سر امتناع السيسي عن تسليم اتفاق تيران وصنافير للقضاء المصري

السيسي

اتهمت الصحفية المصرية المتخصصة في شؤون القضاء، “رنا ممدوح”، حكومة رئيس عبد الفتاح السيسي، بتعمد تضليل القضاء، وإخفاء المستندات اللازمة لإرساء قيم العدالة في المجتمع، على أثر امتناعها عن تسليم اتفاقية “تيران وصنافير” الموقعة بين مصر والسعودية، للقضاء الإداري، في مخالفة للدستور، وتجاهل لقرارات القضاء، وحق المواطنين في الاطلاع عليها، بحسب وصفها.

جاء ذلك في مقال نشرته “رنا” في صحيفة “المقال”، تحت عنوان “الحكومة تمتنع عن تسليم اتفاقية تيران وصنافير للقضاء الإداري”، تعليقا على ما اعتبرته “امتناع الحكومة عن مد هيئة قضايا الدولة بأي مستندات تمكنها من الوقوف أمام القضاء للمطالبة برفض الدعاوى ببطلان التنازل عن الجزيرتين”، وفق تعبيرها.

وذكرت الكاتبة أن هيئة مفوضي الدولة في محكمة القضاء الإداري، قررت، الثلاثاء، عدم انتظار مستندات الحكومة التي لن تأتي، وكتابة تقريرها في الدعويين المقدمتين من المحاميين خالد علي ومالك عدلي وآخرين، لوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الوزراء بالتوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، التي بموجبها تتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، لتقدمه إلى محكمة القضاء الإداري قبل يوم الثلاثاء المقبل الموافق 7 حزيران/ يونيو الجاري، ليكون معينا لها في تحديد مصير تلك الدعاوى.

وأوضحت “رنا” أن قرار الهيئة جاء بحجز الدعويين للتقرير على ضوء المستندات المتاحة، وعلى ضوء امتناع الدولة عن تقديم أي مستندات، وما قرره الحاضر عن الدولة، من عدم وجود مستندات ينتوي تقديمها بشأن اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، واستمساكه برفض الدعوى.

تفاصيل الجلسة وكواليسها

وكشفت الصحفية تفاصيل الجلسة الأخيرة (التي حضرتها) الثلاثاء، فقالت إن رئيس هيئة مفوضي الدولة المستشار محمد الدمرداش العقالي -الذي مكَّن الحكومة من طلبها في خلال الجلسات الأربع السابقة بالتأجيل لتقديم المستندات-سأل عضو هيئة قضايا الدولة في الجلسة عن أسباب عدم التقدم سواء بنص الاتفاقية الموقعة بين مصر والسعودية بتاريخ 8 نيسان/ أبريل الماضي، أو حتى قرار رئيس الجمهورية بتفويض رئيس الوزراء في التوقيع على الاتفاقيات الموقعة بين مصر والسعودية خلال زيارة ملك السعودية لمصر.

فاكتفى الأخير بتأكيد أن أجهزة الدولة لم تمده بأي مستندات، وأنه لهذا قدم للهيئة، وقبلها المحكمة، مذكرة بعدم  اختصاص القضاء بنظر الدعاوى؛ لكونها تتعلق بعمل من أعمال السيادة.

وعقبت “رنا” بالقول: “بالطبع حديث محامي الحكومة يؤكد أن ما قاله وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، المستشار مجدي العجاتي، يوم الأحد الماضي، حين قال: (مين هيديهم الاتفاقية؟)، ليس استشرافا للمستقبل، ولا قراءة للطالع، وإنما هو تعبير حقيقي عن المنهج الذي تدار به البلاد”.

وأضافت “رنا”: “ما يجب أن نعرفه مواطنين هو أن مصر تنازلت عن جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية بموجب اتفاقية، أما فحوى تلك الاتفاقية فمحظور الاطلاع عليها ليس للمواطنين العاديين فحسب، وإنما للقضاء أيضا”.

وتابعت: “لم تمانع الحكومة، ولا وزير شؤونها القانونية في مخالفة الدستور، وتجاهل قرارات القضاء، فامتنع مجلس الوزراء عن مد هيئة قضايا الدولة بأي مستندات تمكنها من الوقوف أمام القضاء للمطالبة برفض الدعاوى المطالبة ببطلان التنازل عن الجزيرتين، وبرغم ذلك لم تتوان الهيئة -التي تصف نفسها بالخصم الشريف- عن مطالبة المحكمة برفض الدعاوى؛ لكونها تتعلق بأعمال السيادة، دون أن تدعم حديثها بأي مستندات تستطيع المحكمة من خلالها تكوين عقيدة عن الدعاوى التي تمس مصالح المواطنين في عدم المساس بمقدراتهم، ومواردهم، وأراضيهم”.

وكشفت أن محامي الحكومة وقف خلال الجلسة ليخبر هيئة مفوضي الدولة بأن الحكومة لم تمكنه من نص الاتفاقية، ولا البروتوكول الخاص بها، ولا حتى الملاحق الخاصة بها، ولكنه سيحاول أن يحصل عليها في الأيام المقبلة، دون أن يخبر هيئة المفوضين عن آلية الحصول على مستندات بهذه الخطورة، طالما أن الحكومة نفسها لم تعطها لهيئة قضايا الدولة التي تمثلها أمام القضاء، وما إذا كانت الهيئة ستفكر خارج الصندوق، وتبحث بنفسها عن المستندات التي تؤيد قرارات حكومتها، ظالمة كانت أو مظلومة، بالاستعانة بأي من أصدقاء الحكومة المقربين أمثال مصطفي بكري، ومن على شاكلته.

واستطردت أن هذا “جعل هيئة المفوضين توفر على محامي الحكومة عناء التفكير، وتقرر كتابة تقريرها، في ضوء ما قدمه مقيمو الدعاوى من مستندات ووثائق ومراجع تاريخية تؤكد مصرية الجزيرتين، وكذلك ما قدمته هيئة قضايا الدولة من دفاع مرسل، ليس عن سعودية الجزيرتين، وإنما بعدم اختصاص القضاء في نظر الدعاوى”.

تساؤلات مهمة تتعلق بالحكم المنتظر

وأشارت الكاتبة المتخصصة قضائيا إلى أن هذا “يجعلنا نتساءل عن مصير تلك الدعاوى التي ننتظر من هيئة المفوضين، وبعدها محكمة القضاء الإداري أن تكشف عنه؟ ففي ماذا ستفصل المحكمة؟ هل في قانونية توقيع رئيس الوزراء على الاتفاقية؟ أم في ما إذا كانت الاتفاقية تتعلق بجزء من أراضي الدولة التي يحظر الدستور التنازل عنها؟ أو حتى في ما إذا كانت الجزيرتان خارج أو داخل المياه الإقليمية المصرية؟”.

وتابعت “رنا” تساؤلاتها: “ماذا ننتظر من تقرير هيئة مفوضي الدولة، وما سيعقبه من حكم لمحكمة القضاء الإداري، إذا لم تعرض الاتفاقية ومذكرات التفاهم المرتبطة بها على المفوضين والمحكمة؟ هل يمكن مثلا أن تحدد هيئة المفوضين في تقريرها المنتظر مدى صحة تلك الاتفاقية، ومطابقتها للدستور، وما إذا كانت بنودها تتجاوز المسائل الفنية، وما وقعته مصر مع السعودية اتفاقية أم معاهدة تتطلب استفتاء الشعب على بنودها؟”.

وأردفت: “كل تلك الأسئلة في ظل عدم إطلاع محكمة القضاء الإداري، وهيئة مفوضيها، حتى الآن على نص اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية.. تبدو بلا إجابات، خصوصا أن الحقيقة الثابتة حتى الآن هي أن حكومة المهندس شريف إسماعيل بكل وزرائها، وعلى رأسهم الوزير القاضي المستشار مجدي العجاتي، ارتكبوا جريمة التدخل في شؤون العدالة، التي أكدت المادة 184 من الدستور أنها لا تسقط بالتقادم، بتعمد تضليل القضاء، وإخفاء المستندات اللازمة لإرساء قيم العدالة في المجتمع، وضمان عدم تعسف رئيس الجمهورية أو حكومته في استخدام سلطتهم في تبديد موادر الدولة، والتخلي عن أراضيها”.

واستطردت بأن هذا “يجعلنا أمام احتمالين لحكم القضاء الإداري المنتظر: الأول باعتبار توقيع رئيس الوزراء على اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية كأن لم يكن، خصوصا بعد أن فشلت الحكومة في تقديم ما يفيد تفويض رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء في سلطة إبرام الاتفاقيات التي أعطاها الدستور في المادة 151 منه لرئيس الجمهورية فقط”.

أما الاحتمال الثاني -وفق الكاتبة- فهو “عدم قبول الدعوى لعدم وجود قرار إداري بمعنى عدم تفعيل الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ لكونها لم تعرض على البرلمان، ولم يوافق عليها، لا سيما أن رئيس الجمهورية لم يصدق عليها حتى الآن، ولم تنشر في الجريدة الرسمية، وهنا تحتفظ المحكمة بحقها في الرقابة على مدى تطابق فحوى الاتفاقية مع الدستور، إلى حين توصل الحكومة إلى بنود الاتفاقية التي يبدو أنها وقعت عليها.. على بياض”، بحسب الكاتبة.

فرحات: 3 أشياء محيرة في الاتفاقية

وغير بعيد، علّق أستاذ تاريخ وفلسفة القانون، الدكتور محمد نور فرحات، على تنازل السيسي عن الجزيرتين للسعودية، بتدوينة عبر موقع “فيسبوك”، الأربعاء، قال فيها: “هناك أشياء تحير في موضوع معاهدة رسم الحدود مع السعودية، التي ضمت الجزيرتين للسعودية”، حددها كالآتي:

1 – الذى وقع على المعاهدة رئيس الوزراء في حين أن رئيس الجمهورية وفقا للمادة 151 هو المختص بابرام المعاهدات، ولا يجوز له التفويض في السلطات التى اختصه بها الدستور.

2 – أن الحكومة حتى الآن ممتنعة عن تسليم نص المعاهدة إلى مجلس الدولة في القضايا المرفوعة برغم تكليفها بذلك.

3 – أن الحكومة حتى الآن لم ترسل نص المعاهدة إلى مجلس النواب.

وتساءل “نور”: “هل توجد مثل هذه المعاهدة فعلا”؟

قرار هيئة مفوضي الدولة

وكانت الدائرة الأولى بهيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري، قضت الثلاثاء، بحجز دعويي المحامي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي وعلي أيوب، بشأن جزيرتي تيران وصنافير، حتى كتابة التقرير بالرأي القانوني، وتأجيل نظر تسع دعاوى أخرى لجلسة 21 حزيران/ يونيو الجاري.

وتطالب الدعاوى كافة بإلزام رئيس الجمهورية بعرض اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية على الاستفتاء الشعبي، وفقا للمادة 151 من الدستور.

وأكدت الدعاوى أن التقرير الرسمي للأمم المتحدة الصادر بعد التحكيم الدولي بين مصر و”إسرائيل”، يتحدث عن الحدود المصرية، وقد ضم كلا من جزيرتي تيران وصنافير لها.

وأضافت أن الجزيرتين تمثلان مناطق ذات أهمية في خطط الدفاع الاستراتيجي عن مصر، مؤكدة أن قرار التنازل عن السيادة المصرية عليهما من شأنه أن يؤثر على مكانة مصر وهيبتها حتى داخل التحالفات العربية القريبة.

ماذا فعلت هيئة مفوضي الدولة؟

وكانت هيئة مفوضى الدولة قررت في جلستها الأحد 25 أيار/ مايو الماضي، تغريم هيئة قضايا الدولة بصفتها محامى الدولة، مبلغ مائتي جنيه، لعدم تقديم نص اتفافية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وأجلت نظر الدعاوى كافة إلى جلسة يوم الثلاثاء 31 أيار/ مايو الماضي، التي صدر فيها الحكم المتقدم.

الحكومة تعدم جميع الخرائط

إلى ذلك، وجه مجلس الوزراء المصري خطابا إلى وزير الآثار، خالد العناني، يطالبه باتخاذ اللازم نحو تحديث جميع الخرائط المعروضة بالمواقع الأثرية، والتأكد من أنها سليمة وصحيحة، وتشمل كامل حدود مصر، واستبعاد أي خريطة غير كاملة أو صحيحة.

بدوره، طالب الوزير رئيسة قطاع المتاحف بوزارة الآثار، إلهام صلاح، بإعدام جميع الخرائط التي تضع جزيرتي صنافير وتيران ضمن الحدود المصرية.

ونشر المحامي خالد علي، عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، صورة من طلب الوزير، وقد دون أعلاه من جهة اليسار عبارة (هام جدا وسري).

وعلّق “علي” على الطلب بقوله: “الدولة بدأت تعدم كل الخرائط اللي فيها إن تيران وصنافير جزر مصرية بزعم أنها خرائط غير سليمة”.

متطوعون يطلقون موقع “الجزر”

في المقابل، أطلق مجموعة من المتطوعين، موقع “الجزر”، صباح الأحد، لتوثيق حق مصر في جزيرتي تيران وصنافير.

ويجمع الموقع أقساما مختلفة عن القضية، ووثائق تثبت حق مصر في الجزر.

14 يونيو.. الحكم على 51 متظاهرا

وكانت محكمة جنح قصر النيل، قد حجزت الحكم على 51 متهما بالتظاهر يوم 25 نيسان/ أبريل الماضي بوسط القاهرة، رفضا لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، لجلسة 14 حزيران/ يونيو الجاري للحكم.

وأسندت النيابة إلى المتهمين ارتكاب جرائم التظاهر دون ترخيص، وحمل رئيس الجمهورية على الامتناع عن تنفيذ اختصاصاته المخولة له قانونا.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن