صحيفة إسرائيلية تتحدث عن الدور المصري في قطاع غزة

صحيفة إسرائيلية تتحدث عن الدور المصري في قطاع غزة
صورة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قطاع غزة بعد أن بدأت عمليات إعادة الإعمار - الفرنسية

نشرت صحيفة (هأرتس) الإسرائيلية، مقالاً للكاتب تسفي برئيل يتحدث فيه عن الدور المصري في قطاع غزة.

واستهل الكاتب الإسرائيلي مقاله بالإشارة إلى «دخول عشرات الجرافات المصرية التي رافقها نحو 80 مهندساً وعاملاً بهدف البدء في إعمار غزة، بهدف إزالة الركام الذي خلفه القصف الإسرائيلي في العدوان الأخير».

وقال الكاتب إن «الآليات المصرية أعادت تعبيد اثنين من الشوارع الرئيسة. بعد ذلك ساعد المصريون في بناء البنى التحتية لشوارع أخرى، كجزء من المساعدة التي أعلن عنها والتي تبلغ 500 مليون دولار من أجل إعادة إعمار القطاع. الرابح الأساسي من برنامج إعادة الاعمار هو شركة ‹أبناء سيناء› التي يملكها رجل الاعمال البدوي، إبراهيم العرجاني، الذي يترأس قبيلة الترابين واتحاد رؤساء القبائل في شمال سيناء، الذين يتعاونون مع المخابرات المصرية في محاربة منظمات الإرهاب».

وأضاف برئيل أن «العرجاني، الذي يملك عدة شركات مقاولات من اكبر الشركات في مصر، يعمل حسب توجيهات المخابرات المصرية، التي تحصل بدورها على نصيب كبير من المساعدة المصرية للقطاع ومن نقل البضائع من مصر الى غزة، بالأساس التي تجتاز الحدود في معبر صلاح الدين».

• قريبا.. أول علاقة اقتصادية بين قطاع غزة ومصر

وزاد: «ليس فقط في أعمال إعادة الاعمار الأولى في غزة يوجد لمصر احتكار. فبالتشاور مع إسرائيل والولايات المتحدة والامارات اضطرت قطر الى الموافقة على ترتيب جديد لنقل أموال المساعدة، الذي بحسبه ستدفع للمصريين مقابل النفط والوقود الذي تنقله مصر لحركة ‹حماس›، وتقوم الحركة ببيع الوقود لمحطات الوقود في القطاع ليحول الثمن الى العائلات المحتاجة ولدفع رواتب الموظفين في غزة. الاتفاق المتعرج هذا جاء بسبب معارضة إسرائيل بأن تقوم قطر بتحويل أموال نقدية في الحقائب لـ ‹حماس›، التي بدورها توزعها على 100 ألف عائلة محتاجة، بذريعة أن ‹حماس› تستخدم هذه الأموال لاحتياجاتها العسكرية».

وأضاف: «ليس فقط أرادت إسرائيل استبعاد صور الحقائب من الخطاب الانتقادي، بل ارادت الاثبات بأنها لا تساعد ‹حماس› طالما أنها ترفض اطلاق سراح الأسرى وجثث الجنود الإسرائيليين. هذا كان تعهد وزير الأمن، بني غانتس، الذي قرر أن إعادة اعمار غزة سيكون مشروطاً باتفاق على إطلاق سراحهم. ولكن أيضا هو أدرك بأن الشرط الذي وضعه غير واقعي، بعد محادثات قلقة مع شخصيات مصرية وأميركية رفيعة، اوضحوا له فيها بأن منع المساعدة يمكن أن يؤدي الى جولة قتالية أخرى في غزة وتعريض قدرة مصر على الوساطة للخطر».

وأشار إلى أن «مصر عرضت أن تكون الوسيط غير المباشر للمساعدة القطرية التي تبلغ 30 مليون دولار في الشهر. ولكن إذا كانت في السابق وزعت هذه المساعدة الى ثلاثة بنود، الأول الدفع المباشر للمحتاجين، والثاني لشراء الوقود لمحطات توليد الكهرباء، والثالث لمشاريع استهدفت إيجاد أماكن عمل جديدة والتخفيف من نسبة البطالة العميقة التي وصلت الى 60 في المئة، حسب الاتفاق الذي تم التوصل اليه في 18 تشرين الثاني سيتم تحويل الـ 10 ملايين دولار المخصصة للعائلات المحتاجة الى مصر، وهي ستشتري بها وقودا ليباع في القطاع. يبدو أن مصر وقطر تعهدتا بأن لا تستخدم هذه الأموال لأهداف تسلح “حماس”، لكن لا توجد آلية رقابة ناجعة، مصرية أو غير مصرية، يمكنها أن تمنع ‹حماس› من أن تأخذ نصيبها من مداخيل بيع الوقود».

• العمادي: مصر وحماس تستفيدان ماليا من غزة

ولفت الكاتب الإسرائيلي إلى «محاولة سلطات الاحتلال تجنيد الامارات لتكون عرابة المساعدة بدلاً من قطر، لكنها تلقت إجابة سلبية. أوضحت أبو ظبي بأنها مستعدة للمساعدة في إعادة اعمار غزة فقط إذا كانت مصر هي صاحبة البيت، وهذا موقف تم الاتفاق عليه بين الامارات والأردن والسعودية في أيار الماضي، عندما التقى ولي عهد الامارات، محمد بن زايد، بضع ساعات مع الملك عبد الله في المطار في عمان».

وأكمل أيضا إلى أن «دور مصر يتعاظم في غزة من خلال أنها المزودة لمواد البناء والمواد الاستهلاكية التي تصل الى غزة عبر معبر صلاح الدين، الذي من خلاله يتم استيراد 17 في المئة من البضائع التي تدخل الى القطاع. حجم التجارة في هذا المعبر يبلغ 55 مليون دولار في الشهر، تجبي ‹حماس› منها 14 مليوناً رسوماً وضرائب. المفارقة هي أنه كلما زاد حجم الاستيراد من مصر فإن السلطة الفلسطينية تفقد المزيد من المدخولات، حيث السلطة هي التي يحق لها تسلّم عائدات الجمارك على البضائع التي تصل الى القطاع عبر إسرائيل. وفي حين يحاول رئيس الحكومة ووزير الأمن إقناع الدول المانحة بمساعدة السلطة الفلسطينية، التي تقف على شفا الانهيار الاقتصادي، إلا أنهما يعملان على قضم مداخيلها، مرة من خلال خصم أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل بدلاً منهم كجزء من قانون منع تمويل عائلات السجناء والمخربين الفلسطينيين، ومرة من خلال تقليص حجم التجارة من إسرائيل للقطاع على حساب زيادة التجارة من مصر».

وتابع: «مقابل السيطرة المصرية على التجارة مع القطاع زادت مصر عدد جنود حرس الحدود لديها على طول قطاع غزة، وهي تستخدم الضغط على ‹حماس› من أجل التنازل عن طلباتها وشروطها لعقد صفقة تبادل الأسرى والجثث. في تشرين الأول دعي الى مصر الوفد الأكبر من ‹حماس› لمناقشة اتفاق التبادل، وكان يبدو أنه تم التوصل الى تفاهمات مبدئية يمكنها تحريك العملية. ولكن حسب مصادر فلسطينية فإن إسرائيل لم تعجبها هذه التنازلات».

وقالت مصادر إسرائيلية للصحيفة، إن «الحديث لا يدور عن تنازلات، بل حول صياغة مختلفة لشروط غير مقبولة. على الأرض يتبين أنه رغم الشرط الإسرائيلي الذي يربط بين صفقة التبادل وإعمار القطاع فإن أموال قطر الى غزة ستواصل الدخول، وستواصل مصر أعمال إعادة الإعمار بالوتيرة التي ستحددها، مع صفقة تبادل أو بدونها».

• هذا ما اتفقنا عليه مع حماس.. الرجوب يتحدث عن لقاءات وفد فتح في مصر

وتساءل الكاتب: «أين السلطة؟ مسألة إعمار غزة غير منفصلة عن سياسة الرئيس الأميركي، جو بايدن، والتي تقول إن ادارته تعترف بأنه لا توجد في هذه الاثناء “إمكانية سياسية” للدفع قدماً بعملية سياسية شاملة، لكن هناك ضرورة لتحسين الوضع الاقتصادي في الضفة وفي القطاع. وحسب مصادر دبلوماسية فإن الولايات المتحدة ستكون مستعدة للتبرع بسخاء لإعادة إعمار غزة مقابل اتفاق لوقف إطلاق النار طويل المدى ترافقه ضمانات بأن لا يقوم أي طرف بأي عمل يمكن أن يمس بنتائج إعادة الإعمار».

ولفت الكاتب الإسرائيلي إلى أنه «من أجل ترجمة هذا الموقف المبدئي الى واقع فإن مصر تحاول التوصل الى تفاهمات مع ‹حماس› حول مسائل أساسية، الأهم من بينها استكمال المصالحة بين ‹حماس› و ‹فتح› ».

وحسب القيادي في حركة ‹حماس›، طاهر النونو، فإن مصر قدمت لـ‹حماس› مسودة فيها تفاصيل حول ترتيبات المصالحة التي تستند إلى محادثات المخابرات المصرية مع الشخصيات الكبيرة في ‹حماس›.

واعتبر الكاتب أنه «من السابق لأوانه تقدير درجة نجاح مصر في الدفع قدما بالمصالحة، لا سيما عندما يدير محمود عباس ، الآن، حملة مستقلة للدفع قدماً بالعملية السياسية مع إسرائيل. في هذا الأسبوع التقى عباس الرئيس الروسي، وطلب منه المبادرة الى عقد اجتماع للرباعية التي روسيا عضو فيها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة من أجل تحريك العملية، ويأتي هذا استمراراً للإنذار الذي وضعه لإسرائيل في خطابه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، الذي بحسبه أمامها سنة لإنهاء المفاوضات والانسحاب من المناطق، وإلا فإن السلطة ستتوجه الى محكمة الجنايات الدولية، وستطالبها بالزام إسرائيل بالانسحاب. في هذه الاثناء لا يبدو أن إسرائيل تتأثر بذلك، خاصة ازاء موقف واشنطن وعدم الاهتمام الذي يظهره بوتين للتدخل في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين».

• صفقة كاملة بين حماس ومصر بخصوص غزة

وزعم أيضا: «إلى أن تتم المصالحة بين ‹حماس› و ‹فتح› فإن مصر تحاول اقناع ‹حماس› بالسماح بوجود، ولو رمزياً، لممثلي السلطة الفلسطينية في غزة، من أجل الإظهار بأن أعمال إعادة الإعمار لا تتم فقط امام ‹حماس› وأنها تعمل حسب الاتفاقات السابقة التي تطالب بأن يكون في المعابر مع مصر موظفو جمارك من قبل السلطة. تحرص مصر أيضا على أن تتم كل اعمال إعادة الاعمار بوساطة شركة ‹أبناء سيناء›، التي يمتلكها العرجاني، وليس بصورة مباشرة بوساطة الجيش المصري، رغم أنه فعليا هو الذي يشرف على الأعمال، من أجل أن يكون بالإمكان التوقيع على اتفاقات عمل مع مقاولين من غزة دون أن يلتصق بالحكومة المصرية التعاون الاقتصادي المباشر مع ‹حماس›. هكذا تستطيع مصر الاستعانة بتمويل من السعودية والامارات، اللتين لا تريدان في هذه الاثناء إقامة علاقات مباشرة مع ‹حماس›، لكنهما على استعداد لمساعدة مصر في الحفاظ على احتكار سيطرتها على القطاع».

ورأى الكاتب الإسرائيلي أن «توسيع تحكم مصر بغزة يتساوق بشكل جيد مع سياسة إسرائيل التي تعتبر غزة كيانا منفصلا، وبذلك تضمن عدم إمكانية تحقق اتفاق سياسي حتى في الطرف الفلسطيني. حسب هذه الرؤية فإنه طالما لا يوجد تمثيل فلسطيني موحد ومتفق عليه فإنه لا يوجد لإسرائيل شريك فلسطيني. لذلك، لا يمكن لأي أحد أن يلومها على أنها لا ترى أي جدوى للمفاوضات. ظاهريا هذا الموقف مناقض لمقاربة مصر التي تحاول الدفع قدما بالمصالحة بين ‹حماس› و ‹فتح› ».

واختتم الكاتب تسفي برئيل مقاله بالقول: «اعتبارات إسرائيل غير مخفية عن نظر مصر. وهي لم تعد تصدر أي دعوات لحل شامل للنزاع. هدفها المتواضع هو ترسيخ وقف طويل المدى لإطلاق النار، يشمل مسؤولية كاملة لـ‹حماس› عن كل السلاح الذي يوجد في القطاع، بما في ذلك الذي تقوم بتخزينه واستخدامه تنظيمات أخرى، والتوقف عن أعمال المقاومة العسكرية في الضفة وفي شرقي القدس من أجل ضمان إعمار القطاع والبقاء الاقتصادي لـ ‹حماس›. ولكن حسب ردود المتحدثين باسم ‹حماس› فإن هذه الطلبات أيضا لا تمر بسهولة في حلق ‹حماس› . سيطرة ‹حماس› على التنظيمات الأخرى غير كاملة، ونشاطاتها في القدس وفي الضفة فقط ازدادت بعد عملية ‹حارس الاسوار›، وهي على قناعة بأن الردع الذي تستخدمه أمام إسرائيل أصلا يعطي ثماراً اقتصادية مثل المساعدات التي تحصل عليها من مصر ومن قطر، وفقط هذا يمكن أن يخدمها من أجل أن تنفذ إعمار القطاع».

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن