عسكريو الاحتلال: حان الوقت لإنهاء سياسة التعايش مع حركة حماس

حماس القسام

انقضى عقد من الزمن منذ أن تبنت إسرائيل فكرة تفضيل حكم حماس في غزة على أي حكم او بديل آخر، وذلك لأسباب امنية او سياسية.

وكان إيهود باراك، وزير الجيش الأسبق، في حكومتي أولمرت ونتنياهو، من عام 2007 إلى عام 2013، هو من أسس لهذه النظرية، وأعاد التأكيد عليها خلال عملية “الرصاص المصبوب”. وعندما قررت إسرائيل، في بداية الامر، تجنب تسليم الحكم الى حماس، عارض باراك ذلك الرأي بشدة، وفرض رأيه على الحكومة، وعلى رئيس الوزراء في ذلك الوقت، إيهود أولمرت، الذي كان يقترب من نهاية ولايته في رئاسة الحكومة، فاضطر الى موافقة باراك.

وبعد ان انتخب نتنياهو رئيسا للوزراء، في العام 2009-حيث يرجع الفضل في انتخابه الى شريط الفيديو الشهير، الذي التقط لنتنياهو وهو ينظر الى غزة بينما كان يقف بجانب السياج الحدودي-حينما وعد بإسقاط حكم حماس على الفور، خلافا للسياسة التي انتهجتها سلفه أولمرت.

لكن نتنياهو لم يف بوعده، وخالف أقواله، وتقبل حكم حماس لغزة، وأيد سياسة التعايش مع هذا التنظيم، بدلا من القيام بخطوة عسكرية من شأنها أن تضع حدا نهائيا لحكمه لغزة. وكانت النتيجة وراء سياسة التجاهل، وبالأحرى “التعايش”، هي انهيال صواريخ “القسام” على سكان الجنوب في إسرائيل، واضطرار إسرائيل الى القيام بجولات من الحروب على حماس كل 2 الى 3 سنوات، وفق الكاتب.

وفي وقت لاحق، تبنى نتنياهو سياسة التعايش مع حكم حماس في غزة، لأسباب تتعلق بأهداف عسكرية وسياسية في المقام الأول. فوفقا لتصور نتنياهو، فإن الانقسام بين غزة بقيادة حماس والضفة الغربية تحت سيطرة السلطة الفلسطينية يضعف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مما يؤثر على قدراته التفاوضية وابرام اتفاقيات نيابة عن الشعب الفلسطيني ككل.

ووفق رؤية نتنياهو، فان التهديد الناجم عن محادثات السلام يعتبر أكثر خطورة من التهديد العسكري المتمثل في حماس، والتي لم تتوقف عن إطلاق الصواريخ وتنفيذ الهجمات العسكرية طيلة الوقت.

وبالمقابل، حافظت السلطة الفلسطينية على التنسيق الأمني، مع إسرائيل منذ (13) عاما، الامر الذي أدى، بشكل مباشر او غير مباشر، الى منع المئات من الهجمات خلال تلك السنوات، وفق مصطلح الكاتب.

وقد انعكست سياسة نتنياهو تجاه حماس بشكل واضح في عملية الجرف الصامد في العام 2014. وخلال تلك الحرب، طالبت مصر والسعودية والمجتمع الدولي بإنهاء حكم حماس في غزة، ساعين الى تسليم السيطرة على القطاع إلى السلطة الفلسطينية. الا ان ثلاثة دول عارضت هذا التوجه، وهي تركيا وقطر وإسرائيل. وفي سياق تلك الحرب، أصر نتنياهو على عدم إجراء مفاوضات مباشرة مع حماس. وبعد (51) يوما من القتال، وبعد مفاوضات غير مباشرة، توصل الطرفان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

فضلا عن ذلك، وفي محاولته لإسكات الأصوات في حكومته، وفي الرأي العام، المطالبة بإنهاء حكم حماس، سرب نتنياهو وثيقة عسكرية سرية خلال العملية. ذكرت تلك الوثيقة أنه إذا حاول الجيش الإسرائيلي إسقاط حكم حماس، فسوف تدفع إسرائيل ثمناً باهظاً للعملية، بما يشمل فقدان مئات الجنود. وقد أدى هذا التسريب الى توفير سياسة تأمين لحماس على ما يبدو، كما عزز من ثقتها بنفسها. وفي نهاية تلك الحرب، انتعشت حماس، وابقت على سيطرتها على غزة. وخلال فترة وجيزة تمكنت من استعادة قدراتها العسكرية، ان لم يكن توسيعها وتقويتها.

ويضيف، ينخدع بعض الناس بمقولة ان غزة قد تكون منزوعة السلاح، وأن اقتصادها يمكن أن يتحسن بالتعاون مع حماس. ولكن هذه عبارة عن أحلام. فلن تقوم حماس بنزع أسلحتها من تلقاء نفسها. بل ان التجربة اثبتت أن جزءا كبيرا من المساعدات المدنية يصل في نهاية المطاف إلى حماس التي تقوم بتعزيز قدراتها العسكرية من خلال استعمال هذه المساعدات، وفق الكاتب.

وقصة الانفاق هي أحد الأمثلة الجيدة على نوايا وتوجهات حماس الاستراتيجية: فقد سمحت إسرائيل بمرور مئات الاف الأطنان من مواد البناء الى غزة من اجل اعادة الاعمار. غير ان جزءا كبيرا من تلك المواد كان يستخدم من قبل حماس لبناء الانفاق، وفق الكاتب. وأدى ذلك الى اجبار إسرائيل على إنفاق المليارات من الشواكل لتطوير قدراتها على تدمير الأنفاق. ولا شك بان كل هذا جنون واهدار للموارد لم نكن مضطرين اليه من البداية، وفق الكاتب.

ويخلص الكاتب، دعونا نأمل أن تكون مظاهرات مسيرة العودة، التي تنظمها حماس، والتي هي استمرار للعنف تحت ستار “النشاط المدني”، ستجبر نتنياهو على إعادة حساباته. وربما نأمل ان يتخلى نتنياهو في النهاية عن تصوره بأنه لا بديل عن حماس، وان يدرك في نهاية الامر أن الوقت قد حان للوفاء بوعده للناخبين في العام 2009، ومساعدة مصر والسعودية على استعادة السيطرة على غزة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن