«سلاح الغاز».. هل تنتصر ورقة الضغط الروسية على أوروبا؟

«سلاح الغاز».. هل تنتصر ورقة الضغط الروسية على أوروبا؟
«سلاح الغاز».. هل تنتصر ورقة الضغط الروسية على أوروبا؟

المصالح الاقتصادية أقوي أم المصالح السياسية؟ سؤال من المفترض أن تجيب عنه القارة الأوروبية، بتحديد خياراتها خلال الفترة المقبلة، حول خطتها لتغطية حاجاتها من إمدادات الطاقة، لاسيما بعد الضغط المضاعف الذي يواجه السوق الأوروبي، في أعقاب النزاع بين المغرب والجزائر، إذ تعد الأخيرة والنرويج أكبر مصدر للطاقة داخل أوروبا بعد روسيا.

وكانت أوروبا قد خفضت اعتمادها على الغاز الروسي، في أعقاب ضم روسيا لجزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014، تضامنا مع الولايات المتحدة، واستخدمت ورقة الغاز كجزء من العقوبات على الجانب الروسي خلال مطالبتها بتحقيقات شفافة حول تسمم المعارض الروسي، أليكس نافالني، ولكن القارة الأوروبية تواجه وضعا متأزما جراء ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، نتيجة زيادة الطلب على إمدادات الغاز، وانخفاض المخزون بشكل غير مسبوق، مع توقعات بوصول مستويات التخزين إلي الصفر بنهاية مارس المقبل، إذا ما عاندت أوروبا في مسألة استيراد الغاز عبر روسيا.

وهناك أوراق ضغط سياسية يستغلها كل طرف في مواجهة الآخر، فبينما صرح مستشار الأمن القومي لدي البيت الأبيض، جيك سوليفان بأن خط الغاز « نوردستريم ٢» يعد نقطة قوة لأمريكا وحلفائها، في إشارة إلي استخدامه كورقة ضغط في الملف الأوكراني، نجد أن روسيا استخدمته للضغط، عبر تخفيف صادراتها إلي القارة الأوروبية، في وقت يرتفع فيه الطلب، عقب التعافي العالمي من تداعيات جائحة كورونا.

• اصل الصراع هو التنافس على الغاز

خط الغاز « نوردستريم ٢»

ويمتاز الغاز الروسي بقدرة تنافسية، من خلال خط « نوردستريم ٢»، الذي يوصل إمدادات الغاز إلي أوروبا، بحوالي 55 مليار متر مكعب، في وقت تعاني فيه أوروبا من تضاعف أسعار الغاز، ووصلت إلي مستوي قياسي بلغ 155 يورو لكل ميغاواط/ساعة، خلال شهر أكتوبر الماضي، بعدما كانت أسعاره في بداية العام عند 18 يورو، الأمر الذي ضاعف من الضغوط السياسية على أوروبا خاصة مع تحميل هذا العبء على المستهلك.

سعي روسيا نحو إبطاء إمداداتها، قد يقابلها ضعف أوروبي وقبول بالأمر الاقتصادي الواقع، رغم الانتقادات التي تطالبها بتعزيز الاكتفاء الذاتي لمنع تمدد النفوذ الروسي داخل القارة العجوز، في وقت تتفاوض فيه روسيا من منطلق قوة، مشترطة لزيادة صادراتها موافقة أوروبا على خط « نوردستريم ٢»، ما يضعف من استقلال القارة في مجال الطاقة.

وبدوره قال المتخصص في الشأن الروسي، دكتور نبيل رشوان «روسيا تستخدم إمدادات الغاز كورقة ضغط سياسي، خاصة في الوقت الحالي، كونها تستوعب إقدام أوروبا خلال المستقبل القريب الذي قد لا يطول عن 10 سنوات من الأن، على الاعتماد علي الطاقة النظيفة والمتجددة، لذا تبحث عن أقصي استفادة ممكنة خلال تلك الفترة».

خلافات أوروبية

وتزيد أزمة الطاقة من احتمالية نشوب خلاف أوروبي حول استخدام الطاقة النووية، الأمر الذي ترفضه أكبر دولة أوروبية وهي ألمانيا، وتؤيده دول مثل فرنسا وفنلندا والتشيك، بل أنهم ذهبوا إلي ضرورة تغيير لوائح الاتحاد الأوروبي لدعم تصنيف الطاقة النووية كاستثمار صديق للبيئة.

وفي محاولة لنفض غبار الاتهامات، صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن مستوردي الغاز الألمان، هم من تسببوا في رفع أسعاره، عبر إعادة بيع الغاز الروسي إلي بولندا وأوكرانيا، في وقت اتهمت فيه روسيا بإبطاء صادراتها من الغاز لرفع الطلب عليه، والضغط على أوروبا لتسريع موافقتهم على استخدام الخط البحري الجديد.

وأعتبر رشوان أن استغناء أوروبا عن الغاز الروسي، يعد أمرا صعبا خلال الوقت الراهن، لاسيما مع ارتفاع سعر الغاز الأمريكي، وما يتطلب نقله من تكلفة عالية، نتيجة بعد المسافة، وعدم جاهزية البنية التحتية، مشدداً على أنه في حال احتدم الصراع، لن يكون من الصعب على الدول الأوربية، تمهيد البنية التحتية للاعتماد علي الغاز الأمريكي.

أوكرانيا على خط الغاز

وينتهي عقد نقل الغاز الروسي عبر الأنابيب الأوكرانية، خلال 3 سنوات، الأمر الذي يهدد الدخل القومي الأوكراني، من خسارة مليارات الدولارات التي تحصل عليها كرسوم لمرور الغاز عبر أراضيها، ونتيجة الصراع المحتدم بين روسيا وأوكرانيا من جهة، ومحاولة روسيا تحييد أوروبا في حربها مع الولايات المتحدة، تحاول روسيا الضغط على أوروبا للقبول بأسرع وقت بتفعيل خط نوردستريم٢ والذي تم إنشاؤه بالفعل ويمر عبر بحر البلطيق نحو أوروبا.

وتعد القارة الأوروبية هي المستفيدة الأكبر من خط الغاز الروسي، إذ أنه يوفر ثلث إمدادات الطاقة لأوروبا، بالإضافة لأنه منافس قوي لغيره من الإمدادات، باعتباره يوفر أكثر من 25% من الرسوم الحالية، عكس إمدادات أمريكا التي يتطلب تمهيد البنية التحتية للموانئ لاستقبال الغاز المسال.

ويرفع انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، سقف الغضب الروسي وفق رشوان، الذي أكد أن تأثيرات تلك الخطوة، أمنيا واستراتيجيا، تزعج روسيا بشكل كبير، وتفتح الطريق لانضمام دول أخري من منطقة القوقاز التي وصفها بـ «برميل بارود» لروسيا، منوهاً بأن الرئيس الروسي بوتين اجتمع بدول وسط أسيا، لضمان ولائهم إذا ما تراجعت حدة مقاومة روسيا لانضمام أوكرانيا لحلف الناتو.

• أوكرانيا… الهوية الممزّقة بين الغرب وروسيا

فوضي باهظة الثمن

في الوقت الذي تلوح به بعض القوي، لإمكانية فرض عقوبات على الشركات المساهمة في خط الغاز الروسي، تصطدم بصخرة التعويضات الكبرى، لاسيما وأن الشركات الأوروبية – بينهم شركات ألمانية وفرنسية ونمساوية- استثمرت ما يقارب من 5 مليار يورو في ذلك الخط، وفي حال عدم اكتماله، فإنها ستطالب بتعويضات كبيرة.

وحول بدائل الغاز المتاحة للاتحاد الأوروبي حال اتخاذ قرار معاكس بوقف إمدادات روسيا، أشار رشوان إلي أن البدائل كثيرة، متمثلة في نيجيريا وقطر، لافتاً إلي أنه في حال رفع العقوبات عن إيران، من الممكن أن تدخل سوق الغاز الأوروبي.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن