جهة أخرى، عزا الدكتور أبو سعدة، الإجراءات التي قام بها رئيس السلطة وحركة فتح محمود عباس ضد حركة حماس في قطاع غزة، بعد التسريبات عن هذه الوثيقة من قناة الميادين، وتصريحات قادة حماس بأن هناك وثيقة سياسية جديدة للحركة.

وقال:” إن حركة فتح التي تقود السلطة تتخوف من أن المرونة التي تبديها حركة حماس في هذه الوثيقة السياسية هي من أجل تشجيع المجتمع الدولي للتعامل معها بصفتها كممثل للفلسطينيين، وتعتبر توقيته محاولة للالتفاف على منظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب.

وأضاف، أن الأصل حركة فتح تشجع هذه الخطوة لأن حماس اقتربت إلى حد ما من برنامج الحد الأدنى للاستقلال عام 1988، ولكن يبدو أن فتح تخشى من حماس بأن تسوق نفسها كممثلة للشعب الفلسطيني وأنه لا يوجد ما يمنع من تواصلها مع المجتمع الدولي.

الرد الغربي على وثيقة حماس سيكون متفاوتاً

من جانبه رأى عمر شعبان – مدير مركز بال ثنك للدراسات، أن الرد الغربي على وثيقة حماس لن يكون واحداً، متوقعاً أن تكون الردود متفاوتة، وأن البعض سيرفضها رفضاً قاطعاً ليتقاطع مع الموقف “الإسرائيلي”، والبعض الآخر سينظر إليها على بإيجابية على أنها تطور مع انتظار تطبيق الأقوال إلى أفعال. وأضاف شعبان، أن هناك بعض الدول المتقدمة في مواقفها أصلاً مع حركة حماس والقضية الفلسطينية كسويسرا وبلجيكا .. وهؤلاء سيرحبون بالوثيقة لكنهم سيطالبون بمزيد من التنازلات من حماس. ولفت إلى أن المجتمع الغربي يعتمد سياسة قائمة على الطمع، وكلما قدمت تنازلاً يطالبوك بالمزيد.

وقال:” من وجهة نظري وحسب معرفتي، يجب أن لا تتوقع حماس ردود فعل فورية من المجتمع الدولي، لأن المجتمع الدولي سيربطها بالأفعال وسيرحب بها على المستوى النظري.

وأضاف، أنه على صعيد الموقف العربي أيضاً، ستنظر بالترحيب ولكن ستتحفظ على تطوير العلاقات، لأن توقيت الإعلان عن الوثيقة قد لا يكون مناسباً في ظل انشغال العالم العربي في صراعاته وفوز رونالد ترامب في الرئاسة الأمريكية، ومحاولة العرب الالتحاق بالموقف الأمريكي، معرباً عن اعتقاده أن التوقيت غير ملائم لإعطاء ردود فعل إيجابية كبيرة.

وبشأن الموقف الأمريكي من الوثيقة، أوضح أن هناك نقاشاً داخل أمريكا حول الإخوان المسلمين، هل يعلنوا أنها حركة إرهابية أم لا، وأن هناك من يدفع باتجاه إعلانها ارهابية، والبعض الآخر يرفض، معتقداً أن أمريكا لن تتبنى هذا القرار لما له من تداعيات بعد ذلك.

ولخص موقف الإدارة الأمريكية من حركة حماس بعد الوثيقة، بأنه سيكون مرحباً وسيعزز من موقف المعتدلين داخل الإدارة الأمريكية التي تمارس حواراً مع حركات الإسلام السياسي، لكن المسألة ستأخذ وقتاً.

وقال، أوضحنا لحركة حماس أنه يجب أن يكون لديهم خطاب موحد ويدركوا أن العالم تقرأ كل شيء، مشيراً إلى أن تصريحات نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية التي قال فيها إن الوثيقة الجديدة لا تخدش الاستراتيجيات والأهداف والعودة، أي أنها لا تحمل تغييراً، متسائلاً طالما أنها لا تحمل تغييرا فماذا تريدون.

فلسطين اليوم

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن