غزة/ المواجهة تترنح بين المباحثات السياسية والضغط الميداني

شيماء مرزوق لم تبتعد غزة يوما عن صدارة المشهد الفلسطيني رغم تزاحم الملفات على الساحة الفلسطينية، ومحاولات قيادة الفصائل وخاصة حركة حماس توجيه البوصلة نحو انتفاضة القدس في الضفة المحتلة، ولكن يبدو أن غزة باتت محركا للأحداث ولاعبا رئيسيا لا يمكن تجاهله حتى على صعيد الأحداث الجارية في الضفة.

جملة من المستجدات حملتها الأيام الماضية جعلت غزة تتصدر مجدداً الحديث الاعلامي والسياسي، أبرزها اكتشاف الاحتلال الاسرائيلي نفقا على حدود القطاع يصل إلى العمق الإسرائيلي الأمر الذي رأى فيه تهديد خطير وأعاد لهجة التصعيد ضد القطاع.

وقبل أن يستفيق الاحتلال من تهديد النفق كان انفجار الحافلة 12 يدوي صداه في القدس، ويعيد للاحتلال رعب العمليات الاستشهادية التي كانت السمة الأبرز لانتفاضة الأقصى.

تبني حماس لمنفذ العملية الشهيد عبد الحميد أبو سرور جعل الاحتلال يتحدث من جديد عن التهديدات التي تشكلها غزة وحركة حماس رغم تأكيد الأخيرة أن العملية فردية.

وتزامنت تلك التهديدات مع الأجواء المتوترة على حدود قطاع غزة والحشود الإسرائيلية، إلى جانب تحذير حركتي حماس والجهاد الاسلامي من أن استمرار تشديد الحصار على غزة لم يعد ممكنا، وأن على الجميع تحمل مسؤولياته، والتشديد بأن توقف الإعمار سيشعل مواجهة جديدة.

وأمام هذه المستجدات تتفاقم المخاوف من احتمال اشتعال مواجهة جديدة بين الاحتلال وقطاع غزة، رغم محاولات الطرفين دفعها بعيداً قدر المستطاع فيما يبدو أن أسبابها قد تفرضها حال تدحرجت الأوضاع الميدانية وتطورت لتجبرهما على خوضها.

ولا يخفي الطرفان أنهما بعيدان عن خوض مواجهة حاليا، حيث صدرت عدة تصريحات من قادة المقاومة والاحتلال تؤكد ذلك، إلا أن جملة المتغيرات الميدانية تتطور.

ولا يمكن اغفال أن عملية الباص دقت ناقوس خطر لدى الاحتلال ووضعت أمامه الهاجس الأكبر الذي كان يحاول أن يتلاشاه منذ اشتعال أحداث انتفاضة القدس مطلع أكتوبر الماضي، لكن نتائج العملية التي لم تسفر عن وقوع قتلى لربما ساهمت في التخفيف من حدة الصدمة والغضب الإسرائيلي، وبالتالي التخفيف من وطأة الرد المتوقع عليها.

كما أن الاحتلال تعامل بدقة وحذر مع ما أعلنته حماس حول منفذ العملية باعتباره أحد عناصرها، وأن العملية تمت بشكل فردي، حيث تكمن الخطورة في حال ثبت أن المنفذ كان على علاقة بقيادة حماس أو أن التعليمات صدرت له من غزة.

وغالباً ما توجه اسرائيل أصابع الاتهام للقسام في غزة، كما جرى قبل عدوان 2014 حينما اتهمت قوات الاحتلال القسام في غزة بالتخطيط والتدبير لاختطاف الجنود الثلاثة في الخليل ما جعل كرة اللهب تتدحرج حتى وصلت غزة.

وقد يكون من الملائم القول إن المواجهة مازالت بعيدة طالما أن الطرفين لا يرغبان بها، وأن الميدان ما زال تحت السيطرة، كما أن المستجدات الأخيرة وحدها ليست كافية لخوض مواجهة.

وعلى صعيد آخر يبدو أن التحركات السياسية خاصة تلك التي تخوضها تركيا في محاولة لفك حصار غزة في مفاوضاتها مع الاحتلال الاسرائيلي يجعل الجميع يتأنى في قرار المواجهة، في محاولة لإفساح المجال أمام حل سياسي قد يفرض الهدوء في قطاع غزة لسنوات، بمعنى أن نتائج المباحثات السياسية ونسبة الفشل والنجاح فيها ستحدد قرب أو بعد المواجهة القادمة.

وعلى صعيد آخر تخوض حركة حماس محاولات مضنية لتحسين علاقاتها ببعض دول الإقليم المؤثرة، وعلى رأسها السعودية ومصر ما يدفعها لضبط النفس قدر المستطاع، خاصة أن الجهود الإقليمية الجارية تسعى لتهدئة الجبهات المشتعلة في المنطقة ضمن ترتيبات دولية وإقليمية والتي تأمل غزة أن يكون لها نصيب منها.

الرسالة نت

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن