ستراتفور: الخلاف حول أوكرانيا يهدد بصدام روسي إسرائيلي على الأراضي السورية

ستراتفور: الخلاف حول أوكرانيا يهدد بصدام روسي إسرائيلي على الأراضي السورية

يمكن أن يؤدي الضغط الروسي على إسرائيل لتقليل دعمها لأوكرانيا وتخفيف الضربات الجوية ضد الأهداف الإيرانية في سوريا إلى أزمة دبلوماسية أو تصعيد عسكري عرضي بين البلدين لا سيما في سوريا.

وفي 5 يوليو/تموز، طالبت وزارة الخارجية الروسية إسرائيل بوقف هجماتها ضد الأهداف الإيرانية في سوريا بعد أن ضربت الطائرات الحربية الإسرائيلية موقعًا إيرانيًا قريب نسبيًا من القاعدة البحرية الروسية في طرطوس.

وفي اليوم نفسه، وجهت إسرائيل لوما شديدا لموسكو بسبب قرارها المتعلق بإغلاق الوكالة اليهودية في روسيا، التي تساعد على الهجرة اليهودية وزيارات اليهود إلى إسرائيل.

وكانت روسيا انتقدت أيضًا غارة جوية إسرائيلية على مطار دمشق أغلقت المطار لعدة أيام خلال شهر يونيو/حزيران.

ولا تزال العلاقات الروسية الإسرائيلية ترتكز على رغبة قوية متبادلة لتجنب الصراع، مما يقلل احتمالية سعي أي من الطرفين إلى مواجهة في سوريا.

وليس لروسيا مصلحة في حملة إيران الإقليمية المناهضة لإسرائيل، لذلك تجاهلت موسكو في السابق النشاط الجوي الإسرائيلي فوق سوريا خاصةً عندما لا تؤثر أهداف تلك الضربات على الحرب في سوريا.

من جانبها، لم تعترض إسرائيل أيضًا على موقف روسيا في سوريا وتحالفها مع نظام الأسد الذي لا يستهدف إسرائيل أو يؤثر عليها، وأدى هذا الحياد المشترك تجاه تصرفات بعضهما البعض في سوريا إلى تجنب الاحتكاك داخل سوريا.

وبالرغم من التصعيد الأخير في التوترات حول أوكرانيا، لا تزال روسيا وإسرائيل تتمتعان بروابط ثقافية واجتماعية واقتصادية عميقة. ولا تزال هذه العلاقات على حالها، حيث لم تنضم إسرائيل إلى حملة العقوبات الغربية ضد روسيا ولا تزال تستضيف بعض النخبة الأوليجارشية الروسية.

سوريا.. ساحة خلاف متوقعة

ومع ذلك، فإن اعتماد روسيا المتزايد على إيران لتأمين مكاسب استراتيجية في سوريا سيدفعها لتحجيم الضربات الجوية الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية. وحاليا، تحمل تلك الضربات خطرًا أكبر بالنسبة للنظام السوري، حيث تستمر الحرب في أوكرانيا بإضعاف قدرة موسكو على حماية قوات الأسد.

وبالنسبة لروسيا، فإن استمرار السماح لإسرائيل بشن مثل هذه الهجمات يهدد أيضًا بتعريض علاقتها مع طهران التي تعد أحد الحلفاء الرئيسيين لموسكو ضد حملة العزلة الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة وأوروبا.

ومن المرجح أن يدفع هذا الاعتماد الروسي على دور طهران في سوريا إلى محاولة تحجيم الضربات الجوية الإسرائيلية. وقد تحاول موسكو إقناع إسرائيل بعدم ضرب أهداف أو مناطق معينة، مثل محافظة اللاذقية الحساسة ومطار دمشق، فضلاً عن مواقع استراتيجية أخرى مرتبطة إما بالاقتصاد السوري أو بموقع مهم بشكل خاص لإيران.

وقد تهدد روسيا أيضًا بمنح القوات السورية الضوء الأخضر لاستخدام الأسلحة الروسية؛ مثل منظومة الدفاع الجوي “إس300” لاستهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية بشكل متكرر. كما قد تهدد باستخدام منظومة “إس400” إذا استهدفت إسرائيل مواقع تعتبرها روسيا حساسة بشكل خاص.

ومع ذلك، من غير المرجح أن تتابع روسيا مثل هذا التهديد، فعلى عكس “إس300” في سوريا، يتم تشغيل “إس400” مباشرة من قبل الجيش الروسي. ومن المؤكد أن استخدام هذا النظام مباشرة ضد الطائرات الحربية الإسرائيلية سيؤدي إلى أزمة عسكرية مباشرة بين روسيا وإسرائيل، وربما الولايات المتحدة.

ماذا عن أوكرانيا؟

وتزيد العلاقات الدافئة بين إسرائيل وأوكرانيا من احتمال استمرار روسيا في تخفيض علاقاتها الدبلوماسية والثقافية مع إسرائيل.

وحاليا، يتواجد أكثر من 150 ألف يهودي في روسيا، فيما تشير التقديرات إلى أن إسرائيل تضم 900 ألف يهودي من أصل روسي. ويمنح هذا الارتباط الثقافي والاجتماعي العميق تل أبيب حافزًا سياسيًا قويًا للحفاظ على العلاقات مع موسكو، كما يتضح من مقاومة إسرائيل لفرض العقوبات المتعلقة بأوكرانيا.

لكن ذلك يمنح موسكو أيضًا بعض النفوذ لمحاولة الحد من علاقات إسرائيل مع أوكرانيا، حيث يمكن لروسيا التهديد بحظر السفر ومنع الاتصالات وتعطيل الهجرة والسفر إلى إسرائيل، وقد يصل الأمر إلى اعتقال يهود بارزين في روسيا.

وتعد روسيا أيضًا مصدرًا بارزًا للسياحة بالنسبة لإسرائيل، حيث شكل السياح الروس حوالي 10% من إجمالي السياح في عام 2021، وجاءوا في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.

ولا يزال التصعيد العرضي ممكنًا مع محاولات روسيا إعادة صياغة هذه العلاقة؛ مما قد يؤدي إلى قطع كامل للعلاقات الدبلوماسية أو مواجهة عسكرية في سوريا.

وقد لا تتجاوب إسرائيل مع المطالب الروسية بتقليل الضربات الجوية، خاصة إذا انهارت المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران وحفزت تصعيدًا عسكريًا إقليميًا. وعندها ستضطر روسيا إما إلى المخاطرة بمصداقيتها كحامية للنظام السوري أو الانخراط في مواجهة عسكرية محتملة مع إسرائيل.

وحتى استخدام صواريخ “إس -300” من قبل سوريا، قد يشعل مواجهة إذا دمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية بطارية “إس -300” وتسببت في خسائر روسية.

وإذا بالغت روسيا في استخدام نفوذها الاجتماعي والاقتصادي لإبعاد إسرائيل عن أوكرانيا، فقد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية من خلال جعل إسرائيل تتماشى أكثر مع أوكرانيا وتساهم في حملة العزلة التي يشنها الغرب ضد روسيا.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن