لهذه الأسباب إسرائيل لن تنقل الصراع من سوريا الى لبنان

لهذه الأسباب إسرائيل لن تنقل الصراع من سوريا الى لبنان

هل تراجعت إسرائيل عن تنفيذ ضربة عسكرية ضدّ “حزب الله” بعد تحذير روسيا لها إذا ما قامت بأي اعتداء على لبنان، أم أنّها ماضية في ما تذرّع به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العادية الـ 73 من أنّ وجود 3 مواقع عسكرية للصواريخ تابعة لـ”حزب الله” على مقربة من مطار بيروت الدولي، يُهدّد أمن إسرائيل، من وجهة نظره، لتبرير شنّ الضربة؟! وهل أدّت الجولة الميدانية التي قام بها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وعدد كبير من السفراء والقناصل والديبلوماسيين المعتمدين لدى لبنان في محيط المطار حيث تبيّن لهم عدم وجود أي مواقع قرب ملعب العهد أي في المنطقة التي جرى تحديدها، هل أدّت فعلها لدى المجتمع الدولي في دحض مزاعم نتنياهو وادعاءاته الكاذبة؟!

أوساط ديبلوماسية لبنانية واكبت المؤتمر الصحافي الأخير لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي دعا اليه جميع السفراء المعتمدين في لبنان، ولبّاها 73 سفيراً وقنصلاً عاماً وقائماً بالأعمال وممثل منظمة، وذلك للردّ على ادعاءات نتنياهو، ذكرت بأنّ إسرائيل، غالباً ما تستخدم المجتمع الدولي لتشكو له أنّ أمنها مهدّد إن كان من المقاومة الفلسطينية في الداخل، أو من المقاومة اللبنانية على حدودها، لكي تُظهر نفسها في موقع الدفاع عن النفس دوماً وحماية أمنها، وليس في موقع المعتدي على الآخرين، وذلك على عكس الواقع. علماً أنّ إسرائيل لا تُنفّذ قرارات مجلس الأمن الدولي ولا سيما تلك المتعلّقة بانسحاب قوّاتها من الأراضي العربية المحتلّة وفق القرار 242 والقرارات الأخرى ذات الصلة، أو بتطبيق حقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ودفع التعويضات المترتّبة عليها، على ما نصّ عليه القرار الدولي 194، ولا تتعرّض لأي محاسبة من قبل مجلس الأمن كونها محمية من الفيتو الأميركي.

من هنا، فإنّ ما قام به نتنياهو لجهة الكشف عن مواقع صواريخ لـ “حزب الله”، على ما ادّعى أمام الجمعية العامة، لم يكن مستغرباً، على ما أوضحت الاوساط، وخصوصاً أنّ إسرائيل مستمرّة في تهديداتها للحزب، كما في إيجاد التبريرات لشنّ حرب جديدة عليه، سوى في أنّه أراد تأمين الغطاء الدولي للقيام به. ولأنّ العقوبات الأميركية ستتشدّد أكثر فأكثر بدءاً من 4 و15 تشرين الثاني المقبل على إيران، كما على “حزب الله”، حاول نتنياهو في الأمم المتحدة الاستفادة من المشكلة القائمة بين المجتمع الدولي والحزب للحصول على تأييد دولي لخطوة تنفيذ الضربة العسكرية المقبلة على لبنان، لكنّه لم يُفلح.

وترى الاوساط أنّ ما قامت به الديبلوماسية اللبنانية من خلال تحرّكها سريعاً بهدف دحض أكاذيب نتنياهو، والذي واكبه ليس فقط الديبلوماسيون المعتمدون في لبنان، إنّما عدد كبير من وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، أظهر للمجتمع الدولي من خلال النقل المباشر الذي جرى للجولة الميدانية الديبلوماسية والإعلامية في ملعب العهد القريب من مطار بيروت، أن لا وجود لمواقع صواريخ تُهدّد إسرائيل أو سواها. رغم ذلك استمرّت إسرائيل في اتهاماتها من خلال كلام وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الذي شكّك في الجولة المذكورة قائلاً: “من الواضح أنّ تلاعباً ما قد حصل. وما أودّ أن أقترحه هو أنّه في المرة المقبلة، يجب اصطحاب الصحافيين على الفور بدلاً من الانتظار 72 ساعة، كما جرى في المرة الأولى”. ولم يكتفِ بذلك فقط، بل أضاف أنّ إسرائيل لديها معلومات عن منشآت سريّة أخرى لإيران و”حزب الله” في بيروت، وسوف تُعلن عنها في الوقت المناسب أو عندما يحين وقتها.

وكشفت الاوساط أنّ بعض الديبلوماسيين المشاركين في الجولة، أو حتى الذين اعتذروا عن المشاركة فيها، كانت لديهم الشكوك نفسها حول إمكانية إزالة هذه المواقع من قبل “حزب الله”. لكنّها أكّدت بالتالي أنّه من المستحيل أن يقتنع المجتمع الدولي بمثل هذا التشكيك إذ لا يجوز إخفاء مخازن أو مواقع للصواريخ بهذه السهولة، ما يشير الى أنّها لم تكن موجودة أساساً، وإلاّ لكانت ظهرت للعيان.

وبالنسبة للأوساط نفسها، فإنّ ما يتعلّق بإمكانية شنّ ضربة إسرائيلية على لبنان لا يُمكن الجزم إذا ما كانت ستحصل أم لا، أو ستكون موسّعة أو محدودة أم لا. فإسرائيل غالباً ما تقوم باعتداءات مفاجئة على أهدافها ولا تعطي إنذاراً أو إشارة لذلك. وأوضحت الاوساط، أنّ ما يتمّ التداول به حالياً هو أنّ إسرائيل تريد نقل ساحة الصراع من سوريا الى لبنان، إلاّ أنّ المعطيات المتوافرة تشير الى أنّها لن تُقدم على مثل هذه الخطوة، إذ بمجرّد ضربها لمطار بيروت بحجّة أنّ ثمّة مواقع لـ “حزب الله” حوله، أو ما تدّعي أنّها مخازن صواريخ للحزب أو سوى ذلك، أو للجسور والبنى التحتية، فهذا يعني أنّها أعلنت الحرب مجدّداً على لبنان، وخرقت بالتالي القرار الدولي 1701 الذي اتخذه مجلس الأمن في 12 آب 2006 بهدف وقف الحرب التي دارت آنذاك على مدى 33 يوماً، والذي دعا في الفقرة التنفيذية الأولى منه الى “وقف كامل لجميع العمليات الحربية بالاستناد خصوصاً الى وقف فوري لكلّ الهجمات من جانب “حزب الله”، ووقف فوري لكلّ العمليات العسكرية الهجومية من جانب إسرائيل”.

أمّا التبرير الذي تلجأ اليه إسرائيل اليوم للحصول على تأييد دولي لشنّها أي ضربة عسكرية مقبلة على لبنان، أو على “حزب الله” فيه، فلا يُبرّر خرقها للقرار 1701 الذي سبق وأن خرقته آلاف المرّات تقول الاوساط، من دون أن تقوم بمعركة فعلية مع الجانب اللبناني. في الوقت الذي يُطالب فيه لبنان، أن يقوم الجانب الإسرائيلي بالتزام القرار المذكور وبتطبيق ما هو مطلوب منه في الفقرة الثانية منه التي تنصّ على أنّه “في ظلّ وقف كامل للأعمال الحربية، يدعو حكومة لبنان و”اليونيفيل”، كما هو مقرّر في الفقرة 11 الى نشر قوّاتهما معاً في الجنوب، ويدعو حكومة إسرائيل – مع بدء الانتشار – الى سحب جميع قوّاتها من الجنوب اللبناني بالتوازي مع ذلك”، وهي لم تنسحب حتى اليوم ممّا تبقّى من الأراضي التي تحتلّها في لبنان من مزارع شبعا الى تلال كفرشوبا. كما ذكّرت بأنّ الفقرة 5 من القرار ذاته تنصّ على “تجديد الدعم القوي لسلامة اراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي ضمن حدوده المعترف بها دولياً، كما هو منصوص عليه في اتفاق الهدنة العام بين لبنان وإسرائيل في 23 آذار 1949″، ما يعني حرص المجتمع الدولي على الحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان، ورفض ما يتذرّع به نتنياهو للقيام بضربة عسكرية مقبلة على لبنان.

وإذا كانت إسرائيل أصبحت تجد نفسها مقيّدة اليوم لعدم تمكّنها من ضرب إيران في سوريا بسبب تزويد روسيا لها بمنظومة الدفاع الصاروخية المتطوّرة “أس 300″، ولهذا تنوي ضربها في لبنان والعراق، على ما سبق وهدّدت، أفادت الأوساط نفسها بأنّ إيران قد سلّحت “حزب الله” بصواريخ متقدّمة ودقيقة أيضاً، ولهذا فلا يُمكن أن يتجاهل الجانب الإسرائيلي هذا الأمر وألا يُدخله في حساباته الجديدة قبل التفكير في شنّ اي اعتداء جديد على لبنان.

 

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن