لماذا لا يزال برنامج كوريا الشمالية النووي موضع تفاوض؟

لماذا لا يزال برنامج كوريا الشمالية النووي موضع تفاوض؟

بعد جولة من الجهود الدبلوماسية في وقت سابق من هذا العام، أصبحت قضية كوريا الشمالية وأسلحتها النووية في الخلفية إلى حد كبير في الأسابيع الأخيرة، ولكن بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، لن يدوم هذا لفترة أطول.

زخم دبلوماسي

أعلنت الكوريتان أن زعيميهما، كيم جونغ أون ومون جاي، سيجتمعان الشهر المقبل، وسيكون هذا اللقاء الثالث بينهما، وسيأتي خلال شهر حافل بالأحداث الدبلوماسية.

وتخطط كوريا الشمالية لاستضافة احتفال بالذكرى السبعين لتأسيس جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية في الـ 9 من أيلول/ سبتمبر، والذي قد يحضره الرئيس الصيني شي جين بينغ، وبعد يومين، ستستضيف روسيا المنتدى الاقتصادي الشرقي في مدينة فلاديفوستوك القريبة، ومن المتوقع أن يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، وكيم جونغ أون.

كما سيتم افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في الأسبوع التالي، والذي يتوقع الكثيرون أن كيم قد يحضره.

ماذا تغير؟

تقول الصحيفة الأمريكية، إن هدف المفاوضات الجارية الرئيس بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية ليس الاجتماعات، بل نزع السلاح النووي؛ ما لم يشهد سوى تقدم ضئيل منذ أن التقى الرئيس ترامب بكيم في سنغافورة في الـ 12 من يونيو. والآن يقر حتى موظفو إدارة ترامب أن الأمور تسير ببطء شديد، إذ قال مستشار الأمن القومي جون بولتون الأسبوع الماضي إن “كوريا الشمالية لم تتخذ الخطوات التي نرى أنها ضرورية لنزع السلاح النووي”.

وأضاف: “لا يوجد أحد في هذه الإدارة يتوقع نجاح نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية”.

ومن جانبها اتخذت كوريا الشمالية بعض الخطوات التوفيقية الصغيرة، بما في ذلك التفكيك المزعوم لموقع إطلاق الأقمار الاصطناعية في الشهر الماضي، لكن قيمة تلك الخطوات لبرنامج الأسلحة لكوريا الشمالية مشكوك فيها، كما أنها تمت دون إشراف خبراء خارجيين.

وهذا ليس مفاجئًا، فبيان ترامب وكيم المشترك الذي صدر في سنغافورة لا يتضمن سوى القليل من التفاصيل، ولم يشمل سوى موافقة كوريا الشمالية الغامضة على العمل “نحو نزع السلاح النووي الكامل لشبه الجزيرة الكورية”.

إلا أن تفاصيل المفاوضات الخاصة بين الرئيسين قد تكون أقل طمأنة، إذ طلب وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو”، من بيونغ يانغ التخلي عن 60 -70 % من أسلحتها النووية، وهو مطلب لا يضمن نزع السلاح النووي الكامل، ولا تزال كوريا الشمالية ترفضه بشكل واضح.

مستحيل

وفي ظل هذه الظروف، يزعم بعض المحللين الآن، أن دفع كوريا الشمالية للتخلص من أسلحتها النووية هو ببساطة أمر مستحيل. ونقلاً عن مصدر مجهول قال مراسل الصحيفة في كوريا الشمالية أندريه لانكوف: “لقد نجح الكوريون الشماليون بهدوء في تغيير النموذج العام للمفاوضات: ففي حين أن المفاوضات لا تزال تتمحور على الورق حول نزع السلاح النووي، أصبحت المحادثات في الواقع تدور حول الحد من التسلح”.

ومن المستبعد أن يكون لاجتماعات كيم وزعماء العالم المختلفين أي تأثير، وقد يكون لمون بعض التأثير على كيم في بعض الأمور، إلا أنه يعجز عن التأثير عليه فيما يخص القضايا النووية، وأوضح المسؤولون في سول أنهم لا يرون التفاوض على نزع الأسلحة النووية كجزء من مهمتهم؛ فهم يركزون على التعاون الاقتصادي مع كوريا الشمالية وفي النهاية تحقيق نهاية رسمية للحرب الكورية.

ولا يمتلك آبي الياباني أي تأثير على كيم، وقد يكون لبوتين وشي نفوذ أكثر، لكنهما ليسا قلقين بشأن كوريا الشمالية النووية، وبالنظر إلى حالة علاقاتهما مع واشنطن، فلديهما سبب وجيه لتقويض سياسة العقوبات التي تفرضها إدارة ترامب.

ومن المستبعد أن يحقق عقد قمة أخرى بين ترامب وكيم تقدمًا فوريًا، إذ نجحت كوريا الشمالية في إثارة الضغينة بين ترامب وإدارته بمهارة، بإبهار الرئيس بالمبادرات الكبيرة بينما تنتقد المسؤولين -مثل بومبيو- الذين يجب عليهم وضع التفاصيل.

وبلقاء كيم مرة أخرى، سيكون ترامب يمنحه انتصارًا دائمًا، إذ كتب ريان هاس، الدبلوماسي الأمريكي السابق والزميل الحالي في معهد بروكينغز: “إذا التقى ترامب بكيم مرة أخرى دون تأمين تقدم ملموس في نزع السلاح النووي أولا، فسيكون ذلك اعترافًا فعليًا بكوريا الشمالية كدولة نووية”.

وأضاف: “يبدو أن كوريا الشمالية تريد صفقة مشابهة لصفقة الهند، والتي تتضمن إعلان نفسها صراحة كقوة نووية خارج معاهدة حظر الانتشار النووي، قبل العمل على قبولها كقوة نووية شرعية مسؤولة ومشروعة وطبيعية”.

ورغم كل ذلك، لم يمت هدف نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية تمامًا بعد، ولكنه يحتاج بالتأكيد لبعض الإنعاش.

الصبر

وللقيام بذلك، سيحتاج المفاوضون الأمريكيون إلى الصبر، فبعد زيارة بومبيو لبيونغ يانغ في الشهر الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الكورية الشمالية بيانًا يشير إلى أنها ترى أن المحادثات الجارية مع الولايات المتحدة هي عملية تدريجية، تتضمن نزع السلاح النووي في نهاية المطاف فقط.

والهدف الآن هو العثور على الخطوة المقبلة الصحيحة. وفي صحيفة “فورين أفيرز”، اقترح الصحفيان أنكيت باندا وفيبين نارانج أن الولايات المتحدة يجب أن تضغط على كوريا الشمالية لكشف المدى الكامل لأسلحتها النووية، وصواريخها الباليستية، والمنشآت المرتبطة بها، قبل العمل على تحديد الإنتاج.

وفي الوقت نفسه، دعا رئيس هيئة الحظر العالمي للتجارب النووية بيونغ يانغ للسماح لمفتشي الهيئة بالدخول، وقالت لاسينا زربو، من اللجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية: “التحقق هو ما يجلب الثقة”.

وفي مقابل هذه المبادرات، قد تعرض الولايات المتحدة تخفيف بعض العقوبات على كوريا الشمالية، وهي خطوة متوقع أن تكون موضع ترحيب خاص في كوريا الجنوبية، إذ يزداد الغضب بسبب القيود التي تمنع التعاون الاقتصادي بين الكوريتين.

ومع ذلك، فمن الصعب إقناع الولايات المتحدة بمثل هذه الأفكار، بعد أن احتفلت بالفعل بتجريد كوريا الشمالية من الأسلحة النووية، والتي اتخذت من العقوبات سلاحًا لتطبيق السياسة الخارجية، لكن في الوقت الراهن، يبدو من الصعب الحصول على خيارات سهلة أو حتى جيدة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن