ما هي الرسالة التي أوصلها نتنياهو للرئيس عباس قبل لقاء واشنطن؟

محمود عباس و بنيامين نتنياهو
محمود عباس و بنيامين نتنياهو

أرسل رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رسالة واضحة ولا تحتاج لكثير من التفسير للرئيس الفلسطيني محمود عباس، مفادها بأنه لا وقف للاستيطان أثناء العودة لاى مفاوضات تتعلق بعملية السلام، اقترابا مع موعد لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثالث من مايو القادم.

رسالة نتنياهو والتي تضمنت المصادقة من قبل ما يسمى بوزارة الإسكان الإسرائيلية وبلدية الاحتلال في القدس، على إنشاء 10 آلاف وحدة استيطانية جديدة، في مطار القدس وأراضي قلنديا المحيطة في المنطقة الاستيطانية المسمى “عطروت” المقامة على أراضي الأهالي في شمال غرب القدس.

ويعد هذا المخطط الاستيطاني الجديد أكبر عملية بناء إسرائيلية تقام من وراء الأراضي المحتلة عام 1948، في منطقة القدس منذ عام احتلالها عام 1967، و يقطع أي تواصل بين وسط القدس وباقي أنحاء الضفة الغربية، والهدف هو عزل تام للقدس وللمسجد الأقصى المبارك عن محيطها الفلسطيني.

وللوقوف على تبعيات هذا القرار والرسائل التي أراد نتنياهو إيصالها للرئيس عباس، وقال الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون المقدسية راسم عبيدات :” الرسالة التي أراد نتنياهو أن يوصلها لعباس بأنه لا وقف للاستيطان مع العودة للمفاوضات، وعلى عباس العودة بدون أية شروط مسبقة، وبأن مصير القدس خارج أية مفاوضات وهو يحسم ذلك من خلال “تسونامي” استيطاني في القدس ببناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية، والتي كان آخرها الإعلان عن مخطط استيطاني جديد في منطقة قلنديا ومطارها، بإقامة عشرة الآف وحدة استيطانية جديدة للمتدينين الصهاينة”.

وأضاف عبيدات، وواضح بأن هناك تفاهم أمريكي- إسرائيلي على ذلك فالشروط التسعة التي حملها المستشار الخاص للرئيس الأمريكي جيسون غرينبلات بلقائه عباس في مقر المقاطعة برام الله لا تتحدث عن وقف للاستيطان، بل كبح جماح هذا الاستيطان خارج الكتل الاستيطانية الكبرى التي على حد قول البيان ستضم الى إسرائيل في إطار تبادل الأراضي والحل النهائي، ولا قيود على استمرار الاستيطان في القدس.. وسيحاول الطرف الأمريكي بالتفاهم مع إسرائيل حرف النقاش وجدول الأعمال عن القضايا الجوهرية وهي الإحتلال والاستيطان الى قضايا التحريض ووقف رواتب الشهداء والأسرى .

لا حلول سياسية في معادلة الإستيطان

وفي معرض رده على الرؤية السياسية القادمة والحلول التي تحاول الإدارة الأمريكية طرحها في ظل البناء الإستيطانى قال عبيدات: “من غير الممكن البناء على حلول سياسية قادمة ستكون منصفة ولو نسبيا للشعب الفلسطيني من قبل هذه الإدارة الأمريكية المعادية علنا لحقوق الشعب الفلسطيني، حيث الشواهد والدلائل كثيرة، ومنها عدم تخلى الإدارة الأمريكية عن خطتها لنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وتعيين سفير متطرف لها، ومؤيد وداعم للاستيطان بكل أشكاله في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة “ديفيد فريدمان”… حديث الرئيس الأمريكي ومندوبته “نيكي هايلي” في الأمم المتحدة، بأن عهد تقريع إسرائيل في الأمم المتحدة قد ولى، وبأنها ستضرب بالحذاء كل من يقدم على انتقاد إسرائيل فيها، وكذلك الرفض الأمريكي لمناقشة وإدراج بند حقوق الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

مواصلا حديثه، وهذه الشواهد والمعطيات تقول بأن هناك سعي أمريكي إلى قبر حل الدولتين، والاستعاضة عن ذلك بطرح مبادرة سياسية محددة عنوانها، حل سياسي مؤقت مع وعود شكلية بعيدة المدى بأن يكون حل وفق إطار حل الدولتين، والحل الذي ستأتي به هذه القرارات الأمريكية يتناغم مع مشروع نتنياهو للحل، سلام اقتصادي يؤبد ويشرعن الاحتلال مقابل تحسين شروط وظروف حياة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال بتمويل من صناديق عربية ودولية، وهذا الحل سيكون من خلال إطار إقليمي تشارك فيه دول ما يسمى بـ” الناتو” العربي الذي تسعى واشنطن لتشكيله، وان يشارك في الإطار الإقليمي للحل من اجل الضغط على الفلسطينيين للموافقة على الحلول السياسية المؤقتة، والتي لن تخرج عن إطار اقتصادي فلسطيني إسرائيلي أردني، أو تقاسم وظيفي في فيدرالية أردنية فلسطينية للأراضي الزائدة عن حاجة الأمن الإسرائيلي.

بالتوازي مع ما يسمى “يوم القدس”

هذا وأعلنت صحيفة هآرتس، أمس، عن المخطط يشتمل على آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية، مؤكدة أن وزارة الإسكان الإسرائيلية ومنذ تولي دونالد ترامب الرئاسة شرعت بتحريك مخططات استيطانية بالقدس والتي كانت مجمدة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

ولفتت الصحيفة إلى أن الوزارة شرعت مؤخرا بتحديث مخطط الحي الاستيطاني في عطروت، إذ يشرف مخطط المدن في الوزارة ألون برنهرد، على المخطط الذي سيعلن عنه رسميا بالتوازي مع ما يسمى “يوم القدس” الذي يصادف في شهر أيار/مايو.

وبحسب الصحيفة، المخطط الاستيطاني يضم أراض في مطار عطروت الذي تم تركه من قبل الاحتلال مع اندلاع الانتفاضة الثانية في تشرين الأول/كتوبر 2000، بسبب مخاوف الاحتلال من إقدام المقاومة الفلسطينية على إطلاق النار على الطائرات.

ويشمل الحي الاستيطاني على 15 ألف وحدة سكنية تمتد على نحو 600 دونم من المطار المهجور ومصنع الصناعات الجوية حتى حاجز قلنديا، وهي مساحات من الأراضي صودرت في مطلع السبعينات على يد حكومة حزب العمل آنذاك.

المخطط الاستيطاني يعد له بمعرفة أمريكا

من جهته اعرب تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، عن استغرابه من أن تعلن كل من وزارة الإسكان الإسرائيلية وبلدية الاحتلال في القدس رسمياً عن هذا المخطط الاستيطاني في الوقت، الذي يدير فيه وفد فلسطيني مشاورات مع طاقم الإدارة الأمريكية، الذي يتولى ملف التسوية السياسية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وفي الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات لعقد لقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكأن الإدارة الأمريكية الجديدة قد أعطت الضوء الأخضر للبدء بتنفيذ هذا المخطط الاستيطاني الواسع بالتوازي مع ما يسمى “يوم القدس” الذي يصادف في شهر أيار المقبل، وفي سياق التفاهمات الثنائية، التي تم عقدها بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي والتي ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه توصل إليها في زيارته الأخيرة لواشنطن ولقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأركان الإدارة الأمريكية الجديدة منتصف شباط الماضي.

ودعا خالد وفق ما رصده تقرير” وكالة قدس نت للأنباء”، إسرائيل إلى وقفها دون قيد أو شرط والكف عن التعامل مع إسرائيل باعتبارها دولة فوق القانون الدولي، وتحظى بالحماية والرعاية من الإدارة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي وغيره من منظمات ومؤسسات وأجهزة الأمم المتحدة.

بينما أعرب مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبد القادر عن خشيته من أن يكون المخطط الاسرائيلي لاقامة 10 آلاف وحدة استيطانية في المدينة المقدسة حصل على ضوء أخضر أمريكي.

وقال عبد القادر للإذاعة الرسمية إن هذا ما سيستطلعه الرئيس عباس خلال زيارته لواشنطن الأسبوع القادم، مشددا على أن الوضع خطير ولا بد من اتخاذ اجراءات حاسمة ضد استمرار الاستيطان وهو ما سيفعله الرئيس عباس خلال هذه الزيارة التي تسعى إسرائيل للتشويش عليها.

واعتبر عبد القادر أن هذا المخطط الاستيطاني هو الأخطر من نوعه منذ عام 1967، وسيمس بشكل حقيقي وواقعي بامكانية قيام دولة فلسطينية كونه يقطع أي تواصل بين وسط القدس وباقي أنحاء الضفة الغربية.

عدوان خطير مخطط له

الفصائل الفلسطينية من جهتها ادانت بناء وحدات استيطانية بالقدس واعتبرته عدوان خطيرا على شعبنا، وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم، في تصريح صحفي إن “الدعم الأمريكي والصمت الدولي وتماهي الرئيس عباس مع السياسات الأمريكية بالعودة إلى المفاوضات شجع الاحتلال على جرائمه وانتهاكاته؛ ما سيشكل غطاء رسمي لتهويد القدس وقيام الدولة اليهودية العنصرية المتطرفة”.

أما حركة حركة “الجهاد الإسلامي” في فلسطين، وصفت التوسع الاستيطاني بالعدوان الخطير الذي يستهدف تهويد القدس، وقال مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، داود شهاب، :” إن هذا العدوان الخطير يتم بدعم أمريكي كامل، فيما تُصر السلطة وقيادتها على نيل الرضا الأمريكي ولو على حساب الثوابت والقيم الوطنية”.

هذا وحذرت دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، وفق ما رصده تقرير الوكالة من المخططات الاسرائيلية، التي بدأت اسرائيل في تسريبها لوسائل الاعلام كمخططات مدعومة من قبل حكومة بنيامين نتنياهو وقيد التنفيذ.

وبحسب وزارة الإسكان في الحكومة الإسرائيلية وبلدية الاحتلال، فإن مخطط إقامة 10 آلاف وحدة استيطانية، يشمل بناء جديد في “مطار القدس” وأراضي قلنديا المحيطة في المنطقة الاستيطانية المسمى “عطروت” والمقامة على أراضٍ فلسطينية شمالي غرب القدس المحتلة.

ومن الجدير بالذكر أن المفاوضات بين رام الله وتل أبيب، توقفت منذ نيسان/ أبريل 2014؛ جراء رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والقبول بحدود 1967 كأساس للتفاوض، والإفراج عن أسرى فلسطينيين قدماء في سجون حكومته.

ومؤخرًا، اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية أن مواصلة إسرائيل الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أمر “لا يُساعد في عملية السلام”.

وتبنى مجلس الأمن الدولي، في 23 كانون أول/ ديسمبر 2016، مشروع قرار بوقف الاستيطان وإدانته، بتأييد 14 دولة (من أصل 15 دولة هم أعضاء مجلس الأمن)، بينما امتنعت الولايات المتحدة (في عهد باراك أوباما) عن التصويت دون أن تستخدم حق النقض “الفيتو”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن