يشعر لبنانيون كثر مقيمون في دولة الإمارات العربية المتحدة بالعجز والذنب وهم يشاهدون ما يحدث في بلدهم الذي يسجل انهيارًا إقتصاديًا غير مسبوق، ويعمل عدد منهم على جمع سلع أساسية وأدوية لنقلها إلى عائلاتهم وأصدقائهم.
وعلى غرار عشرات آلاف اللبنانيين المقيمين الإمارات، تصف جنيفر حشيمة شعورها بالذنب كلّما فكّرت بالوضع في بلدها، نظرًا للحياة الفارهة وتوافر كل ما ترغب به في الدولة الخليجية.
وتسأل الشابة (33 عامًا) وهي تتحدّث لوكالة (فرانس برس) “كيف يمكنني الجلوس في بيتي مع مكيف هواء ومع ثلاجة مليئة فيما شعبي وأصدقائي وعائلتي يعانون” في لبنان؟
وتقول “أشعر بالذنب والخجل.. وكل ما قد يدفعني إلى زيارة الطبيب النفسي”.
#هل_تعلمون أنّ نسبة كبار السن الذين يعانون من #الفقر المتعدد الأبعاد في #لبنان 🇱🇧 قد ارتفعت ارتفاعًا حادًا، من عام 2019 إلى عام 2021؟
اطّلعوا على الدراسة الجديدة لـ #الإسكوا لمعرفة المزيد من الوقائع والأرقام 👈 https://t.co/jQchtdpuby@UNarabic @UNNewsArabic @UNICBeirut pic.twitter.com/dvh1WYTV7X
— ESCWA (@UNESCWA) September 17, 2021
المحتويات
أزمة إقتصادية غير مسبوقة
وتتخذ الأزمة الإقتصادية غير المسبوقة التي يعاني منها لبنان منذ صيف 2019 مساراً تصاعدياً، ووصفها البنك الدولي بأنها من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.
وتقدر الأمم المتحدة أن 78% من اللبنانيين باتوا يرزحون تحت خط الفقر في ظل تضخم جامح وارتفاع نسبة البطالة مع فقدان عشرات الآلاف لمصادر دخلهم.
وعلى وقع الأزمة، تراجعت القدرة الشرائية للبنانيين مع انهيار قيمة الليرة بشكل جنوني وفي ظلّ قيود مشدّدة فرضتها المصارف على سحب الودائع.
ومع نضوب احتياطي المصرف المركزي بالدولار، تضاءلت قدرة السلطات على استيراد السلع الحيوية، على رأسها الوقود والأدوية، ما أدى إلى رفع الدعم تدريجاً عنها. وانعكس شح الوقود بشكل كبير على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية، وتجاوزت ساعات التقنين في الكهرباء 22 ساعة خلال الأشهر القليلة الماضية.
كيف يعيش اللبناني في هذه الأيّام، وهل من في السلطة يعرف؟
What is it like to live in Lebanon nowadays? Do political leaders have a clue?#mtvlebanonnews pic.twitter.com/UCFpzShw5U— MTV Lebanon News (@MTVLebanonNews) August 16, 2021
منشورات للمساعدة
عبر وسائل التواصل الإجتماعي، يُطلق لبنانيون منشورات تدعو العائلات والأصدقاء المقيمين خارج البلاد إلى إرسال مواد مفقودة أو ارتفع ثمنها بشكل كبير على غرار حليب الأطفال ومسكّنات الألم والقهوة والفوط الصحية النسائية.
مع انعدام الثقة بالدولة اللّبنانية وقدرتها على وضع حدّ للإنهيار الإقتصادي، قرّر لبنانيون أخذ زمام المبادرة لمساعدة أقربائهم وأصدقائهم وحتى معارفهم بجهود فردية.
وتملأ حشيمة مع عدد من أصدقائها اللبنانيين حقائب سفر بالأدوية ومواد غذائية أساسية وحاجيات أخرى في كل مرة يقرّر أحد معارفهم السفر إلى لبنان.
وتوضح “نحاول مساعدة أهلنا وأصدقائنا قدر الإمكان”.
الطبقة السياسية متهمة
وبينما يتهم اللبنانيون الطبقة السياسية بالفساد والعجز، ويحملها المجتمع الدولي مسؤولية عرقلة جهود الإنقاذ، تقول الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية آية مجذوب لوكالة فرانس برس إن الثقة بالحكومة في أدنى مستوياتها.
وتعتبر أن “ظهور مبادرات محلية وشعبية لسدّ هذه الفجوة وتجاوز الحكومة التي يعتبرونها فاسدة وغير فعالة وغير كفؤة، أمر غير مستغرب”.
وتتابع “على مدى العقود القليلة الماضية، بدّد المسؤولون اللبنانيون مليارات الدولارات من المساعدات الدولية، وقاموا بإثراء أنفسهم وإفقار البلاد” تزامناً مع “إظهار أنهم غير راغبين أو قادرين على توجيه المساعدات الدولية للمحتاجين بطريقة شفافة وفعالة في الوقت المناسب”.
“طيران الإمارات” تساعد
وقرّرت شركة “طيران الإمارات” زيادة وزن أمتعة الركاب المسافرين إلى بيروت حتى نهاية شهر أيلول/سبتمبر الحالي، بمقدار عشرة كيلوغرامات لكل شخص.
بعد زيارتها الأخيرة إلى لبنان، تقول ديما الحاج حسن إنّها أدركت حجم الأزمة الإنسانيّة في هذا البلد.
وتروي لوكالة فرانس برس “كنت في لبنان وكان لدي نقود وسيارة مملوءة بالوقود، ذهبت إلى الصيدلية ولم أستطع العثور على دواء لأمي التي كانت تعاني من إلتهاب في الأذن”.
وتوضح “الأمر مختلف تماماً عندما تتواجد هناك وترى حياة الناس وتشعر بذنب شديد إزاء طريقة إنفاقك للمال، فأي مبلغ صغير هنا يسمح بشراء علب عدة من الأدوية هناك”.
كثير من المساعدات
في دبي، تحزم سارة حسن حقائبها استعدادًا لرحلة إلى لبنان للمرة الثانية في أقل من شهرين. تكتفي بقليل من الأمتعة الشخصية، وتملأ حقائبها بحاجيات لعائلتها وأصدقائها.
وتعدّد حسن (26 عامًا) من بين ما ستأخذه معها مروحتين هوائيتين مزودتين ببطارية، ومسكنات للألم وفوطًا صحية وأدوية للبرد والإنفلونزا ومجموعة من مساحيق البشرة.
وتوضح أنه على وقع شح المازوت، يتم قطع الكهرباء التي يوفرها المولد الخاص لعائلتها مرات عدّة خلال اليوم، ولذا “اشتريت المروحتين لاستخدامهما في البيت لأن جدتي متقدمة في السن ولا نريد أن تشعر بالضيق”.
ويعتزم صديقان لها السفر قريباً إلى لبنان. وتوضح “كلّنا نقوم بدورنا ونأخذ كل ما بوسعنا لعائلاتنا” هناك.
تستذكر حسن شعورها لدى زيارتها لبنان قبل شهر بعد انقطاع لعامين، وتقول “شعرت بالصدمة”.
وتضيف “ترجع إلى هنا إلى منزلك مرتاحًا وكل شيء متوافر” وسط “شعور كبير بالذنب لأنه ليس من العدل أن يعاني الناس هناك للحصول على مواد أساسية”.