ستراتفور: روسيا تبحث عن مخرج في سوريا

قاعدة سوريا روسيا

قال تقرير نشره مركز «ستراتفور» الأمريكي للدراسات الإستراتيجية، إن روسيا تسعى للخروج من سوريا، حيث دعمت قواتها الجوية النظام السوري، وذلك خشية أن تؤدي سنوات إضافية من التدخل في سوريا إلى سقوط روسي في مستنقع الشرق الأوسط.

التقرير استهل بقوله: «مع سيطرتهم على مدينة حلب في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فقد أمنت القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد أكبر انتصار في الحرب الأهلية التي استمرت ست سنوات تقريبًا في البلاد. من الواضح الآن أن الأسد نجا من تهديد خطير لإدارته لأجزاء رئيسية من البلاد».

وأضاف التقرير أن الدعم العسكري والدبلوماسي والمالي من إيران وروسيا لعب دورًا كبيرًا في فوز القوات الموالية للنظام السوري. ولكن على الرغم من قضيتهم المشتركة في سوريا والموارد الكبيرة التي استثمرتها الحكومتان في الحرب، إلا أن موسكو وطهران لا يتفقان في عدة قضايا تتعلق بالنزاع.

أهداف مختلفة

وفقًا للتقرير، فإن البلدين يختلفان بالأساس فيما يتعلق بأهداف دعمهما للنظام السوري. رغم أن روسيا أظهرت تعهدها بدعم القوات الموالية للنظام في سوريا، إلا أن التزام موسكو في النزاع ببساطة لا يرقى إلى مستوى طهران.

أوضح التقرير أنه من خلال تدخلها في سوريا، فإن روسيا تسعى لزيادة مكانتها في الشرق الأوسط، وإظهار مكانتها العالمية، والحد من خطر التطرف وتحقيق النفوذ في المفاوضات مع الغرب.

إيران، من ناحية أخرى، ترى الحرب الأهلية السورية مواجهة حاسمة في معركة وجودية تتصل مباشرة بالأمن الجيوسياسي.

مقارنة بإيران الملتزمة بتحقيق انتصار عسكري كامل بغض النظر عن التكلفة، فإن روسيا لديها رغبة أقل في الاستمرار في المشاركة في صراع مفتوح في سوريا وستنسحب بدلًا من ذلك.

غير أن التقرير ذكر أن الحرب في سوريا لم تنته بعد. فحينما كانت القوات الموالية للنظام السوري تحقق الانتصار في معركة حلب، فقد خسرت مدينة تدمر لصالح تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).

وفي الوقت الذي تشتد فيه وطأة العمليات القتالية، يدرك مخططو الدفاع الروسي أن الحل العسكري على الأرجح سيتطلب سنوات من التدخل الإضافي. لكن سنوات من التدخل الإضافي في سوريا ستؤدي إلى تراجع التصور الحالي للفعالية العسكرية الروسية ويمكن أن تورط موسكو في مستنقع الشرق الأوسط.

حل سياسي تفاوضي

ومع ذلك، ولكي تخلص روسيا نفسها بنجاح من سوريا، فقد ذكر التقرير أنه يجب أن يكون هناك حل سياسي تفاوضي للصراع. تتطلب هذه العملية مشاركة قوات المعارضة ومؤيديهم الأجانب، ولا سيما تركيا. وتحقيقًا لهذه الغاية، فقد عززت موسكو بثبات حوارها مع أنقرة حول سوريا، حتى قبل دفع الأخيرة إلى التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار.

بحسب التقرير، فقد كشفت معركة حلب الجهود الروسية والتركية المكثفة للتوصل إلى حل وسط أنتج في نهاية المطاف اتفاقًا قضى بخروج قوات المعارضة من المدينة في مقابل ممر آمن من جانب الموالين.

وقال التقرير إن الاتفاق بين روسيا وتركيا لم يمض على شكل سلس، على الرغم من ذلك، وذلك بفضل المعارضة الإيرانية الأولية للخطة. في حلب، احتشدت الميليشيات التي تقودها إيران بسرعة لمنع خروج قوات المعارضة، وقبلت طهران اتفاق خروج المقاتلين المحاصرين شريطة أن تُضاف أولوياتها إلى الاتفاق. (إيران طالبت بإدراج القرى الشيعية المحاصرة في الفوعة والكفرية إلى الخطة).

وعلاوة على ذلك، انتقدت طهران علنًا ​​قرار مجلس الأمن الدولي بشأن حلب، الذي صدر بدعم روسي في 19 ديسمبر (كانون الأول)، والذي مرر في اليوم السابق.

ذكر التقرير أن التعقيدات المحيطة بعمليات إخلاء حلب قد أعادت إلى الأذهان جهود وقف إطلاق النار السورية، التي توسطت فيها الولايات المتحدة وروسيا في سبتمبر (أيلول 2016). كانت تلك الهدنة قد فشلت جزئيًا بسبب رفض قوات المعارضة وكذلك القوات الموالية للنظام السوري –بعضها كان يخضع للقيادة المباشرة للحرس الثوري الإيراني- الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية. وقد أعرب الحرس الثوري أيضًا عن معارضته لمشاركة المملكة العربية السعودية وقطر في الجولة القادمة من محادثات السلام على الرغم من جهود روسيا لإدراجهما.

نفوذ ثانوي

رغم نفوذها الكبير على دمشق، فقد شعرت موسكو بالإحباط في محاولاتها لتوجيه الصراع السوري أمام حقيقة أن نفوذها في البلاد هو نفوذ ثانوي مقارنة بنفوذ طهران.

التقرير ذكر أن هذا لم يكن مفاجئًا بالنظر إلى أن إيران تساهم أكثر بكثير من روسيا في المجهود الحربي. تقدم موسكو دعمها في المقام الأول في عالم الدبلوماسية والقوة الجوية.

على النقيض من ذلك، ساهمت طهران بالقوى العاملة. فقد عززت إيران القوات الموالية للنظام السوري مع عشرات الآلاف من مقاتلي الميليشيات، بما في ذلك وحدات النخبة من مقاتلي حزب الله المدعومة من إيران. وعلاوة على ذلك، قدمت إيران مساعدات مالية وفيرة للمساعدة في الحفاظ على الاقتصاد السوري واقفًا على قدميه.

روسيا تدرك هذه القضايا وتتحرك بالفعل لتصحيحها. في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016، أعلنت القوات المسلحة السورية إنشاء تشكيل عسكري جديد -الفيلق الخامس– الذي تجمع بمساعدة من حلفاء سوريا الأجانب، الذين سيدفعون رواتب شهرية كبيرة للمقاتلين تصل إلى 580 دولارًا للفرد.

تشير المؤشرات الأولية -بحسب التقرير- إلى أن روسيا ستقدم معظم الدعم للفيلق الجديد، بما في ذلك الأسلحة والتدريب. إضافة عنصر القوات البرية التي تدعمها روسيا إلى قائمة الموالين، تقدم لموسكو موازنة حاسمة ضد الميليشيات المدعومة من إيران التي أكسبت طهران نفوذًا أكبر في دمشق.

التقرير أكد أيضًا على أنه بالرغم من أن المنافسة بين روسيا وإيران في سوريا قاسية، فمن المهم ألا نبالغ في ذلك. الصراع هو فوضوي بطبيعته، وطهران وموسكو على حد سواء لا تزالان ملتزمتان بقضية مشتركة، وتدعيم القوات الموالية ضد أعدائهم.

وإذ يدركان أن الاقتتال قد يقوض المهمة المشتركة بينهما، تعمل روسيا وإيران أيضًا لضمان قدر أكبر من التنسيق على أرض المعركة. في الواقع، أعلن البلدان في 20 ديسمبر (كانون الأول) عن إنشاء مقر مشترك في سوريا لتنسيق دعمهما للقوات الموالية للحكومة.

ومع ذلك، قال التقرير إن خلافات الموالين لا تزال عاملًا مهمًا في سوريا. هذه الاختلافات لا ترقى إلى مستوى الاقتتال الداخلي، الذي غالباً ما شهدناه في معسكر قوات المعارضة، ولكنها لا تزال تؤثر على الموالين.

واختتم التقرير بقوله: «في بعض الأحيان، تصاعدت الخلافات إلى درجة اتهامات صريحة بالخيانة، كما كان الحال مع انتصار قوات المعارضة على القوات التي كانت تقودها إيران في معركة خان طومان. بينما تسعى موسكو على نحو متزايد إلى إستراتيجية للخروج من الحرب الأهلية السورية، فإن التباين في التزامات روسيا وإيران سيكون الأكثر وضوحًا».

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن