ماذا يستفيد السودان من تسليم البشير وأعوانه للجنائية الدولية؟‎

ماذا يستفيد السودان من تسليم البشير وأعوانه للجنائية الدولية؟‎

أثار إعلان الحكومة السودانية، باتفاقها مع الحركات المسلحة، مثول جميع المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية أمام المحكمة، الشارع السوداني بين مؤيد ومعارض للخطوة.

ويواجه الرئيس المخلوع عمر البشير المعتقل في سجن كوبر بضاحية الخرطوم بحري ضمن كبار قادة نظامه بعد الإطاحة بحكمه في 11 أبريل/ نيسان الماضي، 5 تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتهمتين بارتكاب جرائم حرب في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي فيما يتعلق بالأعمال العسكرية السودانية في دارفور بين عامي 2003 و .2008

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمري اعتقال بحق البشير، الأول في آذار/ مارس 2009 ثم في تموز/ يوليو .2010، لكنه يرى أن المحكمة سياسية ويرفض المثول أمامها والاعتراف بها.

وأفاد عضو المجلس السيادي السوداني، محمد حسن التعايشي، في بيان، أن الحكومة اتفقت مع جماعات التمرد خلال اجتماع في جوبا عاصمة جنوب السودان على 4 آليات منها ”مثول الذين صدرت بحقهم أوامر القبض أمام المحكمة الجنائية الدولية“.

وقال التعايشي كذلك إن الجانبين اتفقا على إنشاء ”محكمة خاصة بجرائم دارفور منوط بها تحقيق وإجراء محاكمات في القضايا بما في ذلك قضايا المحكمة الجنائية الدولية“.

فيما يذهب محامي البشير، محمد الحسن الأمين، إلى أن الرئيس السابق رفض أي تعامل مع المحكمة الجنائية الدولية كونها ”محكمة سياسية“، وأن القضاء السوداني قادر على التعامل مع أي قضية.

وتضع الحركات المسلحة وأبرزها حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور، إلى جانب سكان إقليم دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجبال النوبة، محاكمة البشير كشرط لإكمال ملف السلام في البلاد.

التسليم ضروري

ويرى الخبير القانوني، كمال الجزولي، أنه من الضروري تسليم البشير والمطلوبين لدى الجنائية الدولية من نظامه السابق، وأضاف أن“عدم تسليمهم للجنائية يمثل خرقًا للفصل السابع من قانون مجلس الأمن الدولي، ويلقي بظلال سالبة وتبعات على السودان“.

ورفض الجزولي، خلال تصريح لـ ”إرم نيوز“، الربط بين تسليم المطلوبين لدى الجنائية الدولية وسيادة البلاد، وقال:“ ليست هنالك علاقة بين السيادة وتسليم البشير وأعوانه“، موضحًا أن السودان قبل عضوية الأمم المتحدة وميثاقها، ووضعنا أنفسنا في مقام تطبيق القانون الدولي، ووصف الحديث عن عدم تسليم البشير وأعوانه للجنائية لتأثيره على السيادة بـ ”الغوغائية“.

ورأى الجزولي أن ممارسة السيادة أصبحت تفرز هذه الأشكال من التعاون الدولي الذي تقدم عليه الدول بكامل إرادتها وإن بدا فيه بعض التنازل عن السيادة.

وذكر أن القانون السوداني لم يشمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وقال إنه كان يمكن محاكمة البشير وأعوانه بالداخل في الجرائم المرتكبة في عامي 2003 و 2004، وبالتالي لا نستطيع أن نحاكم هذه الجرائم بأثر رجعي بعد إدخال القانون الجنائي الدولي على القانون السوداني في العام 2010.

فرصة للقضاء المحلي

ويرى المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، عبده مختار، أنه من أجل تحقيق العدالة يجب أن يسلم البشير لمحكمة الجنايات الدولية لما ارتكبه من جنايات، لكنه استدرك:“في الواقع نرى أنه يجب إعطاء فرصة للقضاء السوداني، وفي حال لم يثبت القضاء استطاعته محاكمة البشير في وقت محدد في القضايا المختلفة بعدها يمكن للحكومة أن تسلم البشير للجنائية“.

وأضاف أنه في حال لم تكن في القانون السوداني مواد تحاكم البشير وأعوانه في هذه القضايا المقدمة من الجنائية الدولية لا مناص من تسليمه للجنائية خاصة أن الشعب السوداني يترقب تحقيق العدالة.

وتوقع مختار، خلال تصريح لـ ”إرم نيوز“، تأثيرًا سلبيًا لتسليم البشير للجنائية الدولية على صعيد الاستقرار السياسي بين طرفي الشراكة السياسية في الحكومة الانتقالية ”العسكريين والمدنيين“، ورأى أن المدنيين في السلطة يسعون لتسليم البشير، بينما يمانع العسكر بذلك، ما يفجر صراعًا يؤثر بدوره على الحكم الانتقالي.

وقال مختار إن تسليم البشير يستلزم موافقة الحركات المسلحة لكونها هي التي اشترطت تسليمه لأجل إتمام السلام في البلاد، وأضاف:“إذا أصبح السلام مرتبطًا بهذه الخطوة يجب تسليمه“.

لا فائدة

لكن الخبير في العلاقات الخارجية، السفير علي يوسف، يرى أنه لا فائدة مباشرة من تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير للمحكمة الجنائية الدولية، في القضية المحولة إليها من مجلس الأمن الدولي بشأن قضية إقليم دارفور.

وقال يوسف لـ ”إرم نيوز“ إن هنالك ما يسمى بـ ”القاعدة التكاملية“ في نظام محكمة الجنايات الدولية يمكن اللجوء إليها بحيث يتولى قضاء الدولة معالجة القضايا حتى التي فيها الجرائم التي تخضع للمحكمة الجنائية، مثل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وأضاف:“طالما أن هنالك قوانين تعالج الخروقات الذي يفترض أن يحدث هو أن يقوم القضاء السوداني بالمحاكمة“، موضحًا أن الحالة الوحيدة لإحالة القضية للجنائية الدولية حينما يكون قضاء الدولة غير قادر على هذا الدور بفشل القضاء أو عدم وجود قوانين للمحاكمة أو أن الدولة لا تريد ذلك.

وأفاد أنه في حال كان القضاء السوداني قادرًا على ذلك ينبغي أن يحاكم البشير وأي شخص آخر في جرائم دارفور بإخضاعه للقانون السوداني بتطبيق كل الإجراءات القانونية.

ورأى يوسف أن هنالك كثيرًا من التسييس في مسألة المحكمة الجنائية، وقال:“حقيقة لا أرى أن المحكمة تقوم بمحاكمات عادلة، وهناك رؤساء دول يقومون بجرائم حرب ولا توجه إليهم أي تهم من المحكمة“.

وذكر يوسف أن هنالك قرارات صادرة من الاتحاد الأفريقي بعدم تسليم البشير للجنائية، وبعد الإطاحة بحكم البشير أكرم لنا كسودانيين أن يحاكم شخص حكم السودان أكثر من 30 عامًا في الداخل.

وفور سقوط نظام البشير في 11 أبريل/ نيسان الماضي، طلبت محكمة الجنايات الدولية من السلطات القائمة على الحكم في السودان، تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير.

وفي الـ3 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعلنت قوى الحرية والتغيير – قائدة الاحتجاجات-، توافق جميع مكوناتها على تسليم الرئيس المعزول عمر البشير، للمحكمة الجنائية الدولية، حال برأه القضاء السوداني.

وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ردت رئيسة القضاء السوداني، نعمات عبد الله محمد خير، على تساؤل السفير البريطاني لدى السودان، عرفان صديق، حول تسليم البشير للجنائية، مؤكدة أن إحالة الرئيس المعزول عمر البشير، إلى المحكمة الجنائية الدولية، ”ليست من اختصاص السلطة القضائية“ في البلاد.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن