لعبة “حماس”: إطلاق الصواريخ لمنع الحرب القادمة في غزة

لعبة

فيما يلي بديهتان أساسيتان لتحليل الوضع المعقد بين حماس و(إسرائيل): الأول هو أن صواريخ غراد لم تطلق من غزة إلى بئر السبع ووسط (إسرائيل) ولم تشارك حماس في إطلاقها، والثاني هو أن حماس و(إسرائيل) غير مهتمتين بالحرب الآن، لكن كل طرف يلعب اللعبة: “امسكوني أنا راح أجن”.

في ليلة الثلاثاء 17 تشرين الأول أطلق صاروخان من طراز غراد على (إسرائيل) أحدهما سقط في البحر والآخر أحدث إصابة مباشرة في منزل في بئر السبع، وبأعجوبة وبقدر من الحيلة التي تتمتع بها أم العائلة التي أحضرت أطفالها الثلاثة إلى الملاجئ في الوقت المناسب لم تتضرر العائلة.

ومع علمهما بأن الجيش الإسرائيلي سيرد بكل قوة، لم تتبن حماس والجهاد الإسلامي إطلاق الصواريخ، وقال بيان صادر عن المنظمتين: “نرفض المحاولات غير المسؤولة التي تهدف إلى تقويض الوضع وتقويض الجهود المصرية بما في ذلك إطلاق الصواريخ وفي الوقت نفسه نؤكد استعدادنا للتصرف ضد العدوان”.

لا توجد منظمات فلسطينية في قطاع غزة باستثناء حركة الجهاد الإسلامي وحماس اللتين تملكان صواريخ غراد بعيدة المدى، وأشار مصدر أمني إسرائيلي إلى اليقظة العالية لدى قوات حماس في ضوء التهديدات الأخيرة لوزير الدفاع ورئيس الوزراء بضرب غزة بالقوة، في حوار مع المونيتور ادعى المصدر أنه من غير المتصور أنه تحت أعين قوات حماس في الميدان نجحت منظمة مارقة في تفعيل قاذفات وإطلاق صاروخين على (إسرائيل)، إذا لماذا أطلقت حماس الصواريخ ولماذا اعتذرت على الفور ونفت المسؤولية عنها؟

سمع قادة حماس التهديدات من (إسرائيل) في الأسبوع الماضي، وقال وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان قبل إطلاق الصواريخ [16 تشرين الأول]: “يجب أن تتعرض حماس لضربة قوية… الشيء الوحيد الذي سيعيد الوضع إلى 29 آذار (بداية تظاهرات السياج الفاصل) ليس محاولات التسلسل بل ضربة قاسية لحماس”، هذا هو الاستنتاج الذي توصلت إليه، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عادة هو أكثر حذرا في كلامه من وزير دفاعه، تكلم بقسوة في افتتاح اجتماع الكابينت في 14 أكتوبر عندما قال: “نحن قريبون من نوع مختلف من النشاط في غزة”.

بالإضافة إلى التصريحين أفيد بأن مجلس الوزراء الأمني “الكابينت” ​​سيعقد يوم الأربعاء [17 أكتوبر] لاتخاذ قرارات بشأن غزة، تم إطلاق الصواريخ قبل عدة ساعات من الاجتماع المخطط.

قادة حماس في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية وكذلك المتحدثون باسم الجناح العسكري لم يستجيبوا لأصوات الحرب من (إسرائيل) ولم يردوا على تهديد نتنياهو وليبرمان، إنهم يعلمون بالتأكيد أن عقيدة الحرب غير الضرورية من جانبهم قد تجعل الحرب أقرب إليهم، في عملية الجرف الصامد (2014) قُتل حوالي 2200 فلسطيني وجُرح عشرات الآلاف، حرب أخرى لن تكون أقل دموية لكن لا أحد من قادة حماس يفكر في وقف المظاهرات التي أوجدت الاهتمام الدولي بحصار غزة، لكن حماس تشعر بقدر من القلق إذا تصرفت لوقف المتظاهرين وإطلاق البالونات، وهذا يعني أن الوضع الراهن سيبقى وليس هناك فرصة لرفع الحصار عن غزة.

بإطلاق الصواريخ أشارت حماس لـ(إسرائيل) ماذا سيحدث لو أن قادتها نفذوا تهديداتهم وشرعوا في “نشاط آخر” في غزة، قامت حماس من جانبها بتغيير حدود اللعبة التي كانت حتى الآن مقتصرة على منطقة السياج أو أطلقت صواريخ قصيرة المدى على المجتمعات المحيطة بقطاع غزة، كان نوعا من المقامرة تهدف إلى منع الحرب القادمة في غزة – ونجحت، تم قياس رد الجيش الإسرائيلي على إطلاق الصواريخ وضبطه، كان أقل بكثير من الاستجابة في يوليو والتي اعتبرت الأكثر شمولية وقوة منذ حرب الجرف الصامد 2014.

(إسرائيل) على الرغم من اللهجة المتشددة لزعمائها، لا تهتم حقاً بحرب شاملة في غزة وبالتأكيد حرب في هذا الوقت مع آلاف القتلى ستضع (إسرائيل) مرة أخرى في وجه النقد العالمي، تهديدات بالإضرار بالمدنيين ومطالبات في محكمة العدل الدولية في لاهاي قد يثير أيضا انتفاضة في الضفة الغربية التي هي بالفعل نابضة بالحياة.

لذلك وافقت (إسرائيل) ظاهريًا على تخلي حماس عن مسؤولية إطلاق الصواريخ لأنه من المريح للجانبين الحفاظ على الغموض وإلقاء اللوم على “منظمة مارقة” أرادت توريط حماس في حرب غير مرغوب فيها، إذا كانت (إسرائيل) قد ادعت غير ذلك، أو بعبارة أخرى قامت حماس أو الجهاد الإسلامي بعملية إطلاق الصواريخ لن يكون من الممكن التعامل مع رد بسيط فقط، وفي مثل هذه الحالة من المعقول أن نفترض أن مجلس الوزراء السياسي – الأمني “الكابينت” كان سيطلب بضغط من الرأي العام لتوجيه تعليمات للجيش الإسرائيلي بتنفيذ تهديدات رئيس الوزراء ووزير الدفاع بتوجيه ضربة قاصمة ضد غزة.

في ليلة الأربعاء [17 أكتوبر] ذكرت مصادر فلسطينية أنه تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة مصرية، لم توافق (إسرائيل) كما هو الحال دائمًا على أي شيء لكن قيادة الجبهة الداخلية أعلنت صباح يوم الخميس العودة إلى الروتين.

عندما اجتمع الكابينت مساء الأربعاء، حذّرت حماس أنه “إذا هاجمت (إسرائيل) غزة فسنرد على الفور”، مرّت الليلة بهدوء، حققت حماس ما تريد، تم فهم الرسالة، وكلمات ليبرمان ونتنياهو اللذين صبا الزيت على النار، تبين أنها كلمات فارغة تهدف فقط إلى صد الانتقادات ضدهم من أنهم لا يملكون حلا حقيقيا لغزة، لا سياسيا ولا عسكريا.

 

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن